رد الصحافي الإسباني إيغناسيو سمبريرو على نفي صحيفتين جزائريتين للتقرير الذي نشره، الخميس الماضي، في صحيفة “الكونفيدونسيال” الإسبانية الإلكترونية، عن هروب الجنرال عبد القادر حداد المدعو “ناصر الجن“، المدير السابق للأمن الداخلي، إلى إسبانيا، بطريقة المهاجرين السريين عبر قارب سريع، واعتبارهما ذلك “ضمن دعاية كاذبة من النظام المغربي”.
ونشر الصحافي الإسباني تغريدة على حسابه على “اكس”، مرفقا بصورتين للصحيفتين، قال فيه: “صحيفتان جزائريتان (“الخبر” ولوسوار دالجيري) المقربتان من الحكومة، تزعمان أنني أكتب باسم المخزن المغربي. إنها نكتة جيدة، فأنا صاحب الرقم القياسي في موسوعة غينيس لعدد الشكاوى (4 شكاوى) المرفوعة ضد صحافي من قبل المغرب. يا له من عناد! أن يرفض هؤلاء إدراك وجود صحافيين مستقلين!”.
وفي السياق نفسه تساءل معلقون جزائريون عن ربط الصحيفتين الجزائريتين الصحافي الإسباني بالمغرب، على اعتبار أنه “معروف بأنه يتعرض لانتقادات واتهامات في المغرب بأنه داعم بالعكس للجزائر، وخاصة لطرحها في قضية الصحراء الغربية، وبأنه يتم استضافته في وسائل الإعلام الجزائرية بشكل دوري”.
وكان سمبريرو أكد في تقريره في موقع “إلكوفيندسيال” الإسبانية “الفرار المذهل (كما وصفته) للجنرال عبد القادر حداد، الملقب بـ”ناصر الجن”، مدير الأمن الداخلي الجزائري السابق، إلى إسبانيا”.
ونقل الصحافي الإسباني (الخبير في الشؤون المغاربية) عن مهاجرين جزائريين، ومصادر من الحكومة المحلية في مقاطعة أليكانتي (جنوب إسبانيا) أنه “بين ليلة 18 وصباح 19 سبتمبر/ أيلول الحالي، تحايل الجنرال ناصر الجن على الحراسة المفروضة عليه، وفر من الساحل الجزائري إلى الساحل الإسباني على متن قارب سريع ـ على طريقة المهاجرين السريين (الحراقة)ـ وقد وصل إلى ساحل كوستا بلانكا بأليكانتي”.
ووفق الكاتب فإن “فرار الجنرال ناصر الجن يُظهر تبدل الحسابات والتنافس في القيادة العسكرية للجيش الجزائري”.
وحسبه فعلى الرغم من مراقبته من قبل الشرطة العسكرية، تمكن “ناصر الجن” من الفرار، و”لدى وصوله إلى أليكانتي، قال إنه اتخذ القرار لأنه كان يعلم أنه سيُقتل قبل المثول أمام القاضي. وأضاف أن “وفاته كانت ستُقدم على أنها انتحار”.
وأشار إلى أن “عبد القادر حداد يعرف إسبانيا جيدا، حيث يمتلك عقارات فيها. وكان ذهب إلى المنفى في أليكانتي في نهاية العقد الماضي هربًا من عمليات التطهير التي نفذها رئيس الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، بعد الإطاحة بالجنرال توفيق (محمد مدين) في عام 2015 وتفكيك مديرية الاستعلامات والأمن القوية”.
ولفت إلى أنه “بعد الوفاة المفاجئة للفريق قايد صالح الذي كان وراء التطهير، في ديسمبر 2019، أنهى الجنرال حداد منفاه، بعد عودته إلى الجزائر، وتم تعيينه أولاً مديرًا للمركز الرئيسي العملياتي، وهو ثكنة في الجزائر العاصمة يُنقل إليها المعتقلون لاستجوابهم، ثم رقاه الرئيس عبد المجيد تبون، بعد ذلك في يونيو/ حزيران 2024، وعينه على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي”، قبل إقالته بعدها بأقل من عام (في مايو/ أيار 2025)، ثم تضاربت التقارير حول متابعته قضائيا وفراره، وبينها تقرير سمبريرو.
وبعد أربعة أيام من نشره نفت صحيفة “لوسوار دالجيري” (بالفرنسية) و”الخبر” بالعربية التقرير.
وفي مقال لها بعنوان: “لصالح من يلعب إل كونفيدنسيال وأتباعه؟”، قالت صحيفة “الخبر” الجزائرية استناداً إلى معلومات وصفتها بالمؤكدة، إن الجنرال المدعو ناصر الجن لم يغادر الجزائر إطلاقاً، خلافاً لما روج له الموقع الإسباني الذي نشر مقالاً مثيراً للجدل وقّعه الصحافي إغناسيو سمبريرو.
أكدت الصحيفة أن المقال يعكس اصطفافاً واضحاً مع الأطروحات المغربية من خلال تبني خطاب عدائي موجّه ضد الجزائر، ولم يكن سوى تجميع لأخبار زائفة أبرزها الزعم بوجود المدير العام السابق للمديرية العامة للأمن الداخلي في مدينة “أليكانتي” الإسبانية.
وأوضحت “الخبر” أن حملة التضليل هذه لم تتوقف عند هذا الادعاء، بل امتدت لتستهدف حتى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في محاولة مكشوفة للضغط على مدريد والتأثير على توجهاتها السياسية.
وعلّقت الصحيفة على عنوان المقال الذي ورد بصيغة “الهروب المذهل لناصر الجن إلى إسبانيا عبر البحر كمهاجر غير شرعي”، لتقول إن هذا السيناريو، الذي يفتقر إلى أي دليل مادي، ليس إلا جزءاً من أجندة إعلامية مسيّسة تستهدف الجزائر ومؤسساتها الأمنية من خلال محاولة خلق صورة زائفة عن وجود صراعات داخلية.
وأضافت أن المقال المضلل يندرج ضمن سلسلة حملات إعلامية تقف وراءها “دوائر مرتبطة بالمخزن المغربي وأذرعه الإعلامية”، التي اعتادت على صناعة “أخبار مفبركة” هدفها التشويه وضرب استقرار الجزائر، وفق صحيفة “الخبر”.
وأكدت الصحيفة أن المعلومات الموثوقة تبيّن بجلاء أن “ناصر الجن” لم يغادر التراب الوطني مطلقاً، ما يجعل الرواية برمتها فبركة إعلامية تستهدف تضليل الرأي العام الإسباني والدولي. وبيّنت الخبر أن هذه الحملة ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الأخبار المزيفة، غايتها الأساسية التشويش على الموقف الثابت للجزائر في قضايا إقليمية، وفي مقدمتها دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، إلى جانب محاولة ضرب الثقة بين الجزائر وشركائها الأوروبيين.
تعليقات الزوار
لا تعليقات