أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين، عشيّة لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنّ “لا ضمانات” على أنّ وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة منذ تولّيه السلطة قبل أسبوعين سيظلّ صامدا.
وعشيّة لقائه نتنياهو، قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض “ليست لديّ أيّ ضمانة بأنّ السلام سيصمد”.
لكنّ المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي كان جالسا إلى جانب ترامب، سارع إلى القول إنّ الهدنة “صامدة حتى الآن ونحن بالتالي نأمل حتما (…) بأن نُخرج الرهائن وننقذ أرواحا ونتوصّل، كما نأمل، إلى تسوية سلمية للوضع برمّته”.
وأتت هذه التصريحات بعيد وصول نتنياهو إلى واشنطن في زيارة يبحث خلالها المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.
وسيلتقي نتنياهو، الثلاثاء، ترامب، الذي أكّد تحقيق “تقدم” في المحادثات حول الشرق الأوسط مع إسرائيل ودول أخرى.
في المقابل، أكد مصدران من حماس أنّ الحركة “جاهزة” لخوض المرحلة الثانية من المفاوضات.
ووصل نتنياهو الأحد إلى واشنطن حيث سيكون أول مسؤول أجنبي يستقبله ترامب بعد تنصيبه، ما يرمز إلى التحالف الثابت مع تل أبيب.
وتجري الزيارة فيما يتوقع استئناف المفاوضات من خلال الوسطاء هذا الأسبوع بين إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، والتي يفترض أن تؤدي إلى إطلاق سراح آخر لمحتجزين في القطاع وإنهاء الحرب التي اندلعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
كما تتزامن زيارة نتنياهو لواشنطن مع مواصلة إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية المحتلة بدأتها في 21 كانون الثاني/يناير.
ويجري نتنياهو، الإثنين، محادثات مع ويتكوف، الذي سيلتقي في وقت لاحق من هذا الأسبوع رئيس وزراء قطر ومسؤولين مصريين كبارا يؤدون دور الوساطة إلى جانب الولايات المتحدة.
وأعلن نتنياهو قبل سفره إلى الولايات المتحدة أنه سيبحث، الثلاثاء، مع ترامب “الانتصار على حماس، وعودة جميع رهائننا ومحاربة المحور الإيراني بكل أبعاده”.
وزعم أن قرارات إسرائيل أثناء الحرب أعادت تشكيل الشرق الأوسط وهو أمر يمكن لدعم ترامب أن يدفع به إلى الأمام.
وقال نتنياهو “أعتقد أنّه من خلال العمل من كثب مع الرئيس ترامب، سيكون بإمكاننا إعادة رسم (خارطة الشرق الأوسط) بشكل إضافي وأفضل”.
وبعد عمليات التبادل التي شملت محتجزين في غزة وأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية وجرت في إطار المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة الساري منذ 19 كانون الثاني/يناير، لا يزال حوالى خمسين محتجزا في قطاع غزة، بعضهم لقي حتفه.
وأكّد ترامب مساء الأحد أنّ المحادثات حول الشرق الأوسط مع إسرائيل وعدد من الدول الأخرى تحرز “تقدما”.
وقال الرئيس الجمهوري “أعتقد أنّ هناك اجتماعات كبيرة على جدول أعمالنا” أثناء زيارة نتنياهو.
ومن المقرّر في هذا السياق أن يستقبل ترامب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في 11 شباط/فبراير.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال لترامب في مكالمة هاتفية السبت إنّ المجتمع الدولي “يعوّل” على قدرته “على التوصل إلى اتفاق سلام دائم”.
أولويات أخرى
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، اقترح ترامب “تنظيف” غزة ونقل الفلسطينيين إلى أماكن “أكثر أمانا” مثل مصر أو الأردن، ما أثار احتجاجات دولية.
واعتبر الناطق باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن مقترح ترامب هذا “يرقى إلى تطهير عرقي”.
وألغى ترامب الحظر المفروض على تسليم إسرائيل قنابل تزن 2000 رطل (حوالي 900 كيلوغرام)، بعدما كان سلفه الديموقراطي جو بايدن قد علّق هذه الإمدادات. كما ألغى الملياردير الجمهوري عقوبات مالية مفروضة على مستوطنين إسرائيليين متهمين بارتكاب أعمال عنف بحق فلسطينيين.
ورأت سيلين توبول المديرة المشاركة لمؤسسة التعاون الاقتصادي في تل أبيب أنّ “إقامة علاقة مميزة مع البيت الأبيض أداة أساسية بالنسبة إلى نتنياهو”.
وترامب عازم على تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله” في جنوب لبنان، كما بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وأورد مركز صوفان للدراسات في نيويورك أن مستشاري ترامب “يؤكدون أن استئناف المعارك في الشرق الأوسط سيمنعه من العمل على… أولوياته الأكثر إلحاحا”، وفي طليعتها مكافحة الهجرة غير النظامية القادمة من المكسيك وإيجاد تسوية للحرب بين روسيا وأوكرانيا.
تحالف بوجه إيران
وبمعزل عن كل هذه المواضيع، قال دافيد خلفة الباحث في معهد جان جوريس في باريس إن “ترامب يريد إعادة توجيه أولويته إلى آسيا والمحيط الهادئ”.
وأوضح أن ترامب “يعتبر، على غرار أسلافه، أنّ عليه إرساء الاستقرار في المنطقة أولا وتشكيل ائتلاف مضادّ لإيران مع شركائه الإستراتيجيين” وبينهم إسرائيل، إنما كذلك السعودية.
وستتناول المحادثات على الأرجح التنازلات التي يتحتم على نتنياهو تقديمها من أجل تحريك عملية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وبدت هذه الآلية على السكة حتى اندلاع الحرب في غزة. وتشترط الرياض منذ ذلك الحين وضع مسار فعلي لإقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
لكنّ جزءا من التحالف الحكومي في إسرائيل يريد استئناف القتال في غزة بمجرّد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة.
وقالت توبول “إذا طلب منه ترامب تقديم تنازلات للفلسطينيين من أجل الحصول على التطبيع بين إسرائيل والسعودية، فسيتحتم على نتنياهو أن يختار بين علاقة مميزة مع الرئيس الأمريكي والحفاظ على ائتلافه”.
وسمحت هدنة غزة للنازحين بالعودة إلى شمال القطاع. وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فقد عاد أكثر من 545 ألف شخص إلى شمال القطاع منذ بدء سريان الهدنة.
كذلك، يرجّح أن تتناول محادثات نتنياهو في الولايات المتحدة التوترات المتزايدة في الضفة الغربية المحتلة حيث نفذت إسرائيل الأحد هجوما واسعا في جنين بشمال الضفة الغربية المحتلة حيث فجرت حوالي 20 مبنى.
ودانت الرئاسة الفلسطينية الإثنين المخططات الإسرائيلية “لتهجير المواطنين والتطهير العرقي” في الضفة الغربية المحتلة، وطالبت الإدارة الأمريكية بالتدخل “قبل فوات الأوان”.
وأكد الجيش الاسرائيلي أنه قتل في الضفة منذ منتصف كانون الثاني/يناير 50 فلسطينيا.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الإثنين أنّ الجيش الإسرائيلي قتل 70 فلسطينيا في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة منذ بداية العام 2025.
تعليقات الزوار
لا تعليقات