أخبار عاجلة

مقترح قانون قمعي في البرلمان الجزائري لتقييد محتوى منصات التواصل مثل فيسبوك وتيكتوك ويوتيوب

طُرح في البرلمان الجزائري مقترح قانون جديد يتضمن تنظيم عمل المنصات الرقمية الكبرى في الجزائر وحماية الفضاء السيبراني الوطني، في إطار الدورة البرلمانية العادية 2024-2025 ضمن الفترة التشريعية التاسعة.

ويهدف هذا المقترح الذي قدّمه النائب بوهالي عبد الباسط ويشمل منصات كبرى مثل فيسبوك وتيك توك وإنستغرام ويوتيوب، إلى وضع إطار قانوني صارم لضبط نشاط هذه المنصات داخل الجزائر، حمايةً للأخلاق العامة والأمن الرقمي والسيادة الوطنية.

وفي عرض الأسباب، أوضح صاحب المقترح أن انتشار المنصات الرقمية العالمية بشكل واسع في الجزائر أدى إلى بروز آثار سلبية تمس القيم والأمن، ما يتطلب تدخلا تشريعيا عاجلا. وأشار إلى أن هذه المنصات أصبحت فضاءً مفتوحا لنشر المحتوى الفاحش وخطاب الكراهية والتحريض على العنف والممارسات غير الأخلاقية، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا للثوابت الدينية والاجتماعية للمجتمع الجزائري.

كما شدد على ضرورة حماية الأطفال والشباب من التعرض للمحتوى الضار أو المضلل، مذكّرا بأن دراسات دولية، منها صادرة عن منظمة اليونسكو، تشير إلى أن أكثر من 40% من الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتعرضون لمحتوى ضار عبر الإنترنت.

ويرى المقترح أن المنصات الكبرى تشكل أيضا تهديدا للأمن السيبراني بسبب جمعها كميات ضخمة من بيانات المستخدمين دون رقابة كافية، ما يفتح الباب أمام تسريب المعلومات الحساسة واستغلالها تجاريا أو في أنشطة غير قانونية.

كما يدعو إلى تعزيز السيادة الرقمية للجزائر من خلال فرض قواعد واضحة تمكّن الدولة من التحكم في الأنشطة الرقمية داخل حدودها، بما في ذلك مراقبة البيانات التي تُجمع عن المستخدمين الجزائريين، وفرض فتح مكاتب محلية للمنصات العالمية للتعامل المباشر مع السلطات، على غرار التجربة التركية التي اعتُبرت ناجحة في هذا المجال.

ويستند المقترح إلى تجارب دولية، منها تركيا والهند وألمانيا، التي أصدرت قوانين مماثلة. ففي تركيا، ألزم القانون الصادر عام 2020 المنصات بتعيين ممثل قانوني محلي وفرض غرامات تصل إلى 10 ملايين ليرة في حال عدم الامتثال، كما أتاح للسلطات إزالة المحتوى الضار خلال 24 ساعة، ما أدى إلى فتح مكاتب محلية وتقليص خطاب الكراهية. أما في الهند، فقد فُرض عام 2021 على المنصات تعيين موظفين محليين للتعامل مع الشكاوى وإزالة المحتوى الضار بسرعة، مما أدى إلى انخفاض كبير في المحتوى المضلل. وفي ألمانيا، ساهم تطبيق قانون “نيتس دي جي” سنة 2018 في إلزام المنصات بحذف المحتوى الإجرامي في غضون 24 ساعة وفرض غرامات كبيرة على المخالفين، حسب ما أورده النائب.

ويحدد مقترح القانون الجزائري الأهداف الرئيسة في تنظيم الفضاء الرقمي بما يحافظ على القيم الوطنية والدينية، ويحمي الأطفال والمراهقين، ويعزز السيادة الرقمية، ويخلق بيئة آمنة عبر فرض غرامات صارمة على المنصات غير الملتزمة.

ويتضمن مشروع القانون 14 مادة، تنص في مادتها الأولى على أن الهدف هو تنظيم نشاط المنصات الرقمية الكبرى في الجزائر وضمان حماية المستخدمين والفضاء السيبراني الوطني. وتشمل أحكامه كل منصة أو خدمة إلكترونية يتجاوز عدد مستخدميها النشطين في الجزائر مليون مستخدم شهريا أو تحقق إيرادات محلية تفوق سقفا تحدده السلطة الوطنية للفضاء الرقمي. ويُعرّف المشروع المنصة الرقمية الكبرى بأنها أي موقع أو تطبيق يقدم خدمات التواصل الاجتماعي أو مشاركة المحتوى أو التجارة الإلكترونية أو الإعلام الرقمي.

وتُلزم المادة الرابعة المنصات المشمولة بفتح مكتب محلي في الجزائر وتعيين ممثل قانوني بصلاحيات كاملة للتعاون مع الجهات الحكومية والقضائية. كما تنص المادة الخامسة على وجوب إزالة أي محتوى مخالف للقوانين الجزائرية في أجل لا يتجاوز 24 ساعة من تاريخ التبليغ الرسمي، مع وضع آلية واضحة وسهلة للمستخدمين الجزائريين للإبلاغ عن المحتوى المخالف.

أما المادة السادسة، فتُلزم المنصات بتخزين بيانات المستخدمين داخل الجزائر أو في مراكز بيانات محلية معتمدة، وتمنع نقلها إلى الخارج دون ترخيص رسمي. كما تفرض المادة السابعة تقديم تقارير نصف سنوية إلى الهيئة الوطنية للفضاء الرقمي حول عدد الطلبات الحكومية لإزالة المحتوى وكيفية الامتثال.

وفي ما يخص حماية القيم والمجتمع، تنص المادة الثامنة على منع نشر أو الترويج لأي محتوى يمس الآداب العامة أو يحرض على الفجور أو العنف أو الكراهية أو العنصرية، مع إلزام المنصات بإنشاء أنظمة رقابة داخلية فعالة لرصد وإزالة هذا المحتوى. كما تحدد المادة التاسعة التزامات إضافية لحماية القصر، من بينها فرض قيود عمرية دقيقة وتوفير أدوات رقابة أبوية وحظر الإعلانات المضللة للأطفال.

وتنص المادة العاشرة على ضرورة إزالة المحتوى الضار أو غير الأخلاقي خلال 24 ساعة من تلقي الإشعار، وبشكل فوري في الحالات الخطيرة مثل التحريض على الانتحار أو العنف الجنسي ضد الأطفال. وتحدد المادة الحادية عشرة العقوبات المترتبة على مخالفة القانون، والتي تشمل غرامات مالية تصاعدية وتدابير تقييد أو حجب الخدمات، إضافة إلى المسؤوليات الجنائية عند الاقتضاء.

وفي حال المساس الخطير بالأمن الوطني أو النظام العام، تمنح المادة الثانية عشرة السلطات المختصة صلاحية اتخاذ تدابير فورية تشمل تقييد الخدمة أو إلزام المنصة بإجراءات تصحيحية عاجلة. كما تنشئ المادة الثالثة عشرة الهيئة الوطنية لتنظيم الفضاء الرقمي، التي تتبع مباشرة رئاسة الجمهورية، لتتولى مراقبة تنفيذ القانون وإصدار التوصيات واللوائح والتنسيق مع الهيئات الإقليمية والدولية.

غير أن مقترح القانون، رغم أهدافه المعلنة في حماية القيم والأمن السيبراني، يثير في المقابل مخاوف من تكثيف الرقابة على الفضاء الرقمي وتقليص هامش حرية التعبير، بالنظر إلى الصلاحيات الواسعة التي يمنحها للسلطات في مراقبة المحتوى واتخاذ إجراءات فورية كالتقييد أو الحجب.

وذكر بعض المتابعين في تعليقاتهم أن الشروط الموضوعة قد تستخدم لأغراض رقابية تتجاوز حماية المستخدمين، ما يجعل النقاش حول التوازن بين الأمن والحرية الرقمية مطروحًا بقوة مع هذا المقترح.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات