برزت النيجر منذ تشكيل تحالف الساحل مع شريكيها مالي وبوركينا فاسو كحالة استثنائية بالانفتاح على التعامل مع الجزائر وتعزيز علاقاتها الثنائية معها، مما أربك الوضع داخل كونفدرالية الساحل.
وفي ظل هذه التطورات، يعيش التحالف حالة من الارتباك نتيجة تقارب النيجر مع الجزائر فيما يتعارض ذلك مع مواقف مالي المتوترة مع البلد المغاربي.
وشهدت العلاقات الجزائرية النيجرية حركية دبلوماسية وتطورا في قطاعات مختلفة أكدتها تبادل الزيارات، حيث أدى وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب في 7 أغسطس/آب 2024 زيارة إلى نيامي وأسفرت على الاتفاق على عدة مشاريع أهمها عودة شركة "سوناطراك" للعمل في النيجر، الى جانب توقيع مجموعة من الاتفاقات الثنائية خارج إطار التحالف تتعلق بالمحروقات في اطار مشروع كفرا وخط أنابيب الغاز عبر الصحراء. وبدوره أدى الوزير الأول النيجري زيارة إلى العاصمة الجزائرية رفقة وفد رفيع المستوى في نفس الشهر جمعته بنظيره الجزائري نذير العرباوي وشهدت محادثات تبادل فيها الطرفان العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها.
ويعتبر المحلل السياسي النيجري أمادو كوديو أن هذه الزيارات الدبلوماسية تشكل محاولة من الجزائر لتعزيز نفوذها في المنطقة، بعد الخلافات الحادة مع مالي.
ويعود التوتر بين البلدين بعد قرار باماكو في يناير/كانون الثاني الماضي الغاء اتفاق السلام المبرم في العام 2015 بين الجيش المالي والطوارق الذي رعته الجزائر لكنه لم يحقق أي نتائج ملموسة، وإدراج الأخيرة ضمن قائمة الدول غير المتعاونة الى جانب فرنسا والولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن الجزائر لم تستوعب إلغاء الاتفاق في وقت تواجه عزلة في محيطها الأفريقي بسبب سياستها الخارجية الخاطئة وفشلها في تسوية أغلب الأزمات التي تدخلت فيها بهدف حلحلتها.
ويحمّل الباحث الجزائري محمد علاقي التدخلات الأجنبية مسؤولية التوترات في المنطقة بشكل أساسي. ويعتقد أن موقف النيجر المتوازن قد يسهم في إعادة العلاقات بين الجزائر ومالي إلى مسارها الصحيح، خصوصاً في ظل المصالح الاقتصادية المشتركة بين باماكو والجزائر مثل مشروع خط أنابيب الغاز.
وكان نائب رئيس الحكومة الانتقالية المالي والمتحدث باسمها عبدالله مايغا قد شن هجوما على الجزائر خلال الكلمة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا إن "جماعات إرهابية تشوش على المنطقة"، مضيفا "إن لم تكن الجزائر تحترم مالي بسبب وقوفها معها في حرب التحرير ولم تحترم حسن الجوار والجغرافيا المشتركة بين الشعوب، فعليها أن تعلم أن مالي ليست ولاية جزائرية".
بينما وصف وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف كلام مايغا بـ"الاندفاع اللفظي"، مشيرا إلى أن خطابه "لا يليق بمكانة الأمم المتحدة"، وفق بيان للخارجية الجزائرية.
وبعد عام على انشاء كونفدرالية الساحل في 16 سبتمبر/أيلول 2023 فإنها لازالت تواجه أيضًا تحديات حيث أخفق تحالف دول الساحل في وقف تصاعد عنف المتمردين والجماعات المتطرفة التي قتلت 2050 مدنيًا على الأقل في المنطقة في ظرف أشهر. ويعتقد محللون أن التعاون الأمني بين دول التحالف الثلاث ظل شكليا.
وتسعى الحكومات الثلاث الى تعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي بينها خاصة على اثر التوقيع على اتحاد دول الساحل في 6 يوليو/تموز الماضي في نيامي.
تعليقات الزوار
لا تعليقات