أخبار عاجلة

مكالمة صالح ومشعل المسرّبة تشعل جدلا واسعا في اليمن

أثارت مكالمة مسرّبة جرت عام 2008، قبيل قمة الدوحة عام 2009، بين الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) آنذاك، خالد مشعل، جدلا واسعا في اليمن. وانقسمت الآراء بين معجب بموقف صالح، الذي ظهر في المكالمة رافضا إطلاق حماس الصواريخ باتجاه إسرائيل، انطلاقًا مما يترتب على ذلك من قصف صاروخي إسرائيلي عنيف على غزة، وبين رافض لهذا الموقف، رأى فيه تبنيا لرواية طالما رددتها إسرائيل.

وجاء تسريب المكالمة ضمن برنامج وثائقي بثته قناة “المسيرة” التابعة لحركة “أنصار الله” (الحوثيون)، قبل أن تتداوله قنوات ومواقع عديدة، مع انتشار واسع على منصات التواصل الاجتماعي. وعلى هذه المنصات وخارجها، دار جدل ونقاش عكسته تدوينات ومقالات متعددة تناولت مضمون المكالمة ودلالاتها السياسية.

 

ومن المؤيدين لما تضمنته المكالمة وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان، الذي قال إنه “ليس في المكالمة ما يعيب”، مضيفًا: “أن يقولها (صالح) لمشعل كنصيحة سياسية سرّية في مكالمة خاصة وفي ظرف مؤقت، فإن ذلك دلالة على اتفاقهما على الهدف النهائي الذي يجمعهما، والاختلاف المؤقت على الوسائل”.

وأضاف الرويشان: “من الواضح أن العلاقة بين الرجلين كانت قوية وواثقة، والحوار المنشور بينهما يؤكد هذه القوة وتلك الثقة، وإذا كان هناك اختلاف، فهو اختلاف على الوسائل بين السياسي والمقاتل”.

واعتبر الصحافي محمد الخامري أن “الدعوة إلى إيقاف الصواريخ في لحظة معينة لم تكن تخليا عن القضية، بل تحذيرا مبكرا من استدراج المدنيين إلى مجازر يعرف العدو خرائطها وأهدافه مسبقًا، وهذا ما تم بعد ذلك”.

كما كتبت تغريد الشميري: “أعادت مكالمة مسرّبة تسليط الضوء على شخصية الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، لا بوصفه اسما في سجال سياسي، بل كنموذج لرجل دولة خبر الحروب، وفهم طبيعة النظام الدولي، وأدرك أن القضية العادلة يمكن أن تُقتل إذا أُديرت بطيش. صالح، بخلفيته السياسية الطويلة وتجربته الممتدة في إدارة التوازنات الإقليمية، لم يكن خطيبا عاطفيا، بل سياسيا براغماتيا يرى ما خلف العناوين”.

وأضافت: “في المقابل، يظهر خالد مشعل، الزعيم السياسي لحركة حماس آنذاك، ممثلًا لمدرسة المقاومة التي اختلط فيها الفعل العسكري بالحسابات الإعلامية. مشعل، بخطابه المؤثر وقدرته على تعبئة الشارع، كان يراهن على الصمود الرمزي، لكنه – بحسب ما كشفته المكالمة – كان واقعا تحت ضغط الداخل والخارج، في لحظة تتداخل فيها البطولة مع المخاطرة بحياة المدنيين”.

في المقابل، عبّر معارضون لموقف صالح في المكالمة عن رفضهم لما ورد فيها. وقال إبراهيم عبد الرزاق أمجاور: “الفاني علي عبد الله صالح لم يكتفِ بالصمت والنظر، بل يعتب على المقاومة، ويحملها مسؤولية ما يرتكبه الاحتلال من مجازر بحق المدنيين، قصفًا بالطائرات وبالحصار والتجويع”.

وأضاف: “الوغد لا يستطيع فتح فمه وإدانة إسرائيل، ويعلم جيدا أن السحر لا بد أن ينقلب على الساحر. فهو أيضا مغتصب للحقوق، ويقتل شعب اليمن، ومع ذلك فإن الصمت ولوم المقاومة وتحميلها الوزر والخذلان وعدم الإدانة لم يمنع سقوطه، ولم يجنبه تلك النهاية العنيفة والمخزية. فقد انتهى ولم يعد به حاجة بعد أن أدى دوره من أدوار فصول المسرحية والرواية التي هي نفسها ثابتة لا تتغير ومستمرة. حقيقة غفل عنها صالح المعتوه، أن الممثلين واستمرار الدور مرهونان بتطور المشاهد ومسار القصة والأحداث، وأمر طبيعي أن يتبدل الدور وتتغير الوجوه”.

كما كتب بشير ربيع الصانع، في مقال على موقع “أنصار الله”: “لا حماس لموقف موحَّد، ولا استعداد لتحمّل كلفة سياسية في وجه العدوان، بل اتجاه واضح لإفراغ القمة من أي محتوى قد يزعج المحور الداعم لكيان الاحتلال”.

وأضاف: “والأكثر خطورة هو طبيعة الخطاب ذاته؛ فبدل توجيه الإدانة للآلة العسكرية التي كانت تمزق غزة، انتقل الحديث إلى تحميل المقاومة مسؤولية ما يجري”.

وقال: “صواريخ حماس وُصفت في المكالمة باعتبارها عبئا على الفلسطينيين، وذريعة تمنح كيان الاحتلال هامشا أوسع للاستمرار في القتل. هذا الطرح كان ترديدا شبه حرفي للرواية التي طالما استخدمها الاحتلال لتبرير جرائمه، لكنها هذه المرة خرجت من فم حاكم عربي”.

من جهته، قال محمد مفضل: “ليس كل ما يُقال في “مكالمة خاصة” يُعفى من المحاسبة، خصوصا حين يتحول الكلام من نصيحة إلى اتهام، ومن اختلاف تكتيكي إلى نزع شرعية. التسجيل المسرّب لعلي عبد الله صالح مع خالد مشعل لا يحمل رأيا سياسيا عابرا، بل موقفا واضحا: تحميل المقاومة مسؤولية ما يجري في غزة، والقول صراحة إن صواريخها تعطي إسرائيل المبرر لقتل الفلسطينيين”.

وأضاف: هنا بيت القصيد: من يحمّل الضحية ذنب السكين لا يختلف على الوسائل، بل ينقلب على القضية. فالاختلاف بين السياسي والمقاتل لا يعني أبدًا اتهام المقاومة بأنها سبب المجازر، وتبرئة الاحتلال من جريمة القتل، ومطالبة المقاوم بأن “يوجّه الناس” تحت القصف، وكأن المشكلة في الضحية لا في القاتل.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات