في ظل استمرار حالة الإفلات من العقاب في ليبيا وتفاقم الأزمة الحقوقية والإنسانية، تتزايد التحديات أمام تحقيق الاستقرار والعدالة، وتتصاعد النقاشات حول عدد من القضايا الحقوقية الشائكة يأتي على رأسها ملف مرافق الاحتجاز والسجون غير المطابقة للمعايير الدولية، والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري المتفشي في الشرق والغرب، هذه القضايا باتت تُمثل إرثاً ثقيلاً، هذا بالإضافة إلى الملفات الحساسة مثل المقابر الجماعية في ترهونة، والتطورات الأخيرة في التعامل مع الهجرة والمهاجرين على الساحة المحلية.
لهذا السبب، اخترنا أن نحاور أحمد حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، وهو باحث قانوني ومتخصص في القانون الدولي الإنساني، سنسعى من خلال هذا الحوار إلى الوقوف على تقييمه الصريح للوضع، واستكشاف جهود المؤسسة في توثيق هذه الانتهاكات وكيفية دفع مسار المساءلة الوطنية والدولية لمعالجة هذا الإرث الحقوقي والوصول بالبلاد إلى العدالة المنشودة، وفي ما يأتي نص الحوار.
○ قبل أن نبدأ في صلب المواضيع الخاصة بحوارنا… من هو أحمد حمزة وما هي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا؟ على ماذا تعمل وعلى ماذا تركز؟
• أنا أحمد حمزة رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، وباحث قانوني ومتخصص في القانون الدولي الإنساني. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا هي في النهاية مؤسسة حقوقية ليبية مستقلة غير حكومية، تركز في أعمالها على جوانب الرصد والتوثيق لانتهاكات حقوق الإنسان، والعمل على تلقي الشكاوى والبلاغات والتظلمات بشأنها. تضع المؤسسة آلية لمعالجة هذه القضايا من خلال التنسيق والإحالة والإبلاغ للجهات الوطنية المعنية والمختصة، كما تختص بإعداد التقرير الدوري الشامل حول حالة حقوق الإنسان والحريات العامة والحقوق المدنية والسياسية في عموم البلاد.
○ كرئيس للمؤسسة من جهة وكناشط في المجال الحقوقي من جهة أخرى، كيف تصف وضع حقوق الإنسان في ليبيا خاصة خلال الفترة الماضية؟
• في الحقيقة، حالة حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في ليبيا مرت بمحطات بالغة السوء ومحطات مفصلية، والحالة بصفة عامة سيئة للغاية، وللأسف تزداد سوءاً عاماً بعد الآخر. مساحة الحريات العامة والحقوق المدنية والسياسية تتقلص يوماً بعد الآخر.
معدلات الانتهاكات ومؤشراتها تتصاعد شيئاً فشيئاً، وتعددت أشكالها وأنماطها ونطاقها، وباتت تُرتَكَب على نطاق واسع وبشكل ممنهج في ظل حالة من الإفلات من العقاب وغياب المساءلة والمحاسبة الناجعة والفاعلة التي تسهم في الحد من ارتكاب هذه الجرائم.
لا يزال مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان يتمتعون بالحصانة والإفلات من العقاب، لعدم وجود آليات فاعلة وناجعة قضائياً وقانونياً تسهم في المساءلة وتعزيز سيادة القانون والإيفاء بحقوق الضحايا والمتضررين.
أعتقد أن حالة حقوق الإنسان في ليبيا اليوم تحتم العمل على وضع آلية واستراتيجية وطنية لمعالجة هذا الإرث والكم الهائل من الانتهاكات.
وهو ما يستدعي حشد الجهود والتعاضد وتكاتفها، بغية معالجة هذا الكم الهائل والإرث الكبير من الانتهاكات، الذي لن يسهم غيابه إلا في تحقيق السلام والاستقرار والعدالة والمصالحة الوطنية.
لا يمكن بطبيعة الحال تحقيق السلام والاستقرار دونما عدالة. يجب أن تكون أي رؤية لمعالجة حقوق الإنسان هي الأساس لتحقيق المصالحة والعدالة الانتقالية وجبر الضرر في البلاد.
○ من ليبيا إلى العاصمة طرابلس التي شهدت تغيرات خلال الفترة الماضية على صعيد تسليم مقرات تابعة لجهاز الردع وأخرى لجهاز الدعم والاستقرار، من خلال متابعتك لملف السجون كيف كان الوضع في مراكز الاحتجاز الخاصة بهذه الأجهزة؟
• في الحقيقة، مرافق الاحتجاز والأماكن السالبة للحرية، سواء كانت الخاصة أو الخاضعة لسلطة جهاز الردع أو جهاز دعم الاستقرار أو غيرها من الأجهزة الأخرى والوحدات العسكرية والسجون في شرق البلاد ووسطها التي لا يزال لم يُسلط الضوء عليها ولم يُكشف النقاب عن حقيقة هذه السجون وظروف المعتقلين فيها، هي حالة واحدة ومُشابهة لذاتها، واستنساخ لذات الممارسات والسلوك والانتهاكات والجرائم التي تُرتَكَب، وهي أنماط واحدة وبذات الآليات والنهج الذي يسير عليه الجميع.
أغلب مرافق الاحتجاز والأماكن السالبة للحرية يطغى عليها انعدام احترام آدمية وكرامة السجناء والمعتقلين، وتفتقر إلى أدنى معايير الرعاية الصحية ومرافق الاحتجاز الصحية، وكذلك انعدام الرعاية والتغذية والدعم النفسي.
كما يسود فيها عدم الالتزام بعرض السجناء والموقوفين على القضاء وعدم الامتثال للأوامر والأحكام القضائية القاضية بالإفراج أو بالبراءة للسجناء، تضاف إليها الاعتقالات التعسفية بهذه السجون والإخفاء القسري وعدم العرض على القضاء.
هذه حالات باتت في الحقيقة واسعة النطاق وممنهجة، وليست أفعالاً فردية ولا انتهاكات محدودة أو حالات شاذة، وإنما هي حالات شائعة ومتعددة، ومئات من الضحايا يقاسون الأمرين في هذه السجون والمعتقلات التي أشبه ما تكون بمعتقلات أبو غريب وغوانتانامو، حيث تنعدم فيها أبسط مقومات المعايير المتعارف عليها في السجون وأماكن الاحتجاز.
وهذا ما يحتاج إلى العمل على وضع آلية لمعالجة مرافق الاحتجاز وتحسين أوضاع السجناء والموقوفين ومواءمة هذه السجون مع المعايير الوطنية والدولية.
ويتطلب استحداث آلية لمعالجة شاملة وعملية إصلاح كاملة لنظام السجون والعدالة الجنائية في ليبيا، بما يفي بالتزاماتها القانونية والوطنية والإنسانية والدولية تجاه حقوق السجناء والمعتقلين.
○ كيف تصف وضع سجناء النظام السابق وعلى رأسهم عبد الله السنوسي؟ هل كان لديكم أي وصول إليهم؟
• وضع السجناء السياسيين نسبياً جيد، ويتمتعون بحق الرعاية الصحية والزيارات الدورية وعدم تعرضهم لحالات التعذيب الجسدي أو النفسي.
ويتمتعون أيضاً بحق التقاضي وقضاياهم منظورة أمام القضاء ومتداولة، وإن تعطلت أو طال أمد هذه المحاكمات.
ولكن بعد الحكم الأولي، تم الاستئناف فيها وهي مُعادة مجدداً للتداول أمام محاكم الاستئناف، سواء كانت طرابلس أو مصراتة، وما زالت منظورة، وهناك مساع للتعجيل بالفصل في هذه القضايا.
وكانت لنا في شهر حزيران/يونيو الماضي زيارة للسجين عبد الله السنوسي، وهو أطول سجين سياسي موجود في السجون الليبية، واطلعنا على ظروف احتجازه التي كانت جيدة جداً وأيضاً اطلعنا على نظام الرعاية الصحية والطاقم الطبي المتوفر للقيام على رعايته الصحية.
ووجدنا أيضاً زيارات متتالية وبشكل انسيابي وجيدة لعائلته وأسرته وذويه يحظى بكامل العناية والرعاية الصحية والاجتماعية والدعم النفسي وتوفير الأدوية له، وظروف الاحتجاز تُعد جيدة جداً حقيقة، بخلاف ما يُروى عنها من معلومات مغلوطة. أعتقد أن هناك تحسناً كبيراً جداً في ظروف احتجاز وضمانات حماية حقوق السجناء السياسيين في السجون الخاضعة لسلطة جهاز الشرطة القضائية.
○ فلنتحدث عن حالات الاعتقال القسري أو الإخفاء القسري في ليبيا غرباً وشرقاً، لديكم نشاط مميز في رصد هذه الحالات. إذا كانت هناك إحصائيات صادرة من طرفكم للحالات النشطة هل يمكنك التحدث عنها؟
• فيما يتعلق بحالات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في عموم البلاد، بشرقها وغربها، فإن نسبها متباينة ومتقاربة جداً، وتكاد تكون في معدلات متقاربة ومتساوية.
يتم رصد هذه الحالات وتوثيقها ومتابعتها، والتواصل مع السجناء الذين أُطلق سراحهم أو مع أهلهم وذويهم في مراحل الاعتقال، لتوثيق الحالات واتخاذ الإجراءات الواجبة حيالها أمام السلطات القضائية المختصة، كلٌ حسب نطاق الاختصاص المكاني لوقوع هذه الوقائع والحالات.
شهد العام الماضي تصاعداً ملحوظاً لحالات الاعتقال التعسفي والاحتجاز خارج إطار القانون والإخفاء القسري، وكانت المعدلات متقاربة جداً سواء في طرابلس أو في سبها أو في سرت أو في بنغازي.
وهذا إن دل، فإنما يدل على أن أطراف الأزمة والصراع في ليبيا، وإن كانوا منقسمين ومختلفين سياسياً أو مؤسساتياً، إلا أنهم يتفقون في ذات نهج الممارسات التي تُرتَكَب بحق المواطنين من اعتقال تعسفي وإخفاء قسري واعتقال خارج إطار القانون.
وقد جرى رصد هذه الوقائع والحالات والممارسات والانتهاكات وتوثيقها ومتابعتها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها.
بلغت حالات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في سنة 2024 ما لا يقل عن 221 حالة في عموم البلاد.
وهذه الحالات تشمل الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والاعتقال خارج إطار القانون، وكذلك الاعتقال على خلفية الآراء والمواقف السياسية، وشملت المدونين والنشطاء والصحافيين والإعلاميين.
هذا التصاعد الملحوظ، بحسب تقييمنا لهذه الحالات، ما هو إلا نتاج استمرار حالة الإفلات من العقاب وغياب المساءلة والعقوبات القضائية الرادعة، التي تخلق الردع العام والخاص لمرتكبي هذه الانتهاكات، وتضع حداً لها وتضمن عدم تكرارها.
○ تعاون السلطات معكم في المنطقة الشرقية والغربية كيف تصفه؟ هل هناك تجاوب خاصة في ما يتعلق بالوصول لمراكز الاحتجاز بالاستفسارات عن مصير مختطفين أو مغيبين؟
• فيما يتعلق بالتعاون في شأن كشف مصير السجناء والمعتقلين في مرافق الاحتجاز المؤقت والسجون، سواء كانت المدنية أو العسكرية أو الخاضعة لسلطة جهاز الشرطة القضائية، فالحقيقة هناك تلكؤ ومماطلة وعدم استجابة وعدم وجود فاعلية بالشكل المطلوب مع السلطات في شرق البلاد.
أما بالنسبة للمنطقة الغربية، فهناك تعاون يُعد جيداً نسبياً مقارنة بالمنطقة الشرقية، وهذا نتاج العمل الدؤوب الذي يتم من خلال التنسيق والتعاون مع النيابة العامة والمدعي العام العسكري، والمتابعة مع الجهات المعنية تِباعاً للحالات التي يتم رصدها وتوثيقها في آنِها وزمانها، ومتابعة ما اتُخذ فيها من إجراءات قانونية من خلال الشكاوى والبلاغات التي يتم إحالتها للجهات المعنية.
في هذا الإطار، نصل إلى نتائج عملية تفضي إلى الكشف عن مصير المختطفين والمغيبين والمخفيين قسرياً، وأيضاً ضمان إنهاء الاعتقال التعسفي خارج إطار القانون للمعتقلين المعلوم مكان اعتقالهم ولكن دونما صبغة وأساس قانوني لهذا الاعتقال، فيتم العمل على إطلاق سراحهم وإنهاء هذا الاحتجاز، بغية إيجاد معالجات في هذا الإطار.
وهذا ما يتم، وإن تعذر في فترات معينة أو تعطلت هذه الإجراءات أو حصل نوع من المماطلة، ولكنه في النهاية يفضي إلى معالجات لهذه الحالات الإنسانية والاستثنائية التي نعمل على متابعتها ومتابعة الإجراءات التي تتم في شأنها إلى أن تفضي إلى إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين وكشف مصير المفقودين والمخفيين قسرياً.
○ من السلطات للنائب العام كيف تتعاون المؤسسة معه في القضايا الحقوقية؟
• الحقيقة، التعاون الأبرز الذي يمكن التعويل عليه والعمل من خلاله هو التعاون الذي يتم مع مكتب النائب العام ومع مكتب المدعي العام العسكري والمجلس الرئاسي ومع وزارة الداخلية بشكل نسبي.
هذا التعاون الحقيقي أفضى إلى حلول ومعالجات ومتابعة للعديد من القضايا، والتحقيق في العديد من الانتهاكات والجرائم ذات الصبغة الجنائية أو الأفعال الإجرامية التي يكون فيها ركن تجريم واضح.
وقد أفضى إلى معالجات وإنهاء حالات الاحتجاز التعسفي في كثير من الحالات التي تم إحالة الشكاوى التي تلقتها المؤسسة بشأنها إلى مكتب النائب العام. وأيضاً، التحقيق في وقائع وحالات التعذيب والاختطاف والإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي وحالات إساءة استعمال السلطة.
هذا التعاون هو نموذج يُحتذى به في الحقيقة. ونحن نؤسس في هذا التعاون على رؤية تقوم على التعاطي مع هذه القضايا الإنسانية وحالات حقوق الإنسان في إطار الشراكة والتعاون والتكامل مع هذه الجهات، وبروح من التعاون وليس بروح من العداء، وإنما روح من الشراكة، بغية إيجاد معالجات جذرية وشاملة لهذه الحالات، ودونما إغفال للجانب المتعلق بالمسؤولية القانونية للجهات التي ترتكب هذه الانتهاكات، ومتابعة مسار التقاضي وضمان حقوق الضحايا في الوصول للعدالة وإنهاء الإفلات من العقاب حيال هذه الجرائم.
○ ضحايا المقابر الجماعية في ترهونة كيف عملتم على هذا الملف؟ وما الجديد؟
• فيما يتعلق بالمقابر الجماعية في ترهونة وغيرها من الحوادث الأخرى في عموم البلاد، نحن نعمل عليها كرصد وتوثيق، ولكن هناك جهات معنية ولجان مختصة على مستوى مكتب النائب العام ومكتب المدعي العام العسكري، اتخذت الإجراءات القانونية والقرائية فور اكتشاف هذه المقابر.
تم توثيق شهادات أهل وذوي الضحايا والشهود، واستُصدر العديد من مذكرات الاعتقال في حق عدد كبير من المتهمين بارتكاب هذه الوقائع. وأيضاً، صدرت ست مذكرات اعتقال عبر الإنتربول، بناءً على طلب مكتب النائب العام، في حق ستة من المتهمين بارتكاب هذه المجازر. تكاد أن تكون قضية المقابر الجماعية في مدينة ترهونة مستوفية لكامل إجراءات التحقيق، وضمنت حق التقاضي للضحايا والمتضررين على مستوى الآليات القضائية الوطنية والدولية.
أغلب المتهمين فيها مُلاحَقون، وعدد كبير منهم أيضاً مضبوطون أو موقوفون على ذمة هذه القضية ويواجهون العدالة. ومنهم من هو فار خارج الأراضي الليبية، ويتم العمل على تفعيل آليات التعاون القضائي مع الدول الموجودين بها، لتسليمهم إما للسلطات القضائية الليبية بناءً على هذه المذكرات، أو بناءً على التزامات هذه الدول فيما يتعلق بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية طبقاً لنطاق روما المُنشِئ للمحكمة والمسؤوليات التي تترتب على الدول الأطراف في مسألة التعاون في تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
○ مؤسسات دولية كمحكمة الجنايات وغيرها ومحكمة العدل والعفو وبعثة الأمم المتحدة، المؤسسات التي تصدر بشكل مستمر تقارير حول الحالة الحقوقية في ليبيا هل تتواصل معكم؟
• فيما يتعلق بالمؤسسات الدولية المعنية بالعدالة وحقوق الإنسان، سواء كانت الحكومية أو غير الحكومية، وتحديداً المحكمة الجنائية الدولية (مكتب المدعي العام)، وبعثة الأمم المتحدة للدعم، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومنظمات مثل العفو الدولية واللجنة الدولية للحقوقيين والوكالة الدولية لحقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش»، هناك آليات تعاون فاعلة وناجعة.
هذا التعاون يشمل:
– التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات.
– إعداد التقارير، والرصد والتوثيق.
– استيفاء الأدلة وجمعها وتحليلها.
– إعداد تقارير رصد وتوثيق الحالات التي تتعلق بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا.
هذا التعاون الكبير أفضى إلى العديد من الحلول والمعالجات لعدد كبير من الحالات، وإلى توثيق عدد كبير من هذه الانتهاكات. كما يسهم في ضمان حقوق الضحايا في الوصول للعدالة والتحقيق في هذه الانتهاكات، ودعم جهود المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب في ليبيا على مدار السنوات الماضية، وذلك على مستوى جمع الأدلة وتوثيق الحالات وإحالة التقارير الدورية التي توثق الانتهاكات التي تدخل في إطار اختصاص هذه الآليات المعنية بتعزيز سيادة القانون الدولي الإنساني وحماية حقوق الإنسان.
○ هناك حملات شرسة تنشط الآن في الوسط المحلي ضد الهجرة والمهاجرين كيف تراها؟
• فيما يتعلق بالحملات التي أُطلقت على منصات التواصل الاجتماعي والتي ترفع شعار «لا للتوطين» وتُحرض بشكل أو بآخر على العنف والكراهية والعداء للأجانب والعمالة الوافدة والمهاجرين والمقيمين الأجانب على الأراضي الليبية، وإن كانت هناك مشروعية شكلية في الشعار وكلنا ضد توطين المهاجرين والإبقاء عليهم في ليبيا باعتبارهم في النهاية ينظرون إلى هذا البلد كـ«بلد عبور» وليس «بلد مستقر»، والإبقاء عليهم بها كوطن بديل لهم نزولاً عند رغبة وسياسات ومصالح الدول الأوروبية (دول المقصد) لهؤلاء المهاجرين الذين يطمحون إلى الوصول للضفة الأخرى من المتوسط والفارّين من ويلات الحروب ومن معاناة الفقر والمجاعة والاضطهاد في بلدان المنشأ، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يُستساغ في القبول بحملات التحريض والإساءة للمهاجرين والمقيمين الأجانب والعمالة الوافدة والجاليات العربية والأفريقية التي تقيم على الأراضي الليبية.
وندعو السلطات إلى معالجة ملف الهجرة وفقاً للأولويات المطلوبة فيه، والتي تبدأ بتأمين الحدود الجنوبية لليبيا والسيطرة عليها وضبطها ووقف تدفقات الهجرة عبرها.
وكذلك تفكيك شبكات تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر وعصابات أو شبكات الجريمة والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى وقف عمليات الصد والاعتراض لقوارب المهاجرين من قِبل خفر السواحل الليبي في عرض البحر الأبيض المتوسط وإعادتهم قسرياً إلى ليبيا والإبقاء عليهم بها، ما فاقم من حجم معاناة المهاجرين، وأدى أيضاً إلى حالة من الغليان في الشارع الليبي نتيجة للأعداد الكبرى للمهاجرين الذين يتم صدهم واعتراضهم من عرض البحر الأبيض المتوسط والإبقاء عليهم في ليبيا.
وقد أدى ذلك إلى تأجيج مشاعر العداء ضد المهاجرين نتيجة لمخاوف المواطنين من مشروع التوطين لهؤلاء المهاجرين والإبقاء عليهم في البلد، نتيجة لانعدام الثقة لدى المواطنين في هذه السلطات وعدم وجود وضوح في آليات التعاطي مع ملف الهجرة وما يترتب عليه من آثار وتداعيات.
رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا يشتكي من تصاعد معدلات الانتهاكات للحقوق والحريات

تعليقات الزوار
لا تعليقات