واصلت قوات الاحتلال ارتكاب المجازر الدامية في كافة مناطق قطاع غزة، وشنت هجمات عنيفة على المناطق التي بدأت فيها عمليات عسكرية برية، رغم رحلات النزوح المستمرة للسكان، ما أوقع عشرات الضحايا الجدد، ومن بينهم أطفال، في الوقت الذي حذرت فيه مشافي شمال القطاع من توقف خدماتها بسبب نفاد الوقود والدواء.
مجازر ونزوح
وفي وسط قطاع غزة، زادت الأوضاع الإنسانية خطورة، بعد ترحيل سكان مخيم المغازي، لينضموا إلى النازحين قسراً من شرق وجنوب مدينة دير البلح، حيث واصلت قوات الاحتلال استهداف تلك المناطق بالقصف المدفعي والجوي، موقعة ضحايا في صفوف المواطنين.
وعلى وقع استمرار عمليات النزوح، وقعت مجزرة جديدة جراء قصف طائرة حربية إسرائيلية شقة سكنية في شارع المزرعة بمدينة دير البلح، ما أدى لاستشهاد 7 مواطنين، هم أم وأبناؤها الستة.
كما قامت تلك الطائرات بقصف منزل في مخيم النصيرات، ما أسفر عن ارتقاء أربعة شهداء، وإصابة العشرات بجراح مختلفة.
وليل السبت، استشهد أربعة مواطنين، في قصف للاحتلال الإسرائيلي منزلاً في منطقة الحكر جنوب مدينة دير البلح.
كما شنت طائرات الاحتلال غارة على برج سكني في مخيم النصيرات، ما أدى إلى تدميره، كما استشهدت سيدة في قصف شقة سكنية أخرى في المخيم، الذي يؤوي عدداً كبيراً من النازحين.
واستهدفت قوات الاحتلال، التي بدأت بالتوغل البري في مناطق جديدة تقع ما بين حدود مدينتي دير البلح وخان يونس، مناطق شرق دير البلح بالعديد من قذائف المدفعية، كما قامت بنسف مبان سكنية في منطقة الجعفراوي شرق دير البلح.
وسقط العديد من القذائف المدفعية على مخيم المغازي وسط القطاع، الذي واصل سكانه النزوح القسري، وقال شهود عيان إن سقوط القذائف لم يقتصر على المناطق الشرقية الحدودية، بل إن عدداً منها سقط على مناطق سكنية، ما أجبر العوائل على النزوح القسري، خشية سقوط القذائف على مناطق سكنها.
واستهدفت قوات الاحتلال مناطق أخرى قريبة تقع شرق مخيم البريج بالقصف المدفعي والصاروخي، كما استهدفت شمال مخيم النصيرات، وحدود بلدتي الزهراء والمغراقة القريبتين من “محور نتساريم” الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
الهجوم على خان يونس
وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع، وسعت قوات الاحتلال من توغلها البري شرق المدينة، ودخلت الدبات مناطق وأحياء جديدة في بلدات الشرق، على وقع عمليات قصف مدفعي وجوي عنيف أسقط عدداً من الضحايا.
وسقط أربعة شهداء وعدد من الجرحى في قصف الاحتلال منزلاً لعائلة مصبح في بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس.
كما استشهدت مواطنة ووقعت عدة إصابات بجراح مختلفة، حين أطلقت قوات الاحتلال النار على المناطق المحيطة بمدينة حمد شمال غرب مخيم خان يونس.
وأعلنت مصادر طبية عن سقوط شهيد طفل وعدد من الإصابات في منطقة العقاد بالشطر الغربي، جراء القصف المتقطع في المكان، كما جرى انتشال جثمان شهيد طفل من منطقة أصداء غرب خان يونس.
ووقعت إصابتان في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين في بلدة عبسان الجديدة شرقي المدينة.
وقصفت قوات الاحتلال أحياء تقع شمال وجنوب المدينة، والتي شملتها، قبل أيام، أوامر الإخلاء القسري، كما سمعت أصوات انفجارات عالية من تلك المناطق، ناجمة عن قيام جيش الاحتلال بنسف مبان سكنية في بلدات القرارة وبني سهيلا.
وأطلقت مروحيات جيش الاحتلال النار من رشاشات ثقيلة على المناطق الشمالية الغربية لمدينة خان يونس، كما استهدفت مدينة حمد السكنية شمال المدينة.
أما في مدينة رفح، فقد انتشلت طواقم الإنقاذ جثمان شهيد، من مفترق موراج شمال المدينة.
كذلك واصلت قوات الاحتلال التوغل البري المستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وطالت غارات جوية عنيفة مناطق تقع شرق المدينة، وأخرى في المنطقة الجنوبية المتاخمة للحدود مع مصر، وذلك في إطار العمليات الرامية لتدمير جميع المنازل القريبة من “محور فيلدلفي”، وهو الشريط الحدودي بين جنوب القطاع ومصر.
كما سمعت انفجارات تلاها تصاعد أعمدة الدخان من أحياء تل السلطان والسعودي غرب مدينة رفح، وفي تلك المناطق قامت طائرات مروحية إسرائيلية بإطلاق النار بشكل عشوائي.
غارات دامية على الشمال
كما شنت قوات الاحتلال عدة غارات جوية على مدينة غزة، وذلك على وقع تصعيد عمليات القصف المدفعي للمناطق الشرقية القريبة من الحدود، والجنوبية القريبة من “ممر نتساريم”.
وسقطت شهيدة وعدد من الإصابات في قصف طائرات الاحتلال منزلا لعائلة جودة في حي الصبرة.
وجاء ذلك في وقت أطلقت فيه آليات الاحتلال نيران أسلحتها الثقيلة صوب منازل المواطنين في حيي الصبرة والزيتون، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف، كما تخلل الهجمات قيام طائرة مسيرة من نوع “كوادر كبتر” بإلقاء قنبلة متفجرة على محيط مسجد الإيمان بحي الصبرة.
كما طالت هجمات جيش الاحتلال مناطق أخرى في حي تل الهوا، ما أدى إلى تدمير المناطق المستهدفة.
وطالت عدة غارات جوية مناطق أخرى في شمال القطاع، واستشهد أربعة مواطنين وأصيب آخرون بينهم أطفال، جراء قصف طائرات الاحتلال شقتين سكنيتين في مخيم جباليا لعائلتي طبيل وأبو قرع.
وقصفت قوات الاحتلال بلدة بيت حانون، ومحيط منطقة الشيخ زايد، وهما من المناطق التي جدد جيش الاحتلال تحذيراته لسكانها بالنزوح القسري.
كما قامت قوات الاحتلال بشن غارات أخرى استهدفت حدود بلدة جباليا الشرقية، كما قامت بإطلاق قذائف مدفعية على محيط المستشفى الإندونيسي.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن قيام جيش الاحتلال بارتكاب مجزرتين في قطاع غزة خلال الساعات الـ 34 الماضية، وصل منها للمستشفيات 25 شهيداً و72 إصابة.
وذكرت أن عدد ضحايا العدوان على القطاع ارتفع إلى 40099 شهيداً و92609 إصابات، منذ السابع من اكتوبر الماضي، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وقد تضاعفت أزمة السكان الإنسانية في قطاع غزة، بسبب قلة الطعام والدواء، مع استمرار إغلاق معبر رفح البري الذي كانت تمر منه المساعدات، وإبقاء جيش الاحتلال على فتح معبر كرم أبو سالم الخاضع لسيطرته بشكل كامل، بشكل جزئي.
توقف المشافي
وحذر مستشفى كمال عدوان، شمال قطاع غزة، من توقف خدماته خلال 24 ساعة بسبب نفاد الوقود وعدم توفر المستلزمات الطبية اللازمة لعلاج المرضى، وجاء ذلك بعد أن حذر مستشفى العودة في شمال القطاع من توقف خدماته أيضاً لذات السبب.
وتترافق هذه الأزمة مع زيادة الضغط كثيراً، خلال اليومين الماضيين، على مناطق النزوح القسري، التي هجرت إليها أعداد كبيرة من السكان، بناء على تهديدات جيش الاحتلال.
وكانت بلدية دير البلح أعلنت أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية الجديدة لمناطق شرق المدينة تسببت في خروج 10 آبار مياه عن الخدمة، ما يقلص كميات المياه التي ستوفر لسكان المدينة والنازحين فيها.
وفي هذا السياق، دعا المجلس الوطني الفلسطيني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم لحماية المدنيين الفلسطينيين، والعمل على وقف الجرائم الوحشية التي ترتكب بحقهم، ومحاسبة مجرمي الحرب، وقال: “الاحتلال لم يكتف بالمجازر البشعة التي يرتكبها بحق العائلات، وراح ضحيتها العشرات من الشهداء (..) بل استمر في جريمة تهجير النازحين قسراً”، مشيراً إلى أن جريمة تهجير النازحين تتزامن مع حملة تدمير انتقامية واسعة في مدينة رفح وتدمير عشرات الأبراج السكنية في مدينة حمد.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” حذرت من تقليص إسرائيل “المنطقة الإنسانية” المزعومة إلى 11% فقط من قطاع غزة، وتحدثت، في منشور لها على منصة “أكس”، عن نزوح آلاف العائلات في غزة مع إصدار سلطات الاحتلال أوامر إخلاء جديدة، وطالبت في ذات الوقت بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
كذلك أدان مركز حماية لحقوق الإنسان أوامر الإخلاء للسكان المدنيين والنازحين التي كان آخرها مجموعة أوامر في جنوب قطاع غزة لمناطق القرارة ومدينة حمد وأحياء شرق خان يونس والبريج والمغازي، والتي جميعها مكتظة بالنازحين، وقال في تقرير أصدره إنه رصد عشرات الأوامر لما يزيد عن 80% من مساحة قطاع غزة، بعدما قام جيش الاحتلال بتقسيم المربعات سكنية في كل قطاع غزة لـ 2376 بلوك بمساحات مختلفة، جلها طالتها عمليات الجيش البرية والجوية.
وأكد أن غالبية سكان قطاع غزة تلقوا أوامر الإخلاء القسري عدة مرات في أماكن مختلفة، ما اضطرهم للنزوح المتكرر الذي وصل لأكثر من 10 مرات، مشيراً إلى أن أوامر الإخلاء تستخدم كـ “عقاب جماعي” للمدنيين، كما تستخدم لـ “الترهيب النفسي، وكورقة ضغط تفاوضية، إضافة إلى أنها أوامر صورية لتجميل صورة عمليات الجيش رغم أن هذه الأوامر لا تمهل النازحين سوى دقائق، ومعظم الأحيان تنفذ الهجمات بالتزامن مع هذه الأوامر، ما يوقع ضحايا في صفوف المدنيين”.
وأشار إلى أن الفشل الدولي في وقف العدوان على قطاع غزة “يمثل سبباً رئيسياً في توسيع وتعميق الجرائم بحق الفلسطينيين بقطاع غزة خلال 10 أشهر”، وحذر المركز من حرب قد تكون “أكثر فداحة وأخطر على الإقليم والإنسانية جمعاء”، وطالب بإدخال المساعدات ووقف معاناة المدنيين، وضمان عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة بدون قيود دون ربطها بأي مفاوضات أو شروط.
تعليقات الزوار
لا تعليقات