شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي، حملة جديدة من التوغلات العسكرية داخل الأراضي السورية، مستهدفة قرى ريفي القنيطرة ودرعا، في تصعيد جديد يضاف إلى سلسلة الانتهاكات المتواصلة على الحدود الجنوبية لسوريا.
وتأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه المنطقة تعزيزا مستمرا للوجود العسكري الإسرائيلي، في خرق واضح ومباشر لاتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974، وبما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وقالت مصادر محلية لـ «القدس العربي» إن قوات الاحتلال توغّلت فجر الإثنين داخل أراضي قرية معرية في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، حيث شهدت القرية تحركات كثيفة للآليات العسكرية، ما أثار حالة من الرعب والهلع بين السكان الذين استيقظوا على أصوات إطلاق النار والتحركات المسلحة في محيط منازلهم.
وفي مساء اليوم نفسه، شنت دورية إسرائيلية مؤلفة من دبابتين وعدد من العربات العسكرية حملة مداهمة وتفتيش واسعة لمنازل أهالي قرية العجرف في القطاع الشمالي الغربي لمحافظة القنيطرة، ضمن مواصلة محاولات «الاحتلال في ترسيخ السيطرة على المناطق الحدودية، وفق المصادر.
وأوضحت الناشطة الميدانية سلام هاروني أن هذه التحركات تأتي غداة توغل ست سيارات عسكرية إسرائيلية في قرية أوفانيا، دون أن تُعلن تفاصيل الحملة أو أهدافها، وذلك في إطار «نمط ثابت من التوغلات العسكرية الإسرائيلية المحدودة المساحة لكنها عالية التأثير على السكان المحليين».
السيطرة على الممرات الحدودية
وأكدت أن قوات الاحتلال «ترسخ مواقعها منذ عدة أيام في نقطة الحميدية التي أنشأتها داخل الأراضي السورية التي احتلها الجيش الإسرائيلي بعد سقوط نظام الأسد حيث يقوم الجنود برفع سواتر ترابية وتعزيز مواقعهم العسكرية، لتثبيت وجود قوات الاحتلال على الأرض والسيطرة على الممرات الحدودية الحيوية».
وتكثف القوات الإسرائيلية تحركاتها في قرية الحميدية، حسب المصدر «حيث عقدت اجتماعا غير معلن مع مختار القرية، أعقبه توغل محدود داخل القرية وتوزيع مساعدات إنسانية شملت وقودا ومحروقات، بينما أكد أهالي القرية رفضهم القاطع لتلك المساعدات، سواء من مادة المازوت الموزعة بمعدل 10 لترات لكل منزل، أو كميات الطحين والمواد الغذائية، رافضين المشاركة في أي شكل من أشكال التطبيع مع قوات الاحتلال».
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن ثلاث آليات عسكرية إسرائيلية توغلت أمس، مسافة محدودة داخل أراضي قرية معرية قبل أن تنسحب بعد وقت قصير، فيما تسبب التوغل في إثارة توتر واسع بين السكان المحليين الذين استيقظوا على أصوات تحرك الآليات وإطلاق النار، في مؤشر واضح على تأثير هذه العمليات على حياة المدنيين وأمنهم.
وكانت قرية معرية نفسها قد شهدت في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي توغلاً برياً محدوداً مشابهاً، رافقه إطلاق نار كثيف من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، ما يعكس سياسة ثابتة تقوم على تهديد السكان وترويعهم، في وقت تتواصل فيه انتهاكات الاحتلال على الحدود السورية الإسرائيلية.
وتقع قرية معرية في أقصى الجنوب الغربي لمحافظة درعا، قرب الجولان السوري المحتل، وتبقى هذه المنطقة هدفاً مستمراً للتحركات العسكرية الإسرائيلية، بما يشكل خرقاً صارخاً لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974 وقواعد القانون الدولي.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ فترة تنفيذ اعتداءات متكررة، عبر التوغل داخل الأراضي السورية في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتدين سوريا هذه الاعتداءات، وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم لوقفها.
ووسّع الجيش الإسرائيلي مناطق سيطرته في مرتفعات الجولان جنوب سوريا، بعد احتلاله الجانب الشرقي من جبل الشيخ والذي يشرف من أعلى قمته على لبنان وفلسطين والأردن وسوريا، كما دخل عدة بلدات في الجنوب السوري على الحدود، ودمر البنى التحتية والمرافق العسكرية.
وقد اتجهت أنظار إسرائيل مباشرة بعد انهيار نظام الأسد، إلى السيطرة على المنطقة العازلة التي تراقبها الأمم المتحدة، ففي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، سارعت القوات الإسرائيلية حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان «إلى احتلال أجزاء واسعة من المنطقة المنزوعة السلاح، التي تمتد بطول يقارب 75 كيلومتراً، ويتراوح عرضها بين عشرة كيلومترات في الوسط ومئتي متر في أقصى الجنوب. و
على مدار خمسة عقود، شكلت هذه المنطقة حاجزاً أمنياً محورياً تحت إشراف قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، ما أسهم في الحفاظ على درجة من الاستقرار الحدودي، رغم غياب معاهدة سلام رسمية بين الطرفين».
اتفاقية فك الاشتباك
وأضاف المصدر أنه «في خطوة مدروسة تعكس تحوّلاً استراتيجياً، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنَّ اتفاقية فك الاشتباك لم تعد سارية، معتبراً أنَّ الترتيبات السابقة فقدت صلاحيتها في ضوء الواقع الجديد. ورافقت الاحتلال الإسرائيلي عمليات تضييق كبيرة على مهام قوة الأمم المتحدة، حيث انخفض عدد دورياتها اليومية من 55 ـ 60 مهمة إلى ثلاث ـ خمس فقط. كما كشفت تقارير ميدانية عن إنشاء القوات الإسرائيلية منشآت عسكرية جديدة ووضع رموز سيادية داخل المنطقة العازلة، في انتهاك مباشر للصلاحيات الممنوحة للبعثة الأممية. فإلى جانب السيطرة على المنطقة العازلة، عمدت إسرائيل إلى توسيع رقعة نفوذها الإقليمي».
تعزيز الهيمنة الإسرائيلية
كما كشفت التحرّكات الإسرائيلية على الأرض، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، عن نية واضحة لتعزيز الوجود العسكري طويل الأمد في المناطق السورية المحتلة حديثاً، فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية إنشاء إسرائيل عدة قواعد عسكرية جديدة. وأكّدت تقارير إذاعة الجيش الإسرائيلي أنَّ تسع قواعد أُقيمت منذ ديسمبر/ كانون الأول 2024، توزّعت على النحو التالي: قاعدتان في جبل الشيخ، لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية على أعلى النقاط الجغرافية في المنطقة، وسبع قواعد عسكرية داخل المنطقة العازلة، ما يعكس توجهاً نحو تثبيت الاحتلال بشكل دائم.

              
تعليقات الزوار
لا تعليقات