ثار الجدل مجدداً في الأوساط المحلية الليبية حول المؤسسة العسكرية التي حول فيها حفتر التعيين لتكليفات بالوراثة، وقد تجدد هذا الجدل بعد موافقة مجلس النواب على تعيين خليفة حفتر نجله صدام نائباً له، وتكليف نجله الثاني خالد برئاسة الأركان العامة.
حيث أكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، بإقرار مجلس النواب تعديل القانون رقم (1) لسنة 2015، المتعلق بصلاحيات المستويات القيادية في الجيش الليبي، مشيراً إلى تصويت المجلس بالإجماع على اعتماد التعديل.
وجاء القرار في سياق تمرير استحداث منصب «نائب القيادة العامة»، ومن ثم تكليف خليفة حفتر لنجله صدام نائباً له.
وأضاف بليحق، في بيان توضيحي، أن المجلس ناقش كذلك ملفّ الأمن القومي، وقرر تكليف الفريق أول عبد الرازق الناظوري مستشارًا للأمن القومي، مؤكدًا أن القرار جاء بالإجماع.
كما أشار بليحق إلى أن المجلس تناول مشروع قانون الدين العام، وقرر إحالته إلى كل من اللجنة الدستورية والتشريعية ولجنة التخطيط والمالية والموازنة العامة، لإجراء المزيد من الدراسة والمراجعة.
ونقل إعلام محلي عن مصدر برلماني قوله إن خالد حفتر سيؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس النواب عقيلة صالح يوم الخميس المقبل، فيما سيؤدي صدام حفتر اليمين أمام والده فقط.
كما أشار الإعلام المحلي إلى أن عبد الرازق الناظوري أدى اليمين القانوني مستشارًا للأمن القومي أمام مجلس النواب في مدينة بنغازي.
ورغم كون قرار تعيين خالد وقبله صدام مثيراً للجدل إلا أن الأمر لم يخل من ترحيب جديد من قبل سلطات الشرق، حيث رحب رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حمّاد بتكليف خالد حفتر رئيساً للأركان، وبارك له ولوالده، موضحاً أن التعيين يأتي ضمن تنفيذ الرؤية الإستراتيجية 2030 لتطوير قدرات الجيش.
وفي إطار الجدل، يقول المحلل السياسي السنوسي إسماعيل إن هذه التعيينات تمثل إشكاليات سياسية كبيرة تضع المجلس الرئاسي في حرج بالغ، ووفقًا لإسماعيل، يواجه الرئاسي موقفًا حساسًا. فمن جهة، قد يُعتبر خروجه باعتراض رسمي على هذه التعيينات خطوة ضرورية للحفاظ على صلاحياته ومكانته كممثل للسلطة العليا في البلاد. ومن جهة أخرى، يدرك المجلس أن أي اعتراض قد يواجه بحالة من «الأمر الواقع» التي يفرضها حفتر على الأرض، ما قد يزيد من الانقسام السياسي والمؤسسي.
وتابع السنوسي أن صمت الرئاسي في هذه الحالة قد يُفسر على أنه موافقة ضمنية أو عجز عن مواجهة نفوذ حفتر، مؤكداً أن التعيينات الجديدة تسلط الضوء على عمق الانقسام السياسي والمؤسسي في ليبيا.
وختم السنوسي أنه وفي الوقت الذي يسعى فيه الفرقاء السياسيون إلى توحيد المؤسسات وإنهاء حالة الانقسام، تأتي قرارات حفتر لتؤكد وجود سلطة موازية لا تعترف بالمؤسسات الرسمية.
ووصف المحلل السياسي محمد محفوظ التوجه نحو مشروع التوريث الذي يقوده حفتر يثير تساؤلات حول مستقبل الاستقرار السياسي في شرق ليبيا، مؤكداً أن حفتر يسعى لإحكام قبضته على مفاصل السلطة عبر إحلال أبنائه وأقاربه محل القيادات القديمة.
وأضاف أن هذا الإجراء لا يهدف فقط إلى ضمان الولاء المطلق، بل يرسخ أيضًا فكرة أن هذه الدائرة المقربة هي الوحيدة القادرة على إدارة شؤون البلاد.
وتساءل المحلل عن مدى كفاءة هؤلاء الأبناء مقارنة بالشباب الليبي الآخر المؤهل، وعما إذا كان هذا التعيين مبنيًا على الكفاءة أم على القرابة فقط، وتابع أن ما يحدث هو أكثر من مجرد تعيينات عائلية، بل هو «مشروع توريث» حقيقي يهدف إلى ترسيخ حكم حفتر وعائلته على المدى الطويل.
وفي وقت سابق، أثار تكليف خليفة حفتر نجله صدام كنائب له، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والثمانين لتأسيس الجيش الوطني الليبي وفق وصفه ردود فعل محلية واسعة بالإضافة إلى اعتراض من قبل المجلس الرئاسي على اعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي.
وقال مكتب إعلام قيادة حفتر في بيان مفاجئ نشره قبل أيام، إن هذه الخطوة تأتي تماشيًا مع رؤيته 2030 لتطوير وتعزيز الأداء العام للقوات المسلحة.
كما نوه المكتب بأن هذا التكليف سيتبعه عدد من التكليفات المهمة خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويبدو أن هذا التكليف قد أثار غضب المجلس الرئاسي الليبي حيث دعا عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي المجلس إلى عقد اجتماع عاجل بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي.
وأشار اللافي إلى أن استحداث أي مناصب جديدة داخل الجيش الليبي هو اختصاص أصيل للسلطة التشريعية، وأن أي تعيين في قمة هرم القيادة العسكرية يجب أن يُنفذ وفقًا لما نص عليه القانون، وبقرار من القائد الأعلى للجيش الليبي، المتمثل في المجلس الرئاسي مجتمعًا، حسب تصريح على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وطالب عضو الرئاسي بانعقاد المجلس من أجل النظر في الأمر، بما يضمن احترام التشريعات النافذة، وصون الصلاحيات المنصوص عليها قانونًا.
واختتم اللافي تصريحه بأن الوضع القائم، وما يشهده من انقسام في المؤسسة العسكرية، يفرض علينا العمل بجدية ومسؤولية في إطار المسار العسكري والأمني المتفق عليه من أجل الوصول إلى مؤسسة عسكرية موحدة، قادرة على حماية الوطن وضمان أمنه واستقراره، بعيدًا عن أي خطوات أو إجراءات قد تعمّق حالة الانقسام أو تخرج عن الأطر القانونية المنظمة.
وعلى غرار بيان اللافي فقد قوبل هذا القرار بترحيب من قيادات الشرق الليبي، حيث اعتبر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، أن تكليف صدام خليفة حفتر نائبًا لوالده خليفة حفتر يأتي في توقيت هام، ويتزامن ويتوافق بشكل استراتيجي مع رؤيته الطموحة 2030 لتطوير وتعزيز الأداء العام للقوات المسلحة.
وفي سياق الرفض، أعلنت اللجنة التسييرية لبلدية بنغازي في المنطقة الغربية رفضها بوادر فكر التوريث وانحراف مسار توحيد المؤسسة العسكرية بتكليف صدام حفتر بمنصب نائب والده الأمريكي خليفة حفتر.
وقالت اللجنة في بيان لها: «هذا المنصب لا يستند لأي سند شرعي أو وطني ويأتي تكريساً لنهج التوريث العسكري وتحويل القوة إلى ملكية عائلية».
وحذرت من أن هذه الخطوة تشكل انحرافاً خطيراً عن مسار لجنة «5+5» لتوحيد المؤسسة العسكرية وتهديداً للمسار الدستوري والانتخابي، وتقويضاً لجهود بناء مؤسسة عسكرية وطنية محترفة تحت قيادة مدنية شرعية.
ويشغل حفتر منصباً عسكرياً استثنائياً، فمنصب «القائد العام للجيش» الذي يشغله استحدثه مجلس النواب عام 2015 في هيكل الجيش الليبي، وتمت خلاله ترقيته إلى رتبة «مشير» وتعيينه في هذا المنصب، على أن يكون تابعاً لمجلس النواب، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.
بعد تعيين نجله صدام كنائب له حفتر يعين نجله خالد كرئيس للأركان

تعليقات الزوار
لا تعليقات