أدت حادثة اعتراض قوات الاحتلال الإسرائيلي لسفينة «عمر المختار» الليبية، التي كانت جزءاً من «أسطول الصمود» العالمي المتجه لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، إلى موجة واسعة من الإدانات وردود الفعل الرسمية والحقوقية، في ليبيا.
ووقع الاعتراض صباح يوم الخميس على بعد نحو 50 ميلاً بحرياً من غزة، وشمل السيطرة الكاملة على السفينة واعتقال طاقمها المكون من 17 ناشطاً، من بينهم 13 ناشطاً ليبياً. هذه الحادثة، التي باشرتها البحرية الإسرائيلية فور اقتراب سفن الأسطول من المياه الإقليمية، لم تقتصر على «عمر المختار» فحسب، بل شملت سفناً أخرى ضمن الأسطول الذي ضم 42 سفينة وعلى متنها قرابة 500 ناشط من 40 دولة، حيث أكدت إذاعة الاحتلال لاحقاً السيطرة على كامل قوارب الأسطول، بما في ذلك السفينة «مارينيت»، آخر قوارب الأسطول.
على الصعيد الرسمي، حمّلت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن سلامة جميع أعضاء سفينة «عمر المختار».
ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتوفير الحماية اللازمة للنشطاء وإخلاء سبيلهم فوراً وضمان عودتهم إلى ليبيا. بالتوازي، استنكر المجلس الأعلى للدولة بشدة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي أسطول الصمود والسفينة «عمر المختار»، واصفاً ما حدث بأنه «جريمة في حق الإنسانية.
واعتبر المجلس أن استهداف سفينة ليبية ضمن الأسطول يمثل «مساساً مباشراً بالسيادة الليبية وبكرامة الشعب»، مطالباً المنظمات الحقوقية الدولية بتوثيق هذه الانتهاكات ورفعها للجهات القضائية الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، كونها أفعالاً ترقى إلى مستوى جرائم حرب. وطالب المجلس أيضاً الدول العربية والإسلامية باتخاذ خطوات جادة وعملية لحماية المدنيين ورفع الحصار الجائر عن قطاع غزة.
من جهتها، أدانت سفارة دولة فلسطين لدى ليبيا بشدة هذا العدوان، مؤكدة أنه يمثل «انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقية قانون البحار»، واعتداءً مباشراً على مدنيين عزّل. وأكدت السفارة أن قافلة الصمود هي مبادرة سلمية ومدنية بحتة تتمتع بالحق القانوني في المرور عبر المياه الدولية والفلسطينية.
وذهبت السفارة إلى اعتبار أن دولة الاحتلال، التي قضت محكمة العدل الدولية بعدم شرعية احتلالها، لا تملك أي سلطة قانونية في تلك المياه. وفي لفتة تقديرية، ثمّنت السفارة عالياً الموقف الليبي المشرف، مشددة على أن مشاركة النشطاء الليبيين في القافلة تعد امتداداً للموقف التاريخي للشعب الليبي في دعم القضية الفلسطينية.
كما دعت المجتمع الدولي للتدخل العاجل لمساءلة الاحتلال عن انتهاكاته المستمرة ضد الجهود الإنسانية السلمية.
على الصعيد الميداني والقانوني، أعلنت اللجنة المشرفة على أسطول «عمر المختار» أن قوات الاحتلال استخدمت مدافع المياه والإضاءة الشديدة في عمليات اعتراض عنيفة على أسطول الصمود في المياه الدولية.
وأظهرت الكاميرات المثبتة على عدة سفن اقتحام قوات الاحتلال وتصويب الأسلحة تجاه الأطقم قبل أن يتوقف البث، مما يؤكد الطبيعة القسرية لعملية السيطرة. وأفاد محامو ناشطين فرنسيين شاركوا في الأسطول بأن «البحرية الإسرائيلية» استخدمت «العنف والترهيب» ضد المشاركين.
ربان السفينة، مصطفى فطيس، كان قد أعلن في تسجيل مصور عن اضطرار السفينة للتوجه نحو ميناء أشدود أو ميناء آخر ضمن الأراضي المحتلة بعد اعتراض فرقاطة إسرائيلية لها، مشيراً إلى أن ذلك المقطع كان بمثابة «آخر بث له» قبل السيطرة الكاملة. وأكد الفريق القانوني للسفينة، الذي تولت مهام متابعته شركة خدمات قانونية بريطانية، أن جميع أعضاء السفينة المختطفين بخير، ولم يتعرضوا لأي عنف جسدي أو لفظي. وأوضحت نجاة هدريش، من الفريق القانوني المساند للأسطول، أن جميع «المختطفين من المياه الدولية» نُقلوا إلى سجن كتسيعوت.
ويتابع الفريق الإجراءات القانونية اللازمة لإخلاء سبيلهم وترحيلهم إلى بلدانهم في أسرع وقت، مشيراً إلى أن الإجراءات الرسمية تتضمن نقلاً مؤقتاً إلى سجن قريب قبل الإفراج عن النشطاء وترحيلهم في فترة محددة.
وشددت اللجنة المشرفة على الأسطول على أن القضية الجوهرية لا تقتصر على مصير المتضامنين المعتقلين، بل تتسع لتشمل «استمرار الحصار الظالم على غزة، وتجريم كل محاولة لكسره، وعقاب كل من يسلط الضوء عليه».
وأكد المنسق العام للسفينة، محمد الحداد، أن أفراد السفينة أثبتوا أن مسارهم كان سلمياً، مؤكداً عدم وجود نية لديهم للمقاومة المسلحة أو البدنية خلال عملية السيطرة، وأشار إلى الاستعدادات الجارية لاستقبال النشطاء في طرابلس بعد الإفراج عنهم.
وشهد ميدان الجزائر وسط العاصمة طرابلس وقفة احتجاجية شارك فيها مواطنون ليبيون للتعبير عن رفضهم للاعتداء الإسرائيلي، مؤكدين دعمهم للشعب الفلسطيني ورفضهم لعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، مما ربط الحادثة بالدعم الشعبي والتاريخي للقضية الفلسطينية.
ردود فعل ليبية رسمية غاضبة على احتجاز سفينة «عمر المختار»

تعليقات الزوار
لا تعليقات