مثّل الاتفاق المعدّل بين المغرب والاتحاد الأوروبي بشأن المنتوجات الزراعية ضربة موجعة لبوليساريو، التي لم تستوعب صدمة تجاهلها من قبل التكتل خلال المفاوضات التي أفضت إلى التوصل إلى حلّ يرضي المملكة ويحترم ثوابتها الوطنية، حيث ينص البروتوكول على استفادة المنتجات القادمة من الصحراء المغربية من نفس شروط الولوج التفضيلي إلى السوق الأوروبية التي تتمتع بها تلك القادمة من باقي جهات المغرب، ما يشكل اعترافا بسيادة المملكة على الإقليم.
واتهمت الجبهة الانفصالية في بيانات، الاتحاد الأوروبي باستبعادها من المشاورات، منتقدة ما أسمته "انتهاكا" لحقوق الشعب الصحرواي، زاعمة أنها ممثله الشرعي، ملوحة باللجوء إلى كل السبل القانونية للطعن في الاتفاقيات المعدلة.
ويقيم الاتفاق الجديد بين الرباط وبوركسل الدليل على الرفض الصارم للاتحاد الأوروبي لأي شكل من أشكال الاعتراف السياسي أو البروتوكولي ببوليساريو، ما يفاقم عزلة الجبهة الانفصالية، لا سيما بعد فشل اللوبيات التي تدعمها في التشويش على العلاقة الراسخة بين المغرب والتكتل.
ووقعت المملكة والاتحاد الجمعة بمقر المفوضية الأوروبية ببروكسل على تبادل الرسائل المعدلة للاتفاق الفلاحي الذي يربط بين الطرفين والذي يؤكد متانة شراكتهما القائمة على تعاون موسع ومتعدد الأبعاد، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء.
وينتظر أن تسعى بوليساريو إلى الطعن في الاتفاق الجديد لدى محكمة العدل الأوروبية، بالاعتماد على ما أصدرته بعض الهيئات الموالية لها، مثل ما يُعرف بـ"المرصد الدولي لمراقبة ثروات الصحراء المغربية"، الذي نشر الأربعاء بيانا قال فيه إن "المدافعين عن القضية الصحراوية وخبراء القانون ومنظمات المجتمع المدني عبر أوروبا، أدانوا الاتفاق الجديد بين الرباط وبروكسل".
وكانت المحكمة رفضت العديد من الطعون التي قدمتها بوليساريو في بعض القضايا مؤكدة افتقار الجبهة إلى الصفة القانونية التي تخولها الطعن في القرارات الأوروبية، ما يبعث برسالة مفاده أن الجبهة الانفصالية تصنف على نطاق واسع بأنها كيان غير شرعي.
وباءت مساعي الجبهة وداعميها للإضرار بمصالح المملكة بالفشل، في ظل تشبث العديد من الدول الأوروبية بتعزيز شراكتها مع المغرب وهو ما يؤكده رفضها لقرار المحكمة الأوروبية في أكتوبر/تشري الأول 2024 بإبطال الاتفاقية.
واستجاب الاتحاد الأوروبي لشرط المغرب بإدراج المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية ضمن الاتفاق التجاري المعدل ومنحها نفس المعاملة التفضيلية الممنوحة لباقي المنتجات المغربية، فيما تعتبر المملكة هذا الإدراج اعترافًا لا لبس فيه بأن هذه المنطقة جزء لا يتجزأ من المجال التجاري المغربي، مما يعزز موقفه في القضية.
ويضمن الاتفاق الجديد استمرار الرافد الاقتصادي والتنموي في الأقاليم الجنوبية، وهو أساسي في استراتيجية المغرب لتعزيز مغربية الصحراء.
وعززت الرباط موقفها من خلال تأكيد مكانتها كشريك اقتصادي واستراتيجي محوري للاتحاد الأوروبي في إفريقيا والعالم العربي، خاصة في محيط إقليمي يشهد تحديات متزايدة.
وتتالى نكسات بوليساريو مع انفضاض أغلب داعميها من حولها وتراجع حضورها في أوروبا، في وقت تمارس فيه منظمات ونشطاء ضغوطا لغلق مكاتبها في البلدان الأعضاء في التكتل، لا سيما بعد أن أشارت تقارير إلى ارتباطها بجماعات إرهابية، ما يثير مخاوف أمنية.
ويتزايد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لإنهاء الصراع المفتعل حول الصحراء، في وقت تقترب فيه المملكة أكثر من أي وقت مضى من حسم هذا الملف مع تأييد دول وازنة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا للحل المغربي معتبرة أن مستقبل الصحراء يندرج ضمن سيادة المملكة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات