أخبار عاجلة

في فاتح جانفي زيادات في التبغ ورفع الأجور ولا ضرائب جديدة

أيام قليلة تفصلنا عن الفاتح جانفي، ومع اقتراب دخول قانون المالية لسنة 2026 حيز التنفيذ، يزداد تساؤل المواطن الجزائري حول ما ستأتي به السنة الجديدة من تغييرات ملموسة على حياته اليومية، فالمواطن يراقب عن كثب مصير الإجراءات الاجتماعية، من منح البطالة ومعاشات المتقاعدين، إلى الزيادات المرتقبة في الأجر القاعدي الأدنى، الذي يُتوقع رفعه إلى 24 ألف دينار.

وفي الوقت نفسه، تتجه الأنظار نحو الإعفاءات والدعم المباشر، أو احتمال فرض ضرائب جديدة على السلع والخدمات، مع متابعة دقيقة لتغير أسعار المواد الأساسية، هذا القلق يزداد حدّة مع الإجراءات الأخيرة التي طالت التعاملات النقدية في البنوك، وتشديد الخناق على منح السفر بحجة "التجاوزات"، وحتى على عمليات الاستيراد، لتصبح أسئلة المواطنين حول قدرتهم على مواجهة تكاليف المعيشة اليومية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

زيادات تخص التبغ والمتهربين من الضرائب

وفي السياق، يكشف عبد الباقي مختاري، عضو الغرفة الوطنية للمحاسبين، لـ"الترا جزائر" عن أهم ما سيتغير بالنسبة للجزائريين بداية من الفاتح جانفي/ كانون الأول 2026 والتأثيرات المباشرة لهذه التغيرات على المواطن الجزائري.

ويعترف مختاري أن قانون المالية للسنة المقبلة لا يشمل ضرائب جديدة على المواطنين العاديين، بل يركز بشكل أساسي على المتورطين في تبييض الأموال والمتهربين الضريبيين، عبر تشديد العقوبات والغرامات وحتى الإجراءات ضدهم بأزيد من 20 مادة، مع توسيع المادة 303 للضرائب لمزيد من الصرامة ضد الغش الضريبي.

وقد شدد على أن العقوبات على المخالفين ستكون صارمة للغاية، بما في ذلك فرض غرامات مرتفعة على المتهربين، أما فيما يخص المواد الاستهلاكية فلن تشهد زيادات ماعدا زيادة الغرامة على التبغ بمقدار 10 دينار لكل وحدة.

أما فيما يخص الأجور ومعاشات المتقاعدين ومنح البطالة، فقد أكد مختاري أن الزيادات المعلن عنها من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لم تُدرج بشكل رسمي في قانون المالية لسنة 2026، إلا أنها ستدخل حيز التنفيذ مع بداية جانفي وهذا بعد أن أمر بها رئيس الجمهورية في اجتماع ملجس وزراء مستقل.

وأوضح أن نص قانون المالية يتضمن متابعة برامج التوظيف ومكافحة البطالة، إلا أن القرارات المتخذة فيما يخص الأجر القاعدي الأدنى المضمون مرتبط بقرارات تنفيذية أخرى متخذة في مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

ويرى مختاري أن هذه النقطة تشكل تحديًا أمام الفئات الأكثر احتياجا، خاصة المتقاعدين والعاطلين عن العمل، الذين كانوا ينتظرون تحسين دخلهم بداية العام الجديد.

اقرأ أيضًا: الاقتصاد الجزائري في 2025.. مؤشرات "خضراء" تُخفي هشاشةً هيكلية

وعن الدعم المباشر للمواطن، أشار مختاري إلى استمرار الإعفاءات الجمركية على بعض المواد الأساسية، مثل اللحوم والمواشي بمناسبة عيد الأضحى، إضافة إلى الزيت والذرة والشعير والبن وبعض المواد الغذائية الأخرى، كما شدد على وجود تسهيلات للراغبين في تصحيح وضعهم الضريبي عبر تقديم طلباتهم لمصالح الضرائب قبل 31 ديسمبر 2026، للاستفادة من دفع نسبة مخفضة من المستحقات، حيث تم تحديدها في البداية بنسبة عشرة بالمائة، وخفضها لاحقا نواب المجلس الشعبي الوطني في التقرير التكميلي إلى ثمانية بالمائة.

ليضيف: " هذه الخطوة تهدف إلى تشجيع المواطنين على الامتثال الضريبي وتقليل الأعباء المالية على التجار الناشطين في السوق السوداء بالدرجة الأولى ، ما يشكل رسالة إيجابية عن نية الدولة احتواء الاقتصاد الأسود".

وحسب المتحدث فإن الحكومة ستواصل سياسة التوظيف في القطاع العام، مع رفع كتلة الأجور بمقدار 8000 مليار سنتيم إضافية، ما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحسين القدرة الشرائية للعاملين في مختلف القطاعات، وأشار إلى أن هذه الزيادة في كتلة الأجور ستوفر موارد إضافية للتوظيف والترقية، خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار وتحديات المعيشة اليومية.

 كما يشير مختاري الى أن قانون المالية لسنة 2026 يحمل رسائل مزدوجة، إذ يجمع بين تشديد العقوبات على المخالفين وحماية خزينة الدولة، وبين تقديم تسهيلات ملموسة للمواطن العادي، خصوصا في ما يتعلق بالمواد الأساسية والتسوية الضريبية، بينما تبقى زيادات الأجور والمتقاعدين غير مفعلة في بداية العام.

لهذه الأسباب لا رسوم جديدة على المواطنين

ومن جهته يجزم الخبير الاقتصادي مراد كواشي لـ "الترا جزائر" أن السلطات في الجزائر فضلت عدم إدراج أي ضرائب كبرى على المواطن سنة 2026 رغم العجز الذي تواجهه الميزانية والذي قدره وزير المالية عبد الكريم بو الزرد خلال مناقشة قانون مالية 2026 ب5500 مليار دينار نهاية السنة المقبلة، وفضلت الحكومة اعتماد ميزانية ضخمة تعادل 135 مليار دينار لمواصلة دعم المواد الأساسية والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، مع الاستفادة من تسبيقات البنوك للخزينة كحل لتدبر الأموال اللازمة أي الاستدانة الداخلية.

واعتبر كواشي أن الوضع الضريبي في الجزائر يحتاج إلى معالجة دقيقة توازن بين حماية المواطن وضمان استقرار المالية العامة، ويشير الخبير إلى أن عدم رفع الضرائب المباشرة على السلع واسعة الاستهلاك وإبقاء الإعفاءات الممنوحة لها خيار استراتيجي، مضيفا أن أي زيادة مفاجئة في معدلات الضرائب ستزيد الضغط على المواطن وتشجع التهرب الضريبي، ما ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني.

ويضيف أن توسيع الأوعية الضريبية عبر إدماج المؤسسات التي تعمل في السوق الموازية وفرض رسوم جديدة على أنشطة محددة يعد خطوة أساسية، هذه الإجراءات، كما يؤكد، ستزيد الإيرادات العامة من دون تحميل المواطنين عبء إضافي، ما سينعكس مباشرة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ويشدد المتحدث على أن التهرب الضريبي يشكل قنبلة موقوتة، فرفع الضرائب بشكل سريع قد يدفع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى العمل خارج النظام الرسمي، ما يؤدي إلى خسائر أكبر للخزينة العامة، لذلك أي إصلاح يجب أن يكون تدريجيًا وحكيمًا، بعيدًا عن الإجراءات الانفعالية.

كما يشير إلى أن الإعفاءات على السلع واسعة الاستهلاك ليست مجرد هدية للمواطن، بل أداة لضبط التضخم وحماية القدرة الشرائية. فرفع هذه الإعفاءات قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مباشرة، لا سيما على الفئات محدودة الدخل، ويزيد من حدة التوتر الاجتماعي.

ويطرح الخبير رؤية للإصلاح الضريبي الذكي، تشمل توسيع الضرائب غير المباشرة على القطاعات المربحة، وتشجيع الاقتصاد الرقمي على دفع حصته، وتحفيز الشركات الكبرى على الالتزام بالشفافية المالية، هذه الاستراتيجية تضمن حسبه استدامة الإيرادات وتخفف الضغط على المواطنين في الوقت نفسه.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات