في تصريحات حاسمة، أعاد مسعد بولس، المستشار الخاص للرئيس الأميركي لشؤون إفريقيا، تأكيد الموقف الأميركي الثابت تجاه قضية الصحراء المغربية، معتبرًا مبادرة الحكم الذاتي المغربية الإطار الوحيد لحلٍّ عادلٍ ودائم. هذه التصريحات، التي جاءت خلال مقابلة مع قناة الشرق، ليست مجرد تأكيد سياسي، بل تعكس إعادة رسم للموقف الأميركي في شمال إفريقيا ضمن رؤية استراتيجية أوسع، تربط بين الأمن والتنمية والاستقرار الإقليمي.
وأشار بولس بوضوح إلى أن الولايات المتحدة ستفتح قريبًا قنصلية في مدينة الداخلة، وهو مؤشر عملي على انتقال السياسة الأميركية من الدعم الرمزي إلى التموضع الفعلي على الأرض. كما أن استخدامه مصطلح “الصحراء المغربية” يؤكد استمرار الاعتراف بسيادة المملكة، كما أعلنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو موقف يحتفظ به التحالف الأميركي الراهن مع المغرب.
ثبات استراتيجي في مواجهة التحولات الإقليمية
في عالم يشهد تقلبات مستمرة على الصعيد الدولي، يمثل الموقف الأميركي من الصحراء نموذجًا للثبات الاستراتيجي. فالمغرب، بقدراته السياسية والتنموية، يشكّل ركيزةً للاستقرار في شمال إفريقيا، وشريكًا موثوقًا للولايات المتحدة وأوروبا على حدٍّ سواء.
الدعم الأميركي لمبادرة الحكم الذاتي ليس مجرد موقف دبلوماسي، بل رؤية تؤكد أن السلام المستدام لن يتحقق عبر الجمود أو المواقف القصوى، بل من خلال حلول عملية تمكّن السكان المحليين من إدارة شؤونهم ضمن إطار وطني موحّد.
توافق أميركي – أوروبي نحو الحل النهائي
ولم يخفِ بولس تنسيق واشنطن مع “عدد كبير من الشركاء الأوروبيين” من أجل التوصل إلى حلٍّ نهائي وقابل للتوافق داخل الأمم المتحدة، وهو مؤشر على تحوّل دبلوماسي أوروبي متنامٍ نحو تبنّي المبادرة المغربية.
هذا التقارب لا يعكس فقط انسجامًا دبلوماسيًا، بل إدراكًا استراتيجيًا لأهمية المغرب في ضمان الأمن الأوروبي، وإدارة ملف الهجرة، ومواجهة التطرف في المنطقة.
المغرب: نموذج للدبلوماسية المسؤولة واليد الممدودة
وأشار بولس إلى خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، مؤكّدًا سياسة المغرب القائمة على الانفتاح والحوار مع الجزائر، رغم استمرار التوترات الإقليمية. هذا النهج يعكس نضج الدبلوماسية المغربية، ويمنح المملكة رصيدًا متميزًا في بناء شراكات إقليمية ودولية قائمة على الثقة والمصلحة المشتركة.
مع استعداد مجلس الأمن لمناقشة ملف الصحراء المغربية، تؤكد الرسائل الأميركية أن زمن الانتظار قد انتهى؛ فالحل النهائي القائم على المبادرة المغربية أصبح ضرورة لضمان استقرار المنطقة، وتعزيز التنمية، وحماية حقوق السكان المحليين ضمن دولة موحدة.
إن ما وصفه البعض بـ“لحظة بولس” يعكس وضوح الرؤية الأميركية: الصحراء مغربية، والحكم الذاتي هو الحل، والمغرب هو الشريك الاستراتيجي في بناء مستقبل المنطقة.
هذه الرؤية تؤكد أن المغرب بات نموذجًا للدولة القادرة على الجمع بين الاستقرار الداخلي والتنمية والانخراط الإقليمي البنّاء، ما يجعل من مبادرته للحكم الذاتي ليس مجرد حلٍّ لنزاعٍ إقليمي، بل ركيزةً لبناء مستقبلٍ مشتركٍ وآمنٍ لشمال إفريقيا والمحيط الأطلسي.
تعليقات الزوار
لا تعليقات