في الوقت الذي يترقب فيه الليبيون إعلان المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، عن خريطة طريق جديدة لحل الجمود السياسي الذي تمر به ليبيا، خرجت تيتيه في لقاء صحافي جديد تحدثت فيه عن أكبر العقبات أمام حل هذا الجمود الذي أثر على المشهد السياسي الليبي منذ العام 2011.
وقالت إن «أبرز العوامل التي تعوق حاليًا مسار الحل السياسي هو غياب سياسة مالية موحدة ووجود مرتزقة أجانب على الأراضي الليبية».
وتناولت مسألة وجود المرتزقة الأجانب على الأراضي الليبية، واصفةً إياها بأنها من أهم الجوانب وأكثرها تحديًا في استعادة الاستقرار والأمن في البلاد، وأكدت أن هذه الظاهرة تعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا باستمرار على معالجتها، على الرغم من تعقيدها.
وقالت مبعوثة الأمم المتحدة: «المرتزقة الأجانب موجودون في الشرق والغرب، وهذا ليس بجديد»، مضيفةً أن «اتصالات جارية مع دول الجوار، مثل تشاد، والمنظمات الدولية لتسهيل عودتهم إلى بلدانهم الأصلية».
وتابعت تيتيه أن بعضهم يغادر البلاد طواعيةً، بينما تبدي مجموعات أخرى مقاومة أكبر، موضحةً أنه على الرغم من أن الوضع لا يزال مُعقدًا، فإن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تعتقد أن هناك فرصة سانحة لمعالجة مشكلة هؤلاء المرتزقة الأجانب وحلها.
وأضافت أن المناقشات جارية مع القيادة السياسية والجهات الأمنية الليبية، من الشرق والغرب، لمعالجة هذه القضية التي تؤثر على مستوى استقرار البلاد.
ووفق وكالة نوفا التي نشرت لقاء تيتيه، لا توجد تقديرات رسمية تقدم أدلة قاطعة على عدد المقاتلين الأجانب الموجودين على الأراضي الليبية، فيما تشير أحدث وثائق الأمم المتحدة إلى وجود 20 ألف مقاتل أجنبي، من بينهم سودانيون وتشاديون وسوريون وروس وأتراك.
وأضافت الوكالة أن قوات مرتبطة بموسكو، وهي جزء من كتيبة فيلق أفريقيا، تتمركز في شرق البلاد، وتوفر التدريب والمعدات والتكنولوجيا العسكرية لقوات حفتر.
وأظهرت تحليلات وتقارير صادرة عن معاهد دولية أن القواعد الروسية الرئيسية هي: قاعدة الجفرة الجوية، على بُعد 280 كيلومترًا جنوب سرت، وقاعدة الخادم الجوية، على بُعد 180 كيلومترًا شرق بنغازي، حيث رصدت تحركات طائرات الشحن الروسية من طراز إليوشن إيل-76.
وفي سياق آخر، قالت تيتيه في حوارها مع نوفا، إن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تتبع نهجًا تصاعديًا قائلة: «نسعى للوصول إلى جميع الليبيين. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الناس لتقديم خارطة طريق سياسية إلى مجلس الأمن الدولي، تقرها الإرادة الشعبي».
وفي هذا الصدد، أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا أهمية الاستطلاع الذي أطلقته البعثة أخيرًا والذي يهدف إلى جمع أكبر عدد ممكن من آراء وتفضيلات الشعب الليبي بشأن المستقبل السياسي للبلاد.
وأوضحت تيتيه: «يهدف هذا الاستطلاع، الذي تلقى أكثر من 15 ألف رد حتى الآن، إلى التأكيد على أن الأمم المتحدة لم تتعامل مع القضية الليبية كما لو كانت نخبة تحاول فرض رؤيتها من الأعلى».
وأكدت مبعوثة الأمم المتحدة أن أحد أركان ولايتها هو الاستماع بالدرجة الأولى إلى الشركاء الاجتماعيين الليبيين لفهم ما يريدونه حقًا وما يطمحون إليه، مع إعطاء آراء المجتمع الليبي نفس الأهمية التي تحظى بها الأفكار التي تعبر عنها القيادة السياسية.
وانطلاقًا من الطابع الليبي البارز الذي يجب أن تتحلى به العملية السياسية، أشارت تيتيه إلى أن إطلاق الاستطلاع كان خيارًا تمهيديًا لإضفاء شرعية أكبر على ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وأشارت الوكالة الإيطالية إلى أن تيتيه ستقدم جدولًا زمنيًا واضحًا في 20 آب/أغسطس، أو على أبعد تقدير في 21 أغسطس، لتحديد الخطوات اللازمة لكسر الجمود السياسي المستمر في ليبيا منذ العام 2011.
مع إقرارها بعدم قدرتها على الإفصاح عن تفاصيل كثيرة، علّقت مبعوثة الأمم المتحدة، على عرض خريطة الطريق لحل الأزمة السياسية في ليبيا والتي ستقدمها إلى مجلس الأمن الدولي. وقالت إنها عملية لا تزال قيد الإعداد، وأكدت أن إصلاح قانون الانتخابات شرط أساسي لإجراء انتخابات في البلاد.
وقبل يومين توصلت لجنة 6+6 واللجنة الاستشارية إلى اتفاق على ضرورة تعديل الإطار الدستوري والقانوني الليبي بهدف تسهيل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحظى بقبول واسع.
جاء ذلك في ختام اجتماع تشاوري استمر يومين، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وجاء الاتفاق بعد إشادة لجنة 6+6 بتوصيات اللجنة الاستشارية الصادرة في 5 مايو، والتزامها بدمجها ضمن الجهود المبذولة لتطوير القوانين الانتخابية وجعلها قابلة للتنفيذ بشكل أكثر فعالية.
وأكد الطرفان على أن تعديل الإعلان الدستوري ومراجعة القوانين الانتخابية هما من الخطوات الأساسية لتحقيق تسوية سياسية شاملة، تتطلب أيضًا تشكيل حكومة موحدة بتفويض انتخابي واضح، وضمانات محلية ودولية لإعادة بناء الثقة بين الشعب والمؤسسات السياسية.
وفي وقت سابق، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام لدى ليبيا، إنها ستُعرض على مجلس الأمن الدولي خلال الإحاطة المقبلة في أغسطس المقبل، خريطة الطريق التي اقترحتها البعثة لحل الانسداد السياسي، والدفع بليبيا نحو الانتخابات.
وتحدثت عن مشاعر الإحباط التي يشعر بها الليبيون، وطرحت إمكانية فرض عقوبات فردية أو اتخاذ تدابير أخرى لضمان المساءلة.
وعقدت جلسات تشاورية مع ليبيين من مختلف المناطق، وممن يعيشون خارج البلاد، بالإضافة إلى طلاب جامعات ليبية، للإجابة عن أسئلتهم والاستماع إليهم واطّلاعهم على جهود البعثة لوضع خريطة طريق سياسية تلبي تطلعات الشعب الليبي، وأشارت تيتيه إلى أن البعثة، ومن خلال استطلاعات الرأي العام والمشاورات الحضورية وعبر الإنترنت، جمعت آراء أكثر من 12500 شخص من مختلف أنحاء البلاد، بما يشمل النساء والشباب والمكونات الثقافية والنقابات.
وفي المقابل، وفي تصريحات منفصلة، توقعت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، أن يستغرق الحصول على توافق من الأطراف الليبية الرئيسية بشأن العملية السياسية بعض الوقت، لكنها قالت: «إذا حصلنا على قبول مختلف الأطراف على خارطة طريق قبل أغسطس، فسنكون على أتم الاستعداد لطلب تقديم موعد اجتماع مجلس الأمن، لإعلانها وإطلاقها».
وأضافت تيتيه، في حوار صحافي، أن تطوير العملية السياسية ينطوي على مشاورات مكثفة حول مقترحات اللجنة الاستشارية، وغيرها من الأطراف الليبية، لضمان سماع جميع الأصوات، وتحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة في مشهد سياسي متشظ.
وقبلها طالبت كتلة التوافق في مجلس الدولة، البعثة الأممية بترجمة مقترحات اللجنة الاستشارية إلى خارطة طريق.
تيتيه تتحدث عن عقبات أمام حل الجمود السياسي في ليبيا

تعليقات الزوار
لا تعليقات