أصدرت محكمة في الجزائر العاصمة حكما بسجن المعارض السياسي فتحي غراس، المنسق الوطني لحزب الحركة الديمقراطية والاجتماعية، لمدة سنتين نافذة، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 300 ألف دينار جزائري، وذلك على خلفية تصريحات اعتُبرت “مهينة لرئيس الجمهورية”.
وذكرت المحامية فطّة السادات أن النيابة وجّهت لغراس تهمتين استناداً إلى المادتين 146 و196 مكرر من قانون العقوبات، تتعلق الأولى بـ”إهانة هيئة نظامية”، والثانية بـ”نشر معلومات كاذبة من شأنها المساس بالنظام والأمن العام”.
وأوضحت السادات، في منشور لها على “فيسبوك”، أن موكلها اعتُقل في 29 أيلول/سبتمبر 2025 ووُضع رهن الحجز للنظر، قبل أن يُعرض في اليوم التالي على وكيل الجمهورية الذي قرر إحالته على المحاكمة الفورية أمام قسم الجنح.
وفي أول رد فعل، قالت مسعودة شبالة، زوجة غراس وقيادية في الحزب نفسه، إن “السبب الحقيقي وراء هذا الحكم هو انتقاده للمسؤول الأول في البلاد، عبد المجيد تبون”.
وأضافت أن غراس سبق أن أدين بالسجن عاماً نافذاً وغرامة قدرها 200 ألف دينار في قضية مشابهة، وقضى تسعة أشهر في سجن الحراش قبل الإفراج عنه بحكمٍ تضمن ستة أشهر موقوفة التنفيذ، مؤكدة أن جميع القضايا التي استهدفته “مرتبطة بمواقفه السياسية وانتقاداته العلنية للسلطة”.
وخلال جلسة المحاكمة الأخيرة، التمس ممثل النيابة العقوبة القصوى وهي ثلاث سنوات سجناً نافذاً وغرامة مالية معتبرة، في حين طالبت هيئة الدفاع بـ”البراءة التامة”، معتبرة أن التهم “خالية من أي أساس قانوني”، وأنّ ما صدر عن غراس يندرج ضمن حرية التعبير المكفولة دستورياً.
وقال غراس في تصريح عقب الجلسة، في فيديو نشرته زوجته على صفحتها، “التمس في حقي ثلاث سنوات سجناً لأنني انتقدت رئيس الدولة عبد المجيد تبون. في الجزائر، بخلاف الدول الديمقراطية، الدستور والقوانين وُضعت لحماية السلطة من رأي المواطن”.
وسبق أن خضع غراس لمحاكمات عدة، آخرها في كانون الثاني/يناير الماضي، حين أصدرت محكمة باب الوادي حكماً بسجنه سنةً نافذة وغرامة قدرها 200 ألف دينار، إضافة إلى 100 ألف دينار كتعويضٍ للخزينة العمومية ودينار رمزي كرّسوم رمزية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. أما زوجته مسعودة شبالة، فقد أدينت بـ ستة أشهر حبسا غير نافذة و100 ألف دينار غرامة ومبلغ مماثل كتعويض للخزينة العمومية.
وكانت التهم الموجهة إليهما آنذاك تتعلق بـ”الإساءة إلى رئيس الجمهورية”، و”ترويج أخبار كاذبة”، و”نشر خطاب الكراهية” عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في سياق الحملة الانتخابية للرئاسيات التي جرت في آب/أغسطس الماضي، والتي شهدت توقيفات واعتقالات لعدد من الناشطين المقاطعين للانتخابات.
ويُعرف فتحي غراس بخطابه المعارض الراديكالي ضد السلطة، ونشاطه البارز على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب مداخلاته في عدد من القنوات الإعلامية. وكان قد أمضى نحو تسعة أشهر في السجن قبل الإفراج عنه في آذار/مارس 2022، بسبب قضايا تتعلق بنشاطه السياسي.
ويُشار إلى أن حزب الحركة الديمقراطية والاجتماعية، الذي يُعد امتداداً للحركة الشيوعية في الجزائر، تعرض نشاطه إلى التجميد قبل نحو ثلاث سنوات، إثر دعوى قضائية رفعتها وزارة الداخلية أمام القضاء الإداري تتهم الحزب بتنظيم نشاطات غير مرخصة داخل مقره.
ويُعتبر الحزب من القوى السياسية التي رفضت الانخراط في المسار الانتخابي الذي أعقب الحراك الشعبي في الجزائر.
تعليقات الزوار
لا تعليقات