تجوّل الرئيس التونسي قيس سعيد في شارع الحبيب بورقيبة (شارع الثورة) قبل ساعات من مسيرة نظمها أنصاره في نفس المكان، في وقت حذرت فيه المعارضة من استخدام أجهزة الدولة لخدمة الرئيس.
ونشرت وكالة الأنباء الرسمية وصفحات اجتماعية صورا وفيديو لسعيد وهو يحتفل بالعيد الـ15 للثورة التونسية مع عدد قليل من أنصاره على مدرج المسرح البلدي وسط العاصمة.
وكان سعيد أصدر في وقت سابق عفوا رئاسيا يفضي إلى الإفراج عن 2014 سجينًا. كما أسدى تعليماته بمنح 674 سجينًا إضافيّا السّراح الشّرطي، وفق بيان رئاسي.
وبعد عدة ساعات، نظم مؤيدو سعيد وأنصار مسار 25 تموز، مسيرة وسط العاصمة، شارك فيها الآلاف، بينهم أعضاء من البرلمان، ورفعوا شعارات مؤيدة لسعيد، وأخرى تطالب بمحاسبة الفاسدين ووقف التدخل الأجنبي ورفض توطين المهاجرين الأجانب.
ونشر النائب السابق زياد الهاشمي صورة لحافلات تحمل شعارات مؤيدة لسعيد قادمة من مدينة طبرقة (شمال غرب)، وعلق بالقول: “الدولة بكل أجهزتها وأمنها وإعلامها ومواردها المالية واللوجستية وصفحات فيسبوكية ومدونين وترهيب وترغيب المواطنين ومليارات أنفقت على الإعلان في صفحات على الفيسبوك ورئاسة الجمهورية في حالة تأهب قصوى (…) تخيلوا كل هذه الامكانيات فقط من أجل مظاهرة أمام المسرح البلدي”.
وكتب سامي بن غازي، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي قضية التآمر “ليس هنالك، في منطق الدولة الحديثة، ما هو أسوأ سياسيًا من أن تنزل السّلطة إلى الشارع لتتظاهر من أجل إثبات شعبيتها. فالسلطة لا تُقاس بالهتاف ولا بالحشود، بل بقدرتها على الحكم: بصياغة السياسات العمومية، وتحقيق الحدّ الأدنى من العدالة الاجتماعية، وإدارة التناقضات داخل المجتمع. التظاهر أداة من لا يملك السلطة، لا من يحتكرها”.
وأضاف: “السلطة الواثقة لا تهتف باسمها، ولا تحتاج إلى الشارع كي تبرّر وجودها. شرعيتها تُقاس بما تحقّقه في حياة الناس اليومية: في الخبز، والشغل، والكرامة، والعدالة. ولكن حين تتحوّل السلطة إلى متظاهر يبحث عن التصفيق، فذلك يعني أنّها دخلت طور الانسداد، وتبدأ النهايات تحت ستار الحشود”.
وأصدرت جبهة الخلاص الوطني بيانا، حذرت فيه من “تسلّل الخطاب الشّعبوي إلى الوعي الجمعي مستغلاّ الأخطاء والصعوبات والخلافات والتعثّر في تجسيد قيم الثورة وتحصينها من خطر الثورة المضادة والنزعات الانقلابية”.
وأضاف البيان الذي تزامن مع الذكرى 15 للثورة: “استغلّ الشّعبويون حنق التونسيين وغضبهم نتيجة عدم تحقق انتظاراتهم (مطالبهم) في التنمية والعدالة الاجتماعية ليرذّلوا (يشوهوا) السّياسة والسّياسيّين والأحزاب والمجتمع المدني ومنظّماته وناشطيه، مستغلّين إعلاما عموميا تمّ تطويعه بالكامل فارتدّ إلى لغة خشبيّة تسبّح بحمد السّلطة وأوصدت أبوابه أمام أيّ نفس حرّ أو ناقد، وتمّ التّضييق على الإعلام الخاصّ بتجفيف منابع التّمويل وتسليط سيف المرسوم 54 سيّء الذّكر على رقاب الإعلاميين والصحافيين فأصبحت مهمة الإعلام حشد الدعم للسلطة القائمة وتبرير سياساتها بدل حلقات الحوار السياسي والاقتصادي”.
واعتبر البيان أن “الوفاء لمبادئ وقيم ثورة 17 ديسمبر/ كانون الأول 14 جانفي/ كانون الثاني المجيدة، يقتضي من النّخب السّياسيّة شجاعة الصّمود المدني السّلمي في وجه الحكم الفردي ونزوعه نحو تجريف السّاحتين السياسيّة والمدنيّة والنّضال الدّؤوب من أجل استقلال القضاء وتحرير المعتقلين السّياسيّين، وكذلك شجاعة الإقرار بالتقصير وبنصيبهم من المسؤولية، مع اختلاف المواقف والمواقع، عن انتكاسة عشرية الانتقال الديمقراطي، رغم ما حقّقته من إنجازات ومكاسب”.
واستنكر حزب العمال “الالتفاف على ثورة شعبنا وغدرها من قبل كل التشكيلات التي تداولت على الحكم منذ سقوط بن علي”.
واعتبر أنّ “انقلاب 25 يوليو/ تموز ما هو إلّا حلقة من مسلسل وأد المسار الثّوري الذي ظلّ يدافع عن نفسه ويقاوم، وقد استعمل الانقلاب ورأسه خطابا ثورجيا لمغالطة الشعب وتصفية مكاسب ثورته وعلى رأسها الحرية السياسيّة مع الحفاظ على مجمل الخيارات الطبقية اللاوطنية واللاشعبية واللاديمقراطية التي كانت السبب في اندلاع الثورة”.
وحذر من محاولة السلطات “خلق تنافر وهميّ بين 17 ديسمبر و14 يناير، تاريخ سقوط بن علي، وذلك لتحويل موعد اندلاع الثّورة إلى مناسبة فلكلورية على شاكلة 7 نوفمبر (ذكرى انقلاب بن علي على بورقيبة) سيّء الذكر”.
واعتبر الحزب أن “أقصر الطرق لاستعادة شعبنا المبادرة وأخذ مصيره بيده بهدف تحقيق مطالبه وطموحاته التي لخّصها شعار “شغل، حرّيّة، كرامة وطنيّة” وإنهاء منظومة الاستبداد والتبعية والتفقير، يكمن في استعادة روح 17 ديسمبر المجيد وإعادة تنظيم النضال بالاستفادة من دروس كلّ الانكسارات الحاصلة خلال الـ15 سنة الأخيرة، فوحده النضال الواعي والمنظم والواسع يعيد للشعب كلمته في صياغة مصيره بعيدا عن الشعبوية وعن أوهام المنظومات السابقة التي رهنت البلاد وفقرت الشعب ومهدت الطريق للاستبداد الحالي”.
ودعا “الشعب التونسي وقواه الثورية والتقدمية إلى “مضاعفة الجهد من أجل توحيد الصفوف والرّفع من نسق النضال لخلق الشروط المناسبة لإسقاط الدكتاتوريّة الشعبويّة وفسح المجال لتكريس البديل الوطني، الديمقراطي، الشعبي الذي يعبر فعليا عن طموحات جماهير شعبنا في التحرر والانعتاق ويسد الباب أمام عودة الاستبداد بعناوين أخرى”.

تعليقات الزوار
لا تعليقات