قال وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، إن المغرب لم ينجح في فرض الحكم الذاتي كحلّ حصري لقضية الصحراء الغربية، داعيا الولايات المتحدة الأمريكية إلى التخلي عمّا أسماه “موقفها الوطني ولعب دو الوسيط الحقيقي”.
وكان مجلس الأمن الدولي صوت يوم الجمعة، لصالح دعم خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية، معتبرا أنها “الحلّ الأكثر واقعية” للإقليم المتنازع عليه، داعيا جميع الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات بناء على هذه الخطة، مع تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام واحد.
ولم تصوت الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو على القرار الذي صاغته الولايات المتحدة ، فيما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت.
وكشف عطاف، في مقابلة خاصة مع قناة ” الجزائر الدولية 24″، مساء الأحد، في أول ردّ من مسؤول جزائري رفيع على قرار مجلس الأمن الأخير، أن المغرب حاول خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن حول الصحراء الغربية، استغلال المناسبة لتمرير مشروع قرار يخدم أهدافه التاريخية المعروفة في هذه القضية.
واستطرد يقول: “مجلس الأمن يعقد سنويا جلستين مخصصتين لقضية الصحراء الغربية، الأولى في شهر أبريل/ نيسان لتقييم عمل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو)، والثانية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول لتجديد عهدة هذه البعثة الأممية”.
وأضاف: “المملكة المغربية أرادت هذه المرة اغتنام جلسة أكتوبر/ تشرين الأول للقيام بمرور بالقوة في قضية الصحراء الغربية، لتمرير أهدافها التاريخية المعروفة”.
وأوضح أن الهدف الأول للمملكة المغربية يتمثل في “القضاء على البعثة الأممية “مينورسو” سواء عبر حلّها نهائيا أو إدخال تغيير جذري على عهدتها، في حين يتمثل الهدف الثاني في فرض مشروع الحكم الذاتي، كما يسمّى، كإطار وحيد وحصري للبحث عن حلّ للقضية الصحراوية. أما الهدف الثالث، فيكمن في القضاء نهائيا على فكرة تقرير المصير للشعب الصحراوي”.
وفي سياق متصل، أبرز الوزير الجزائري أن “المشروع الأصلي الذي حاول المغرب تمريره بين هذه الأهداف بكل وضوح، وهو ما أثار ردود فعل رافضة من العديد من الدول، وليس من الجزائر فقط”.
كما كشف أن ثماني دول قدّمت تعديلات ضد مشروع القرار المغربي، بعدما رأته “غير منصف، وغير عادل، ومنحازا كلية لطرح واحد على حساب الطرف الثاني”.
وذكر عطاف أن “الحال اليوم بعد تبني القرار يختلف عما كان المغرب يطمح إليه”، وأن “البعثة الأممية لم تحلّ ولم تفكك ولم تكن هناك إعادة نظر في عهدتها، بل على العكس، مشروع القرار الأولي كان يتحدث عن مهلة 3 أشهر إضافية للبعثة والآن أصبحت المهلة سنة وفق تجديد عادي كما كان الحال في السابق”.
وأشار عطاف إلى أن المغرب “لم ينجح في فرض الحكم الذاتي كحلّ حصري للقضية الصحراوية، بل اللائحة النهائية تتحدث عن الحكم الذاتي لكن مع البدائل الأخرى، ولا سيما البديل المطروح من طرف الصحراويين، وهو ما يعني أن اللعبة السياسية والدبلوماسية أصبحت مفتوحة.
كما أوضح أنه تمّ “فكّ الارتباط الذي أراده المغرب بين الحكم الذاتي وممارسة حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير الذي أصبح منصوصا عليه وفقا للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وطبقا للائحة 14-15 المنظمة لممارسة حقوق الشعوب في تقرير مصيرها”.
ومضى يقول: “تمّ تحديد جبهة البوليساريو والشعب الصحراوي منصوص عليهما في لائحة مجلس الأمن التي حددت ضمنيا طرفي النزاع، ما ألغى اللبس الذي كان يحاول المغرب تاريخيا إدراجه على أن النزاع هو جزائري مغربي، والحقيقة أن الجزائر لم تكن أبدا طرفا في هذا النزاع”.
وشدد عطاف على أن الجزائر مقتنعة بثلاث قناعات، وهي “أولا، أن يبقى إطار الأمم المتحدة هو الإطار الذي يجب أن تتم تحت قبته معالجة القضية الصحراوية، والبحث عن حلّ سياسي لها. ثانيا، وعلى غرار كل الشعوب الأخرى، للشعب الصحراوي المشروعية والأحقية في تقرير مصيره. ثالثا، لا بدّ من مفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو. أعتقد جازما ومخلصا أن هذه القناعات الجزائرية قد تمّ التكفل بها وتعكسها اللائحة الأخيرة التي تبناها مجلس الأمن”.
وأشار عطاف إلى أن ما يعزز ارتياح الجزائر، هو تصريح مسعد بولوس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال في تصريح تلفزيوني قبل يومين إن الحكم الذاتي لم يعد هو الإطار الوحيد لحلّ القضية الصحراوية وإنما المجال مفتوح للبدائل.
وأعلن اتفاق الجزائر مع فكرة بولوس، بخصوص ضرورة المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع: المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، إضافة إلى حق تقرير المصير عبر استشارة الشعب الصحراوي عن طريق التصويت.
وأضاف يقول: “الولايات المتحدة لها موقفها الوطني من قضية الصحراء الغربية وهو معروف، واليوم تريد أن تلعب دور الوسيط الذي يجب أن يتخلى عن موقفه الوطني وأن يبحث على الحلّ الذي يرضي الطرفين ويلتقيان حوله وهذا ما نستنتجه من تصريحات مستشار ترامب الأخيرة”.
واسترسل: “هناك واقعية تملي علي شخصيا أن ألاحظ أن الولايات المتحدة أصبحت تفرق بين موقفها الوطني وموقفها كوسيط في هذه العملية من خلال استعدادها للعمل مع الأمم المتحدة وتحت قبتها، لأن الأمم المتحدة لها عقيدة وممارسات وقوانين وضوابط تحكم تصرفها في معالجة القضايا الاستعمارية”.
وختم يقول: “نحن نأمل أن نرى في المستقبل القريب العودة لهذه المراجع الدولية فيما يخص حق الشعوب في تقرير مصيرها. اليوم هناك 17 كيانا تسمّى بأراض لا تتمتع بسيادتها يعترف لها بحق تقرير المصير، فلا يعقل ولا يمكن أن تقصى القضية الصحراوية بمفردها وتحرم من حقها في تقرير المصير كسائر الشعوب الأخرى. هناك قناعة في الأمم المتحدة وبالخصوص داخل مجلس الأمن بأن حق تقرير المصير هو حجر الزاوية. اللائحة التي صدرت عن مجلس الأمن في بنودها العملية تحدثت مرتين عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره دون ربطه بالحكم الذاتي”.

تعليقات الزوار
لا تعليقات