عَبّر التجمع الدولي لدعم العائلات ذات الأصل المغربي المطرودة من الجزائر في سنة 1975، اليوم الاثنين، عن استنكاره إزاء استمرار غياب أي اعتراف رسمي من السلطات الجزائرية بمسؤوليتها عن "مأساة الطرد الجماعي للمغاربة" التي وقعت قبل خمسين سنة، مطالبا بـ"اعتذار علني رسمي" وتعويض المتضررين واسترجاع ممتلكاتهم.
وجاء في بيان للتجمع، توصلت "الصحيفة" بنسخة منه، بمناسبة الذكرى الخمسين للطرد أن حوالي 45 ألفا من المواطنات والمواطنين المغاربة كانوا ضحايا الترحيل الجماعي في 1975، إذ اقتيدوا من منازلهم وأماكن عملهم، وتم ترحيلهم إلى الحدود المغربية-الجزائرية "بشكل تعسفي، مهين، وغير قانوني، افتقد فيه أبسط الشروط الإنسانية".
وأوضح البيان أن عملية الطرد استهدفت عائلات بأكملها، بما فيها حالات زواج مختلطة بين مغاربة وجزائريات، وتم خلالها فصل الضحايا عن ذويهم، وتجميعهم في مراكز خُلت من ممتلكاتهم، ثم ترحيلهم في ظروف قاسية خلال فصل الشتاء، وعلى بعد أيام قليلة من عيد الأضحى، وكل ذلك "دون سابق إشعار أو تفسير".
وأضاف البيان في هذا السياق أن "جراح الضحايا لا تزال عميقة حتى اليوم"، وأن الدولة الجزائرية وعلى مدى 50 سنة لم تصدر أي اعتراف رسمي أو إعلان مسؤولية عن ما ارتكبت.
وقال التجمع إنه، تحت شعار "ذاكرة ضد النسيان: من أجل الاعتراف بحقوق العائلات المغربية المطرودة من الجزائر سنة 1975"، يُجدّد دعوته للسلطات الجزائرية إلى تقديم اعتذار رسمي، وتحمل المسؤولية الكاملة عن الطرد الجماعي، واسترجاع الممتلكات المصادرة، مع دفع تعويضات مادية ومعنوية للضحايا.
كما أكّد التجمع الذي يُعد منظمة غير حكومية تأسست في 27 فبراير 2021، أنه ماض في جهوده الترافعية دوليا لإسماع صوت الضحايا، واللجوء إلى كل الآليات الدولية من أجل الانصاف وتحقيق العدالة، مشيرا إلى أنه ضمن برنامج تخليد الذكرى 50 في أكتوبر 2025 بجنيف، سيواصل التجمع حملته لتسليط الضوء على ما حصل في دجنبر 1975 من ترحيل جماعي، ودعوة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الجزائرية، التي تدعي أنها ترفض الظلم الذي يُمارس على المستضعفين، تتجاهل بشكل كلي هذه الواقعة المأساوية التي وقعت في منتصف سبعينيات القرن الماضي، عندما أعلن نظام الهواري بومدين طرد الآلاف من المغاربة من الجزائر، كرد فعل على المسيرة الخضراء التي نظمها المغرب لتحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني.
ولازالت العديد من الأسر المغربية – الجزائرية، لم تتعافى من هذا الحدث الأليم، حيث عبر العديد من المواطنين الجزائريين والمغاربة، في تصريحات إعلامية متفرقة في وقت سابق، كيف تمت تفرقتهم بين عشية وضحاها وبدون سابق إنذار، بسبب قضية سياسية لم يكن لهم أي دخل فيها.
كما تتزامن هذه المطالب من الأسر المتضررة، مع تكرار الجزائر في كل سنة مطالبها لفرنسا بتقديم اعتذار رسمي عمّا تصفه بـ"الجرائم الاستعمارية" التي ارتُكبت خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر بين عامي 1830 و1962، معتبرة أن ملف الذاكرة لا يزال مفتوحاً ولم يُطوَ بعد.
وخلال السنوات الأخيرة، كثّفت الجزائر من تصريحاتها الرسمية في هذا الاتجاه، سواء عبر بيانات الرئاسة أو البرلمان أو وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، حيث شددت على أن الاعتراف يجب أن يكون "واضحا وصريحا" وأن يترجم عمليا عبر اعتذار رسمي وتعويضات للضحايا وفتح الأرشيف الاستعماري.
ومن جانبها ترفض فرنسا تقديم اعتذار رسمي شامل، مقابل الاكتفاء بخطوات رمزية، مثل الاعتراف الجزئي ببعض الجرائم أو فتح أجزاء من الأرشيف، وهو ما تعتبره الجزائر "غير كاف"، في الوقت الذي تصمت فيه عن واقعة طرد الآلاف من المغاربة بدون أي مبرر.

تعليقات الزوار
لا تعليقات