نفت أنالينا بيربوك، رئيسة الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن تكون قد دعت إلى تدمير المستشفيات والمدارس في غزة، حين كانت تشغل منصب وزيرة خارجية ألمانيا، مؤكدة أن القانون الدولي الإنساني “يفرض حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية دائماً وبلا استثناء. نقطة أول السطر”. جاء ذلك ردا على سؤال متابعة من “القدس العربي” بشأن تصريحاتها السابقة بعد أدائها القسم في 11 أيلول/سبتمبر.
وشددت بيربوك على أن مقاطع الفيديو القصيرة شوّهت كلامها، مؤكدة ضرورة التمسك بمبدأين أساسيين في القانون الدولي معا: عدم استهداف المدنيين أو منشآتهم إطلاقا، ومنع استخدام المواقع المدنية لأغراض عسكرية. وعند سؤالها عما إذا كان أي نشاط عسكري قد يبرر ضرب مرافق مدنية، أوضحت أن “المعاهدات واضحة تماما: يجب حماية المدنيين في جميع الأحوال، كما أن استغلال المواقع المدنية لأغراض عسكرية يمثل خرقا للقانون الدولي”.
وكانت بيربوك قد واجهت انتقادات واسعة في تشرين الأول/أكتوبر 2024 عندما كانت وزيرة للخارجية الألمانية، بسبب تصريح أمام البرلمان فُهم على أنه تبرير للهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية المدنية في غزة. فقد قالت حينها: “إن مقاتلي حماس عندما يختبئون بين المدنيين، فإن المدارس وغيرها من المواقع تفقد وضع الحماية”، وهو ما أثار إدانات من ناشطين فلسطينيين ومنظمات إنسانية. لكنها أوضحت اليوم أن تصريحاتها أسيء تفسيرها، مضيفة: “إن وقفاً إنسانياً فورياً لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وتحقيق سلام شامل تبقى جميعها أولويات عاجلة. الحياة هي الحياة أينما وُلد الإنسان، فلكل روح القيمة ذاتها”.
وفيما يخص الاعتراف بدولة فلسطين في غياب مفاوضات مباشرة، شددت بيربوك على أن مهمتها هي تمثيل الإرادة الجماعية للدول الأعضاء الـ193 في الأمم المتحدة، لا تقديم محاضرات قانونية. وقالت: “كانت الجمعية العامة واضحة جداً بشأن إنهاء النزاع الإسرائيلي–الفلسطيني. لا يمكن إنهاؤه بالحرب أو الاحتلال أو الإرهاب، بل عبر مفاوضات سلام”. وأضافت أن قرارات الأمم المتحدة تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مشيرة إلى أن “الأهم حالياً هو وقف فوري لإطلاق النار، أما باقي القضايا فبيد الدول الأعضاء”.
وجاءت تصريحات بيربوك خلال مؤتمرها الصحافي الأول اليوم الأربعاء، قبيل افتتاح أعمال الدورة المقبلة يوم الثلاثاء القادم. وأكدت أنها ستركز على شعار الدورة “معًا أفضل”، موضحة أنه “لا يمكن لأي دولة، مهما بلغ حجمها أو قوتها أو ثروتها، أن تواجه التحديات بمفردها”.
وأضافت أن الأمم المتحدة، التي وُلدت في لحظة انقسام عميق قبل 80 عاما، مطالبة اليوم بالتفكير وإعادة البناء والتكيف من أجل تجاوز التحديات القادمة، مشيرة إلى قضايا غزة وأوكرانيا والسودان وهايتي، إضافة إلى تغير المناخ، وعدم المساواة، والتقدم التكنولوجي.
وأكدت بيربوك أنها ستنخرط في أجندة إصلاح الأمم المتحدة وضمان فعاليتها، بما يشمل اختيار الأمين العام المقبل وتنفيذ “ميثاق المستقبل”. كما لفتت إلى أن النقاش العام الأسبوع المقبل سيشهد مشاركة نحو 150 رئيس دولة وحكومة، وستكون مناسبة لإعادة تأكيد الالتزام بميثاق الأمم المتحدة.
وأشارت إلى أن الدورة ستشهد مؤتمرات رفيعة المستوى، منها مؤتمر دولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، إلى جانب اجتماعات حول قضايا المرأة والشباب والصحة العقلية والأقليات مثل مسلمي الروهينغا.
واختتمت بيربوك بالقول: “ثمانية عقود من التقدم والنكسات أوصلتنا إلى هنا، والآن نحتاج إلى الإرادة لتحويل الوعد إلى عمل، والالتزامات إلى تقدم، والأمل إلى واقع”. ولوحظ أن المؤتمر استمر نصف ساعة فقط، أجابت فيه رئيسة الجمعية العامة على أقل من خمسة أسئلة، رغم الحضور الإعلامي الكثيف.
تعليقات الزوار
لا تعليقات