التدريبات العسكرية الدولية التي جرت في المغرب أخيرا بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية حملت دلالات متعددة في نظر محللين مختصين، وفي مقدمتها ثقة واشنطن في التعاون العسكري مع المغرب الذي انطلق على هذا المستوى منذ 2004.
كما أن المناورات نفسها التي تحمل اسم “الأسد الإفريقي”، من خلال إدراج منطقة “المحبس” الصحراوية القريبة من مخيمات تندوف معقل جبهة “البوليساريو” في برنامج المناطق التي شملتها المناورات، أعطت إشارة إيجابية للمغرب، لا سيما أن 10 بلدان إفريقية ودولية شاركت في هذه التداريب التي جرت في طانطان وأغادير وبنجرير والقنيطرة والمحبس وتارودانت، فضلا عن حوالي 20 ملاحظا عسكريا من بلدان شريكة.
ومن بين الأهداف الرئيسية التي حددت للمناورات مواجهة الخطر المحتمل الذي تمثله الجماعات المتطرفة المزودة بالأسلحة في بلدان الساحل جنوب الصحراء الكبرى.
غير أن المشرفين عليها بددوا في الوقت نفسه المخاوف التي ترددت من كون الجزائر مستهدفة من تلك المناورات. في هذا الصدد، أكد الجنرال الأمريكي ستيفان تاونسند، قائد قوة “أفريكوم”، أن تدريبات “الأسد الإفريقي” ليست موجهة مطلقا ضد الجزائر، بل سعت إلى رفع مستوى التحضير المشترك في مواجهة تحديات مشتركة، مشيرا إلى أن “الرهانات المطروحة داخل حلف شمال الأطلسي وفي أوكرانيا تؤكد قيمة وجود حلفاء أقوياء وشركاء يعملون معا للدفاع عن مصالحنا المشتركة”، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية.
وقطعت الجزائر علاقاتها مع المغرب، منذ قرابة عام، وسط توتر متزايد بين البلدين، بسبب النزاع حول الصحراء الغربية.
ومن جهة أخرى، حذّر المسؤول عن القيادة العسكرية الأمريكية لمنطقة إفريقيا من أن الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة مدعوون لمواجهة انتشار جماعات متطرفة عنيفة، فضلا عن مرتزقة “فاغنر”، في منطقة الساحل التي تشهد تزايد عدم الاستقرار.
وقال “نشهد تصاعدا للتطرف العنيف في إفريقيا الغربية، وخصوصا في منطقة الساحل”، مضيفا قوله “نرى كذلك وصول فاعلين لديهم نوايا مغرضة إلى المنطقة، وأقصد بالتحديد مرتزقة فاغنر الروس الموجودين في مالي”.
وحسب قائد قوة “أفريكوم”، فإنه “إذا كان هذا التدريب لا يحاكي بالضرورة سيناريو استهداف جهاديين أو مقاتلين من مرتزقة فاغنر، إلا أنه سيساعد كل قواتنا المسلحة إذا دعينا لمواجهة هذا النوع من التحديات في المستقبل”.
وشهدت دورة هذا العام من مناورات “الأسد الإفريقي” مشاركة أكثر من 7500 عسكري من عدة بلدان، مثل السنغال وتشاد والبرازيل وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة، كما شارك مراقبون عسكريون من حلف شمال الأطلسي والاتحاد الإفريقي ونحو 30 بلدا شريكا، بينها إسرائيل، لأول مرة، في هذا التدريب، الأكبر من نوعه في القارة الإفريقية. وتضمن البرنامج عدة مناورات عسكرية برية وجوية وبحرية، وتمارين للتطهير البيولوجي والإشعاعي والنووي والكيميائي، بالإضافة إلى تداريب في الإسعاف الطبي والتدخل لأغراض إنسانية.
وفي اختتام المناورات، قدمت فرق عسكرية عرضا يحاكي هجوما جويا وبريا متزامنا ضد أهداف معادية في منطقة صحراوية قرب مدينة طانطان، حيث شاركت في العملية طائرات “إف 16” مغربية ومروحيات “أباتشي” ودبابات “إم 1″، وآليات أخرى ضمن فريق مدرعات مشترك مدعوم بنظامين للقذائف، بينها قذائف “هيمارس”.
وأكد الكولونيل ماجور، عبد الحق محاسني، نائب قائد المكتب الثالث في قيادة المنطقة الجنوبية، أن النسخة الـ 18 من تمرين “الأسد الإفريقي” تميزت بتحقيق جميع أهداف التدريب العسكري من حيث التخطيط والتنفيذ متعدد الجنسيات للعمليات والدعم اللوجستي وقابلية التشغيل البيني، وكذا المساعدة الإنسانية والدعم المادي وأيضا إدماج شركاء جدد، من أجل مواجهة كافة التحديات الأمنية وتعزيز التعاون العسكري بما يضمن الأمن والاستقرار الإقليمي.
تعليقات الزوار
لا تعليقات