أخبار عاجلة

تثبيت حكم على صحفي فرنسي يعقّد جهود التهدئة بين باريس والجزائر

وجهت الحكومة الفرنسية انتقادات كبيرة لقرار أصدرته محكمة جزائرية بتأييد الحكم بالسجن سبع سنوات على الصحفي الفرنسي كريستوف غليز رغم الجهود التي بذلتها لإقناع السلطات الجزائرية بتغيير الحكم فيما ستكون لهذه الخطوة تداعيات سلبية على العلاقات بين البلدين المتوترة أصلا رغم محاولات تجري لتجاوز بعض الملفات الخلافية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان "تأسف الوزارة لأن تعاونها الكامل مع السلطات الجزائرية والتوضيحات التي قدمها فريق الدفاع عنه لم تكن كافية لتغيير الحكم. ندعو إلى إطلاق سراحه ونأمل في التوصل إلى نتيجة مناسبة حتى يتسنى لم شمله مع أسرته بسرعة".
وأضاف البيان أن فرنسا تكرر التزامها بحرية الصحافة في أنحاء العالم.

وتدهورت العلاقات بين البلدين منذ صيف 2024، عقب سلسلة من الأزمات السياسية والرمزية، امتدت من الخلاف حول الذاكرة الاستعمارية إلى ملفات الهجرة والأمن الإقليمي. وتبادل الجانبان الانتقادات الحادة واستدعاء السفراء، وسط مناخ من انعدام الثقة غير مسبوق في تاريخ العلاقات الثنائية.
وقد أثار كذلك اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه في انتصار دبلوماسي غير مسبوق للرباط حنق السلطات الجزائرية.  وفاقمت قضيتا غليز والكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة طويلة أيضا، من حدة التوتر. وتوترت العلاقات كذلك بسبب رفض الجزائر استقبال أشخاص رحلتهم السلطات الفرنسية.
إلا أن الرئيس الجزائري أصدر مؤخرا عفوا عن صنصال الشهر الماضي بطلب من قبل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير فيما فهم أنها من ضمن خطوات تحسين العلاقات.
وحاولت العديد من الجهات في البلدين العمل على تخفيف التوتر حيث زار وفد دبلوماسي رفيع تقوده آن ماري ديكوست الأمينة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية الجزائر الشهر الماضي لاستئناف التواصل على أعلى المستويات كما قال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، نيكولا ليرنر في تصريحات لإذاعة فرانس إنتر، أن الجزائر بعثت مؤخرًا بإشارات تعبّر عن استعدادها لإعادة فتح قنوات الحوار مع باريس.
كما كشفت مصادر دبلوماسية فرنسية عن وجود جهود غير رسمية يقودها مسؤول جزائري سابق مقيم في فرنسا، لتقريب وجهات النظر وإعادة بناء الثقة بين العاصمتين. كما يجري الحديث عن اتصالات لترتيب لقاء محتمل بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبدالمجيد تبون على هامش قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا هذا الشهر، في خطوة تعكس رغبة مشتركة لتفادي الانزلاق نحو القطيعة.
لكن يبدو أن خطوة تأييد الحكم على الصحفي الفرنسي غليز لن تدعم هذا التوجه بل ستعمق الخلافات بشكل غير مسبوق. ويظهر أن جهات في السلطة الجزائرية ترفض بعض التوجهات للتقارب مع فرنسا وتقوم ببعث رسائل في هذا الاتجاه.
ولم يكن فتح باب التهدئة مجرد تنازل من قبل الجزائريين، بل كان خياراً براغماتياً مدفوعاً بحسابات الكلفة السياسية والاقتصادية لاستمرار القطيعة لكن هذا التوجه لا يحظى بدعم كامل من سلطات متنفذة في الدولة الجزائرية على ما يبدو.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود الناشطة في مجال حرية الصحافة إن غليز، الذي يعمل في مجلتي (سو فوت) و(سوسيتي) الفرنسيتين اعتُقل في مايو/أيار 2024 في تيزي وزو على بعد 100 كيلومتر إلى الشرق من الجزائر العاصمة حيث كان يعمل على تقرير حول الرياضة في منطقة القبائل.
وأضافت المنظمة أن محكمة محلية وجهت إليه تهمة "الإشادة بالإرهاب" وأدين بها في يونيو/حزيران الماضي. ووفقا للخارجية الفرنسية فقد تم تأييد الحكم الأربعاء.
وعلى الرغم من أن العلاقات بين البلدين لم تغادر مربع التوتر على امتداد الأعوام الماضية وربما تتعمق بتثبيت الحكم على الصحفي الفرنسي، تظل هناك مصالح مشتركة وحيوية تدفعهما إلى العودة للمباحثات، ومن أبرزها الأمن الإقليمي، حيث تتعاون الجزائر وفرنسا في قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، وهذا التنسيق لا يمكن أن يستمر بفاعلية في ظل قطيعة دبلوماسية.
كما تعتبر باريس شريكاً اقتصادياً وتجارياً مهماً للجزائر، لا سيما في قطاعات الطاقة (في سياق الأزمة الأوروبية للطاقة) والاستثمارات، بالإضافة إلى وجود جالية جزائرية كبيرة في فرنسا يجعل من الضروري وجود تنسيق قنصلي وسياسي دائم، خاصة فيما يتعلق بملفات الهجرة والتنقل.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات