أخبار عاجلة

مجلس الأمن يستمع لشهادة صادمة عن مجازر أسرائيل من طبيب أمريكي عمل في مستشفيات غزة

بدأ مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، جلسته الشهرية المخصصة لبحث “الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية”، والتي شهدت مداخلات لافتة كان أبرزها شهادة الطبيب الأمريكي فيروز سيدوا، وشهادة منسقة الأمم المتحدة المؤقتة لعملية السلام في الشرق الأوسط، سيغريد كاغ.

وأكدت كاغ أنه لا يمكن تحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط دون حل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وأضافت: “لا توجد طرق مختصرة. سيظل مستقبل المنطقة رهينًا بماضيها العالق، ما لم يتم كسر هذه الحلقة المفرغة من خلال إرادة سياسية وقرارات جريئة”. وشددت على أن حل الدولتين “على أجهزة الإنعاش”، وأن إنعاشه يتطلب عملا حاسما. وقالت: “لا يمكن للسلام أن يكون صفقة أو ترتيبا مؤقتا، بل يجب أن يُبنى على الإجماع الدولي والشرعية، وأن يتحول من إدارة الصراع إلى إنهائه”.

وأشارت كاغ إلى أن المؤتمر الدولي رفيع المستوى المزمع عقده في يونيو برئاسة مشتركة من فرنسا والسعودية، يمثل فرصة بالغة الأهمية. وقالت: “يجب ألا يكون هذا المؤتمر مجرد خطاب عابر، بل نقطة انطلاق لمسار ملموس نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين، استنادًا إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات السابقة”. وأكدت على أهمية توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن دولة فلسطينية تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل، وتكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين. وأضافت: “علينا أن ننتقل من التصريحات إلى الأفعال، ومن النصوص إلى التطبيق”.

وقالت: “عند الحديث عن إخواننا في غزة، تفقد كلمات مثل التعاطف والتضامن معناها. لا ينبغي أن نعتاد على عدد القتلى والجرحى. هؤلاء بنات وأمهات وأطفال، لكل منهم اسم وحياة ومستقبل كان يمكن أن يكون. منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس، يتعرض المدنيون لإطلاق النار باستمرار، محصورين في مساحات تتقلص، ومحرومين من الإغاثة. يجب على إسرائيل وقف الهجمات المدمرة ضد المدنيين والبنية التحتية”.

وأضافت أن جميع سكان غزة يواجهون خطر المجاعة. وقالت: “وكما قال الأمين العام، العائلات تُجوع وتُحرم من مقومات الحياة الأساسية. رغم إعلان إسرائيل في 18 مايو السماح بدخول مساعدات محدودة، إلا أن ما دخل كان قليلًا جدًا ويشبه قارب نجاة بعد غرق السفينة”. وأكدت أن “المدنيين فقدوا الأمل، وأصبح الفلسطينيون يودّعون بعضهم بعبارة: أراكم في الجنة. الموت أصبح رفيقهم الدائم، والحياة بلا أمل. إنهم يستحقون أكثر من البقاء؛ إنهم يستحقون مستقبلًا”.

وشددت على أن أي حل لغزة لا بد أن يكون سياسيًا، وأن الاتفاقات بشأن ترتيبات ما بعد الحرب لا يجب أن تنتظر. وأكدت ضرورة دعم حكومة فلسطينية مُصلحة ومُمكَّنة لحكم غزة والضفة، مع تلبية المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل، مشيرة إلى أن للمنطقة والمجتمع الدولي دورًا حيويًا في هذا المسار.

وفي ما يتعلق بالضفة الغربية، قالت إن الأمور تتجه نحو مسار خطير، ووصفت التطورات هناك بأنها تسارع في الضم الفعلي من خلال الاستيطان، ومصادرة الأراضي، وعنف المستوطنين. وأضافت: “إن لم يتم عكس هذه المسارات، فسيُصبح حل الدولتين مستحيلًا”. وأشارت إلى أن العمليات الأمنية الإسرائيلية، خاصة في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة، أدت إلى مقتل العديد من الفلسطينيين، بمن فيهم أطفال، ونزوح الآلاف، وهدم منازل”.

وفي ختام كلمتها، شددت كاغ على خمس نقاط رئيسية هي: ضرورة الوصول العاجل للمساعدات الإنسانية إلى جميع المدنيين في غزة وفقًا للقانون الدولي؛ لا يمكن انتظار إعادة الخدمات الأساسية، ويجب بدء جهود الإنعاش الفوري؛ رفض التهجير القسري للفلسطينيين ومنعه تمامًا؛ الحاجة إلى ترتيبات سياسية وأمنية بعد الحرب تلبي احتياجات الفلسطينيين ومخاوف إسرائيل؛ الحفاظ على الوحدة الجغرافية والسياسية لغزة والضفة، لأن الانقسام يُقوّض فرص السلام.

وختمت بالقول: “دعونا لا نكون الجيل الذي سمح بزوال حل الدولتين، بل الجيل الذي اختار الشجاعة على الحذر، والعدالة على الجمود، والسلام على السياسة”.

 

الطبيب فيروز سيدوا: لم أعالج مقاتلا واحدا بل أطفالا ونساء

بدعوة من رئاسة المجلس، أُعطي الطبيب الأمريكي فيروز سيدوا، المتخصص في طب الأطفال والصدمات النفسية، الكلمة ليشارك بشهادته عن تجربته في مستشفيات غزة. تطوّع سيدوا مرتين؛ الأولى في المستشفى الأوروبي بخان يونس بين 25 مارس و8 أبريل 2024، والثانية في مستشفى ناصر بين 6 مارس و1 أبريل 2025. وقال: “أنا هنا لست بصفة سياسية، بل كطبيب وشاهد عيان على التدمير المتعمد للمنظومة الصحية في غزة”.

وأوضح أنه سبق أن تطوع في هاييتي وأوكرانيا، لكن التجربة في غزة كانت مختلفة. وقال: “قمنا بعمليات دون مخدر أو تعقيم أو كهرباء، وعلى أرضية ملوثة. شاهدنا أطفالًا يموتون ليس لأن جراحهم كانت مستعصية، بل بسبب نقص الدم أو المضادات الحيوية أو المستلزمات الأساسية”. وأضاف: “لم أعالج أي مقاتل. جميع مرضاي كانوا أطفالًا دون السادسة، أُطلقت النار على رؤوسهم أو قلوبهم، نساء حوامل شقت الرصاصات أحواضهن وقتلت الأجنة في أرحامهن”. وأشار إلى أن الأمهات كن يصنعن الخبز على نار مكشوفة في قسم الطوارئ، بينما كان الأطباء يحاولون إنقاذ الأرواح. وأكد أن تدمير المنظومة الصحية تم بطريقة ممنهجة، وأن الموت لم يعد فقط نتيجة للقصف بل للمجاعة وسوء التغذية. وقال إن الجرحى الذين التقاهم خلال تطوعه الثاني كانوا أضعف وأصعب شفاءً. “إنها كارثة من صنع الإنسان، وحرمان متعمد من الماء والدواء والمأوى. رفض الإبادة الجماعية يبدأ برفض التكيف مع قتل الفلسطينيين”.

واستذكر الطبيب يوم 18 مارس 2025، حين استؤنف العدوان الإسرائيلي، قائلًا: “في ذلك الصباح، استقبلنا 220 مصابًا بالصدمة، و90 جثة، نصفهم من الأطفال. لم يكن أي نظام صحي قادرًا على التعامل مع هذا العدد”. وأضاف: “لم تعد هناك حماية للمستشفيات ولا للعيادات ولا للمسعفين، ولا حتى للأطفال. معظم من عالجتهم كانوا دون الثالثة عشرة، وأغلبهم فارق الحياة”.

وقال إنه نشر في صحيفة نيويورك تايمز استطلاعًا شمل 63 طبيبا خدموا في غزة، وأكد 83% منهم أنهم عاينوا أو عالجوا أطفالا أُطلق الرصاص على رؤوسهم أو صدورهم. وأوضح: “أنا شخصيا عالجت 13 طفلا من هذا النوع خلال أسبوعين في المستشفى الأوروبي”.

وختم الطبيب كلمته بقوله: “أطفال غزة يتمنون الموت ويفكرون في الانتحار. يقولون: لماذا لم أمت مع أمي أو أبي أو أخي؟ تخيلوا أن أطفالكم يفكرون في الموت، لا لأنهم متطرفون، بل لأنهم يائسون”.

السفير الجزائري يعرض صور أطفال الطبيبة آلاء النجار ويسرد أسماءهم

عرض السفير الجزائري، عمار بن جامع، صور أطفال الطبيبة الغزّية آلاء النجار، وسرد أسماءهم واحدًا تلو الآخر، في مشهد مؤثر خلال كلمته أمام مجلس الأمن، حيث وصف الأثر المدمر للحرب الدائرة في غزة على الأطفال. وأشار إلى أن الطبيبة فقدت أطفالها التسعة في غارة جوية وقعت صباح الجمعة 23 أيار/مايو، فيما لا يزال زوجها وابنها الوحيد المتبقي في حالة حرجة.

قال بن جامع: “لم يكونوا أعضاء في مركز قيادة وسيطرة تابع لحماس”، مضيفا: “لقد قتلهم الجيش الإسرائيلي عمدا”. وأكد أن “لا أحد في غزة اليوم بمنأى عن هذه الجرائم”. كما استحضر خيبة الأمل بعد عقود من التفاؤل باتفاقيات أوسلو، قائلًا: “يتلاشى حلم الدولة الفلسطينية تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي وصمت المجتمع الدولي”. ودعا إلى تجاوز الإدانة نحو الفعل، قائلاً: “زمن التردد قد ولّى. يجب أن تنتهي هذه الأهوال”، مشددا على أن الجزائر لن تتوانى عن أداء دورها وموقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية.

 

السفير الفلسطيني: إسرائيل تسعى للتخلص من الفلسطينيين 

في مستهل كلمته، عبّر السفير الفلسطيني، رياض منصور، عن تقديره للدكتور فيروز سيدوا على إحاطته الإعلامية المؤثرة، وعلى جهوده في إنقاذ الجرحى الفلسطينيين في غزة، وعلى دعواته لإنهاء هذه الحرب الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.

قال منصور: “نعيش قسوة في القصف، وقسوة في التدمير، وقسوة في الحصار، بل وحتى في توزيع مساعدات محدودة للغاية. هذه ليست خياراتنا، ولا قدر شعبنا”. وأضاف: “نواجه حصارًا شاملاً على المدنيين، بما فيهم مليون طفل، يُحرمون من الطعام والماء والدواء والمأوى. هناك نظام مساعدات مهين وتمييزي، يقتصر على الغذاء المحدود، ويهدف إلى التهجير القسري وتسهيل الاستيلاء غير القانوني على الأراضي”.

وأكد أن النوايا الإسرائيلية معلنة: “المسؤولون الإسرائيليون يصرحون علنا بأن هذا هو هدفهم، عبر تصريحات وتهديدات متكررة. بعد أن استُخدم التجويع كسلاح حرب، نرى الآن المساعدات تُستخدم كسلاح أيضا”. وتساءل: “هل يجب أن نلتزم الصمت لأن البديل أسوأ؟ أم أن الواجب هو الدفاع عن إنسانية الفلسطينيين وكل المدنيين في حالات النزاع المسلح؟”.

تابع منصور: “الصور المفجعة للجياع واليائسين تكشف عمق المأساة. هؤلاء بشر محرومون من أساسيات الحياة. وإسرائيل تدّعي السماح بدخول المساعدات بينما تضمن استحالة الحياة في غزة”. وأوضح أن خطة الأمم المتحدة، خاصة الأونروا، أثبتت قدرتها على إيصال المساعدات أثناء وقف إطلاق النار، وهي الوحيدة القابلة للتطبيق.

وقال: “القلق الحقيقي ليس على آلية التوزيع، بل على كيفية التخلص من الفلسطينيين عبر القتل والتجويع وتدمير غزة، لدفعهم نحو الرحيل القسري”.

وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف الحرب بأنها “حضارية ضد البربرية”، متسائلا: “هل من المتحضّر ارتكاب المجازر اليومية، وقصف المدارس والملاجئ، ومنع المساعدات وتجويع شعب بأكمله؟”.

واستشهد بقصة الطفلة ورد الشيخ خليل (6 سنوات)، التي نجت من قصف مدرسة كانت تأوي نازحين، بينما قُتلت والدتها وخمسة من أشقائها، مضيفًا: “ستحمل وردة تلك الصدمة مدى الحياة”.

وأشار إلى التحريض الإسرائيلي العلني، مستشهدا بتصريحات سموتريتش خلال “يوم القدس”، حيث حرّض الحشد على “تحرير غزة” و”الاستيطان”، معتبرًا تلك التصريحات غطاءً لسياسات التطهير العرقي.

وأوضح أن نتنياهو يهدف لإنشاء “منطقة معقمة” في جنوب غزة، وهو ما سماه “الهجرة الطوعية”، بينما هو في الحقيقة تطهير عرقي. وتساءل منصور: “هل نغض الطرف عن كل ذلك؟ يُطلب منا ألا نصدق أعيننا وآذاننا. يُطلب منا إعادة تعريف القانون الدولي ليُناسب الجرائم الإسرائيلية”.

وتابع: “لا ينبغي أن تُشوّه سمعة من يقفون ضد هذه السياسات الوحشية، بينما يُترك مرتكبو الجرائم بلا محاسبة”. وأضاف أن “نحو 200 ألف فلسطيني سقطوا بين شهيد وجريح، فماذا نُدين؟ محاولات وقف الإبادة الجماعية، أم الإبادة نفسها؟”.

وأكد أن الموقف الفلسطيني واضح لا لبس فيه: “لا شيء يبرر استهداف المدنيين، فلسطينيين كانوا أم إسرائيليين. نرفض التجريد من الإنسانية وازدواجية المعايير. حياة الفلسطينيين ليست أقل قيمة أو قدسية”.

وختم منصور بدعوة إلى تحرك دولي حاسم: “لقد آن الأوان لإنهاء الإبادة الجماعية، وكسر الحصار، ووقف الاحتلال غير الشرعي، وتحقيق استقلال دولة فلسطين. هذه ليست هدية، بل حق أصيل. آن الأوان أن تتحرك الدول – داخل هذه القاعات، وعلى المستوى الوطني، وفي المؤتمر الدولي القادم في يونيو. حرروا فلسطين. حرروا منطقتنا. أنقذوا غزة، أنقذوا السلام، أنقذوا حل الدولتين”.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات