أخبار عاجلة

ضريبة الثروة في الجزائر .. تطارد أصحاب المليارات

عادت ضريبة الثروة إلى الواجهة عبر  مشروع قانون المالية لسنة 2023 المدرج على طاولة البرلمان، وذلك من خلال المادة 34 التي تتيح آليات جديدة لتحصيل مستحقات الضرائب العالقة لدى الأثرياء.

وتصنف ضريبة الثروة كواجب جبائي يُفرض على الأثرياء والأغنياء الذين تتوفر فيهم الشروط اللازمة للامتثال لها، ويتم ذلك عبر التصريح السنوي بالممتلكات والدفع التلقائي للأعباء المترتبة لإدارة الضرائب.

وتنصّ المادة 34 من مشروع قانون المالية لسنة 2023: "تعدل وتتمم أحكام المادة 21 من قانون الإجراءات الجبائية، والتي تنصّ على أنه يمكن لأعوان الإدارة الجبائية أن يشرعوا في التحقيق المعمّق في الوضعية الجبائية الشاملة للأشخاص الطبيعيين الذين لديهم موطن جبائي في الجزائر، بالنسبة للضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على الثروة سواءً لديهم التزامات متعلقة بهاتين الضريبتين أو لا".
وتضيف هذه المادة: "ويمكن كذلك أن يخضع لهذا التحقيق الأشخاص الذين ليس لديهم موطن جبائي في الجزائر، عندما يكون لديهم التزامات بعنوان نفس هاتين الضريبتين، وبمناسبة هذا التحقيق يقوم الأعوان المحقّقون بمراقبة التطابق بين المداخيل المصرح بها والذمة والحالة المالية والعناصر المكونة لنمط البيت الجبائي، ولا يمكن القيام بتحقيق معمّق في الوضعية الجبائية الشاملة لشخص طبيعي فيما يتعلق بالضريبة على الدخل والضريبة على الثروة دون إعلام".

3 سنوات من التأخّر

فُرضت ضريبة الثروة عبر قانون المالية لسنة 2020، إلا أن الخضوع لها كان محتشمًا جدًا في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث لم تساهم هذه الضريبة في إنعاش المداخيل الجبائية مثلما كانت تنتظره إدارة الضرائب وقتها، وهذا بسبب غياب إحصائيات دقيقة عن عدد الأثرياء وممتلكاتهم في الجزائر وعبر كافة ولايات الوطن.

هنا، يقول عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني سابقًا، عمار موسي في تصريح صحفي، انه كان ضمن النواب المشرعين لضريية الثروة خلال السنوات الماضية، وكانوا يطمحون إلى تحقيق عائدات معتبرة تجنيها الضرائب كنتيجة لفرض هذه الضريبة، إلا أن الوضع بقي يراوح نفسه بسبب غياب الإحصائيات الرسمية والدقيقة.

فإدارة الضرائب، حسبه، تجهل عدد المكلفين بهذه الضريبة وحجم ثرواتهم وأماكن وجودهم، واعتمدت في عملية التحصيل فقط على مداخيل المسجلين إراديًا، دون أن نغفل _ يضيف موسي _ أن نسبة كبيرة من المكلفين بالضريبة ينشطون في السوق السوداء، وغير مصرّحين بشكلٍ نهائي بثرواتهم، أو يصرحون بأرقام أقل بكثير من الواقع لدى السجل العقاري والبنوك والموثقين، على حدّ قوله.

وتتمثل الثروة وفقًا لما سبق وأن حدده قانون المالية لسنة 2020 في العقارات المبنية وغير المبنية والسيارات التي تفوق أسطوانتها 2000 سنتيمتر مكعب، والدراجات النارية واليخوت وطائرات النزهة وخيول السباق والتحف واللوحات الفنية التي تفوق قيمتها حدًا معينًا، والمنقولات المخصصة للتأثيت والمجوهرات والأحجار الكريمة والذهب والماس والودائع والكفالات والريوع.

أثرياء يرفضون الضريبة

وتكشف تصريحات المديرة العامة للضرائب أمال عبد اللطيف، لدى استقبالها من طرف أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني بتاريخ 25 أكتوبر، وفقًا لتمعلومات تشير عن عزوف كثير من الأثرياء من الالتزام بتسديد ضريبة الثروة، مستغلين ثغرة نقص الرقمنة وغياب إحصائيات دقيقة حول عدد الأثرياء في الجزائر، وحتى حجم ثرواتهم، إذ يتهرّب هؤلاء من التسديد وأيضًا من تسجيل ممتلكاتهم لدى مختلف الجهات الوصية، ما جعل التحصيل خلال السنوات الثلاث الماضية ضئيلًا جدًا.
وتعتزم إدارة الضرائب تسليم مشاريع جديدة خلال سنة 2023 ستكون بمثابة إيذان بتوفر الإمكانيات للشروع في تطبيق ضريبة الثروة التي بقيت مجرد حبر على ورق خلال السنوات الماضية، وستدخل مرحلة الجدية العام المقبل، فالسلطات لم تكن تمتلك قائمة الأثرياء المعنيين بالضريبة من قبل أما للعام المقبل فالوضع سيكون مختلفًا.

ويقول موسي إن أغلب الأغنياء في الجزائر غير مصرحين بثرواتهم ويرفضون الخضوع لضريبة الثروة ويفضلون النشاط خارج الإطار القانوني وفي السوق الموازية، على الالتزام بالتصريح بممتلكات قد تلزمهم بأعباء جبائية جديدة مستقبلًا.
ويشدد المتحدث على أن جهود السلطات اليوم لتعميم الرقمنة ستنعكس إيجابًا على إدارة الضرائب التي تحضر لإعداد بطاقية وطنية بأسماء الأثرياء وممتلكاتهم.

من جهتهم، يؤكد أعضاء بلجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني أن سنة 2023 ستكون سنة بداية تطبيق ضريبة الثروة ولو بشكلٍ نسبي، فالاجراءات المتخذة مؤخرًا من طرف السلطات تنم عن رغبة حقيقية في السير إلى الشفافية والمساواة والصرامة في تطبيق الضرائب المفروضة.

التهرب لا يقتصر على ضريبة الثروة

وإذا كانت إدارة الضرائب تشتكي من ضعف تحصيل ضريبة الثروة أو عدم تسجيل الأثرياء لممتلكاتهم طوعًا، فإن ضعف التحصيل الضريبي والجبائي يشمل كافة الضرائب والرسوم والأتوات المفروضة في الجزائر منذ الاستقلال ولا يمسّ فقط ضريبة الثروة، حيث سبق وأن صرح مسؤولو قطاع المالية بوجود 12 ألف مليار دينار ضرائب غير محصلة إلى غاية سنة 2020.

ويؤكّد الخبير الاقتصادي مراد كواشي في تصريح أن نسبة كبيرة من الجزائريين يمارسون جريمة التهرب الضريبي، ويفضلون النشاط في الظلّ دون التبليغ عن تجارتهم أو رأسمالهم أو حتى إيداع مدخراتهم في البنوك خوفًا من الالتزامات الضريبية والجبائية، ويعتمدون حيلًا مختلفة للتهرب، ولا يقتصر الأمر حسبه على ضريبة الثروة وإنما يتعداه إلى كافة الرسوم والضرائب الأخرى، والأعباء الجبائية.

ويرى كواشي أن الحلّ الأمثل للقضاء على التهرب الضريبي سواء تعلق الأمر بضريبة الثروة أو غيرها من الواجبات الجبائية الأخرى هو تعميم الرقمنة واحتواء السوق الموازية للتجارة وللعملة الصعبة، وغلق كل منافذها وتجفيف مرور الأموال والسيولة النقدية إليها، ورفض بقاء رؤوس الأموال متداولة على نقاط غير رسمية، سواءً كانت أملاك عينية أو منقولة.

وفي النهاية يبقى تطبيق ضريبة الثروة تحديًا هامًا أمام وزارة المالية ومديرية الضرائب لتحقيقه خلال سنة 2023، ويأتي ذلك بالموازاة مع قرار الحكومة الخاص بتبني مبدأ انتقائية الدعم وتوجيهه فقط للفقراء، أي أن السلطات بصدد جرد قائمة الفقراء وقائمة أخرى الأغنياء أيضًا، فالمدرجين في الصنف الأول سيستفيدون من الدعم المباشر _ مبالغ مالية كمساعدات _ والمدرجين في الصنف الثاني سيكونون ملزمين بتسديد ضريبة الثروة.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

احمد العربى

تخدير

تعميم المورفين العسكرى على الجميع .