أثارت الزيارة المفاجئة لرئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، للجزائر، اليوم الإثنين، موجة من الجدل، خاصة أنها جاءت بعد يومين من زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لتونس ولقائه بالرئيس قيس سعيّد، فضلا عن أنها تزامنت مع وثيقة تداولتها صفحات اجتماعية لشخصيات سياسية وإعلامية تحقق معها السلطات التونسية، قالت بعض المصادر إنها مرتبطة بـ”شبكة” تعمل لصالح فرنسا، وكشفتها السلطات الجزائرية.
وكان لعمامرة التقى سعيد، يوم السبت، ونقل له رسالة من الرئيس عبد المجيد تبّون، لم يتم الكشف عن محتواها، فيما اكتفت الرئاسة التونسية بالقول إنها تتعلق فقط بـ”الروابط الأخوية الوطيدة القائمة بين تونس والجزائر”، فضلا عن مناقشة نتائج القمة العربية الأخيرة في الجزائر، في بيان بدا غير مقنع لأغلب المراقبين.
فيما أدت بودن، الإثنين، زيارة قصيرة إلى الجزائر، برفقة وزير الخارجية عثمان الجرندي، وقد التقت خلالها بنظيرها أيمن بن عبد الرحمن، قبل أن يستقبلها لاحقا الرئيس تبون.
وفي فيديو بثته الرئاسة الجزائرية، قالت بودن إنها نقلت لتبون “رسالة تهنئة” من سعيّد حول نجاح القمة العربية، فضلا عن “تبادل الآراء ومتابعة المشاريع التي تم إرساؤها في اللجنة المشتركة بين البلدين”، معبرة عن شكرها للجزائر “لما قدمته لتونس في هذا الظرف الدقيق من تاريخنا”.
ويبدو أن “التبرير الرسمي” لزيارتي لعمامرة وبودن لم يقنع المراقبين، إذ ربط البعض بين الزيارتين والتحقيقات التي تجريها السلطات التونسية مع 25 شخصية سياسية وإعلامية وحقوقية، بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، والتي تشير بعض المصدر إلى أنها تشكل شبكة تضم أيضا شخصيات فرنسية، وتعمل على نشر الفوضى في تونس.
وكانت صفحات اجتماعية تداولت وثيقة قضائية “مسربة” تؤكد استدعاء شخصيات سياسية معروفة، من بينها مديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة، ورئيس حزب آفاق تونس فاضل عبد الكافي، فضلا عن شخصيات حقوقية وإعلامية معروفة، بتهم تتعلق بـ”تكوين وفاق بقصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وربط اتصالات مع أعوان (موظفي) دولة أجنبية، الغرض منها الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية، وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة”.
وسرعان ما أصدرت عكاشة بيانا على موقع فسبوك، دعت فيه إلى عدم الزج باسمها في قضايا قالت إنها لا علاقة لها بها، متوعدة بكشف “الحقيقة” في الوقت المناسب.
وكانت عكاشة أثارت قبل أشهر جدلا واسعا، بعد نشر تسريبات منسوبة لها تتحدث فيها عن “مرض” الرئيس قيس سعيد، وحاجته لـ”طبيب نفسي”، فضلا عن تحكم عائلته بشؤون الحكم.
وتحت عنوان “تونس والجزائر ضوء أحمر”، كتب المحلل السياسي فريد العليبي “نجلاء بودن في الجزائر فجأة والزيارة تدوم يوما واحدا، قبل ذلك وزير الخارجية الجزائري في تونس فجأة وقد حل بها ليلا، وقبل ذلك برلماني جزائري يقول: الجزائر لن تسمح بسقوط تونس في قبضة الإرهابيين”.
وأوضح “تطورات متلاحقة قد تشير إلى اكتشاف الجزائر مخططا ما لتفجير الوضع التونسي، ضالعة فيه قوى دولية وأخرى محلية، وأنها عقدت العزم على إفشاله، وأن الرئيس التونسي قد أرسل رئيسة الحكومة لبحث خطوات تونسية جزائرية اقتصادية خاصة تمكن من تحسين الأوضاع المعيشية لقطع الطريق أمام أي تعاطف شعبي مع متآمرين محتملين سيستغلون الموعد الانتخابي لغايات خاصة”.
وعلق الوزير السابق رفيق عبد السلام بالقول “سبق أن قلنا إن الانقلاب مثل نار جهنم يأكل بعضه بعضا، وما نراه اليوم من اتهامات موجهة لشبكة من السياسيين والإعلاميين والمسؤولين السابقين تؤكد على سبيل اليقين أن الذين تآمروا على البرلمان ودستور البلاد، هم الآن ضحايا تآمرهم واستخدامهم معولا لتقويض الحياة الديمقراطية (…) ولا يستبعد أن تكون فرنسا قد زرعت أذرعها في مختلف مفاصل الدولة والمجتمع، كما لا يستبعد أن تكون بعض الدول الإقليمية قد لعبت دورا في كشف خفايا هذه الشبكة”.
وأضاف “عند التشخيص العام، يمكن القول إنه بالنظر الى سوابق هذه المجموعة، لا يستبعد تورطها في فساد كثير وتآمرها مع جهات أجنبية، دون أن ينفي ذلك وجود جرعة من التوظيف السياسي والقضائي في الموضوع لغايات في نفس يعقوب. فجل الضالعين كانوا يشكلون شبكة نادية عكاشة المضروبة على يديها والمتنازعة مع وزير الداخلية شرف الدين. وفي ظل استحواذ قيس سعيد على كل السلطات ومحاولته المستمرة للسيطرة على القضاء وتوظيفه تبقى كل الاحتمالات واردة”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات