أخبار عاجلة

مجزار الاحتلال للصحافيين هل تفلت دوما من العقاب

يقول المصور الصحافي خالد طعيمه، ابن مدينة غزة، معلقا، على صفحته على فيسبوك، على تغول جرائم الاحتلال بحق المواطنين، إن “هذه المدينة (يقصد غزة)، منصّة إعدام عصرية، يتزاحم على مشاهدتها أكبر جمهور عرفه التاريخ”.
ورغم حقيقة ما يقوله طعيمه، في جملته القاسية، وهي التي تبدو كصرخة من مواطن غزي، لكنها تكتسب أبعاد مضاعفة مع جريمة الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، التي ارتكب خلالها مجزرة دموية وجماعية بحق الصحافيين في القطاع.
ويعلق مواطنون ونشطاء أن ما تعكسه مجزرة الاحتلال التي أودت بحياة 6 صحافيين معروفي الهوية أثناء جلوسهم في خيمة مخصصة للعمل الصحافي، تثبت أن الاحتلال لا يريد من العالم أن يرى ما سيمر به القطاع في الفترة المقبلة.

نقيب الصحافيين: لا سابقة لها

يصف نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر الجريمة أنها “يوم أسود في تاريخ الصحافة الفلسطينية”، فأن يغتال الاحتلال 6 صحافيين داخل خيمة مخصصة لهم في القطاع فهو نموذج من القتل الجماعي للصحافيين، ويعكس استهدافًا ممنهجًا، الغاية منه القتل، أي قتل أكبر عدد من الصحافيين”.

يضيف أبو بكر في حديث مع “القدس العربي”: “حسب الإحصاءات لدى النقابة فإن القتل أودى بحياة 238 صحافيا حتى الآن، وتدمير نحو 115 مؤسسة إعلامية و22 إذاعة، إلى جانب الاعتقالات والاصابات والتهجير وتدمير المنازل للصحافيين”.

إعلام مشارك في القتل

ويقول متحدثا عن الإعلام الإسرائيلي أيضا: “هذه مجزرة لم تحدث في التاريخ، وتعكس استهدافا ممنهجا من الجهات الرسمية الإسرائيلية التي توزع الأدوار بينها، هناك من يمارس فعل القتل وهو جيش الاحتلال، فيما يتكفل الإعلام ومؤسساته المختلفة في عملية تحريض طويلة ولا نهائية على الصحافيين العاملين في الميدان. نحن إزاء اعلام يشارك في القتل بشكل عملي عبر عملية تحريض طويلة وممنهجة”.
وتابع أبو بكر: “أنس الشريف قدم لنا قبل أيام إفادة نشرناها صباحا، وتضم كل ما تعرض له من تهديدات بالقتل واعتداءات متكررة، لقد قتل والده منذ بداية الحرب، وهجرت أسرته، ودمر منزله، والسبب منع الصحافيين عن إيصال رسالتهم الإعلامية حول ما يجري في غزة”.
وطالب أبو بكر المجتمع الدولي ومؤسسات العالم بمحاكمة الاحتلال، وقال: “لا يمكن أن تتوقف جرائم الاحتلال في حال استمر إفلاتهم من العقاب، وإذا استمرت الجرائم ترتكب من دون أن يكون هناك محاسبة، وهذا يكون عبر جلبهم للقضاء الدولي”.

حزن عميق

رئيس تحرير موقع “بال غراف” محمود حريبات وصف شعوره حين يُستشهد صحافي فلسطيني: “نشعر وكأن جزءًا منا قد قُتل. حزن عميق يصيبنا؛ فقدنا عزيزًا، أخًا، صديقًا، جارًا، قريبًا، حبيبًا أو زميلًا رحل بلا عودة.
وقال لـ”القدس العربي”: “عندما يقتل الاحتلال زميلًا صحافيًا، فإنه يقتلنا جميعًا، ولهذا يكون الحزن كبيرًا والوجع أكبر، فنقول بقهر وألم إن التغطية مستمرة”.
وأضاف: “كتبت قبل عام تقريبا منشورا عن الصحافي الشهيد أنس الشريف جاء فيه: “قبل سنة، ذكرني فيسبوك أني كتبت بوست عن أنس، واليوم بعد سنة اغتالوه … قتلوا الصوت، وقتلونا، وما زالوا مستمرين في قتلنا”.
وتابع: “التغريدة الأخيرة التي كتبها الزميل الصحافي أنس الشريف تعكس عزمه الكبير: “سأنهض وأقوم بواجبي الصحافي تجاه أهلي وبلادي.”

تحريض سبق الجريمة

ووصف حريبات الشريف أنه “صوت غزة وصاحب الكلمة الحرة، حيث واجه أخيرًا حملة تحريض واسعة ومنظمة قادتها منصات إعلامية وشبكات تواصل مرتبطة بالدعاية الإسرائيلية، بسبب دوره في كشف صور المجاعة ونقل معاناة أهله للعالم وفضح الرواية الإسرائيلية”.
وشدد على أن هذا التحريض مهّد الطريق لجريمة اغتياله، بمصادقة نتنياهو ووزرائه وجيشه المجرم، في محاولة لإسكات الإعلام الفلسطيني وكسر الأصوات التي تخترق الجدار الإعلامي العالمي وتكشف حقيقة الحصار والعدوان المستمر على غزة.
أما مدير إذاعة “24 أف أم” إيهاب الجريري فقد تبنى تصورا سوداويا حذر خلاله من أن “اسرائيل ستقتل مزيداً من الصحافيين والمصورين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في غزة، فلم تعد تريد لأحد أن ينقل ما سينفذ من قتل وتجويع وتهجير في غزة خلال الفترة المقبلة”.
وتابع: “سندفع كصحافيين ثمناً باهظاً لأننا سكتنا عندما قتلت الطائرات الحربية الإسرائيلية عشرات الصحافيين دون أن نحرك ساكناً، وها نحن نذهب لأعمالنا وكأن شيئاَ لم يحدث أمس، وهذا سيشجع إسرائيل على قتل المزيد من الصحافيين، الآن في قطاع غزة، وغداً في الضفة”.
وتابع مستذكرا تضحية ومهنية أنس: “من سيلاحق الصواريخ يا أنس؟ من سيصل إلى ردم البيوت قبل سقوطها يا أنس؟! من سيلاحق الرصاصات الطائرة قبل اختراقها لقلوب الناس يا أنس؟! لقد تعبنا من مجرد متابعتك، ومن صوتك المبحوح، ووجهك الملفوح، وفمك العطش، فكيف وأنت لم تهدأ ولم تكل ولم تتراجع على مدار أكثر من 20 شهراً متواصلة”.

الرجل الأبيض

وقالت الباحثة آيه صوفان في مجال سياسات الاحتلال والذكاء الاصطناعي لـ”القدس العربي”: “لقد استيقظ الفلسطيني اليوم يسأل نفسه بحسرة: كيف حدثت الجريمة؟ كيف قتل أنس ورفاقه بهذه البساطة؟ وكيف للمذبحة أن تستمر منذ عامين؟ وكيف يسمح العالم بالإبادة؟”.

وتابعت صوفان: “الجواب موجود، لكن نحن لا نريد أن نراه، مثلا الصحافي الأمريكي المحافظ “تاكر كارلسون” الذي استضاف البروفيسور “جون ميرشايمر” صاحب كتاب مهم عن اللوبي الإسرائيلي، لقد شاهد حلقة البودكاست هذه نحو مليون ونصف مستخدم خلال أسبوعين، وأي فلسطيني شاهدها احتفل فيها، فقد تعودنا أن يكون سقفنا منخفضا، ولم نعتد أن ينصفنا الرجل الأمريكي الأبيض، لم نعتد أن يقول إن ما يجري في غزة هو إبادة وإن إسرائيل تستغل أمريكا”.
وتابعت: “لقد فرحنا وصفقنا للحلقة ولم ندقق عندما قال “تاكر كارلسون”: “برغم أنه لا توجد صحافة ولا صحافيون على الأرض، إلا أن الفيديوهات المنشورة من غزة صادمة”، أكملنا الحلقة ونشرناها ولم نتوقف عن هذا الكلام الذي يسيء للصحافيين في القطاع، لقد ألغى دور الصحافيين في القطاع، صحيح الصحافيون العالميون يمنع عليهم دخول غزة، لكن الصحافيين في غزة مثل أنس واسماعيل وقريقع والمئات الذين قتلتهم إسرائيل هم صحافة على الأرض. كيف يقول إنه لا يوجد صحافة في غزة وشبابنا وشاباتنا من صحافيين يسقطوا على الأرض؟”.

“بي بي سي” والتبني للرواية الإسرائيلية

وتابعت: “تغطية “بي بي سي” اليوم كانت عبارة عن بث خبر مقتل أنس ورفاقه، ومن ثم تبعها مباشرة أن جيش الاحتلال قال إن أنس عضو في “حماس”، وكذلك “سكاي نيوز”.. لقد تبنت رواية جيش الاحتلال، تبرير فج للجريمة، وهذا نهج الصحافة الغربية التي لا ترى صحافيين فلسطينيين على الأرض”.
وختمت قائلا: “عندما نسأل أنفسنا كيف قتلوا أنس ورفاقه والغول والدحدوح وإيمان وشيرين أبو عاقلة وغيرهم مئات الصحافيين والأطباء والعاملين في المجال الإغاثي، وآلاف الأطفال والنساء والمدنيين، تذكر أنّ الصحافة العالمية شريك في الإبادة”.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات