أخبار عاجلة

الأخضر الإبراهيمي: ما يحدث في غزة إبادة معروفة للجميع

حذّر وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي مما وصفه بـ”تغلغل إسرائيل في المغرب”، مؤكداً أن هذا التطور يثير تساؤلات جدية حول مستقبل التعاون المغاربي، في ظل الأزمة المستمرة منذ عقود في المنطقة.

وجاءت تصريحات المبعوث الأممي السابق، في حوار مع قناة Global Africa Telesud على يوتيوب، حيث قدّم قراءة نقدية للانسداد المزمن الذي يواجه اتحاد المغرب العربي منذ ثلاثة عقود.

وخلال المقابلة، سأل الصحافي عن وضع الاتحاد المغاربي، مقدّما المغرب باعتباره “البلد الوحيد الذي يبدو أنه يتحرك ويعزز نفوذه، بينما تبدو الجزائر عائقاً أمام تقدّم المشروع المغاربي”، وفق ما قال. لكن الإبراهيمي رفض هذا الطرح، موضحاً أن الصورة أكثر تعقيداً.

وقال: “لا، لست موافقاً. المغاربة، شباباً وكهولاً، يتظاهرون تقريباً كل يوم ضد إسرائيل. وأعتقد أن إسرائيل دون أن أبالغ تتغلغل في المغرب وتستقر فيه”.

وعند تعليق الصحافي بأن هذا خيار اتخذته السلطات المغربية، ذكر الإبراهيمي متسائلاً: “نعم، هذا خيار من السلطة، لكن هل هو خيار جيد للمنطقة المغاربية؟ هل يسهّل بناء المغرب العربي أم يعقّد الوضع؟”.

وفي تقييمه لأسباب تعثر اتحاد المغرب العربي، أشار الإبراهيمي إلى أن دوله الأساسية الجزائر، تونس والمغرب “لم تنجح في تنظيم نفسها”، وأن كل بلد يعاني من مشكلات داخلية جدية، إضافة إلى الخلافات الثنائية التي تعمّق الجمود، خاصة ما يتعلق بالصحراء الغربية.

وتطرّق الدبلوماسي الجزائري إلى آثار هذا الانسداد على العلاقات مع أوروبا، قائلاً إن المسؤولية عن تعطّل التعاون الأورومغاربي ليست واضحة، لكنه ذكّر بأن جهوداً بُذلت سابقاً لتحريك هذا المسار دون نتائج كبيرة.

ورغم اعترافه بأن الجيل الذي ينتمي إليه “لم ينجح” في تحقيق حلم التكامل المغاربي، إلا أنه أعرب عن أمله في الجهود الجارية داخل البلدان الثلاثة لتجاوز هذه الأزمة.

من جانب آخر، وفي حديثه عن التحولات الدولية، قدّم الإبراهيمي رؤية متشائمة في جزء منها، قائلاً إنه كان يخشى اندلاع حرب عالمية قبل سنوات، قبل أن يلاحظ أن القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة، الصين وروسيا، لا تريد مواجهة شاملة، مع تأكيده أن ذلك لا يعني وجود رغبة حقيقية في التعاون.

وبخصوص النظام العالمي بعد الحرب الباردة، اعتبر أن ما وُصف بـ”القرن الأمريكي” لم يكن سوى “مرحلة انتقالية” نحو تعددية قطبية لم تتبلور بعد.

ولم يخف الدبلوماسي المخضرم، تخوفه من تأثير الولاية الحالية لدونالد ترامب على استقرار العالم، قائلاً إن الرئيس الأمريكي “قلب موازين كثيرة ويجعل السنوات المقبلة محفوفة بالقلق”.

أما عن غزة، فاعتبرها “نقطة الارتكاز المركزية للأزمة العالمية”، قائلاً إن ما يحدث فيها “إبادة معروفة للجميع، حتى لمن يقترفونها وإن لم يصرّحوا بذلك”، مضيفاً أن الغرب “تخلى عن كل ما كان يقوله عن حقوق الإنسان”.

ورغم الانتقادات الموجهة للأمم المتحدة، شدّد الإبراهيمي على أنها تبقى “ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها”، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تستعمل الفيتو بشكل متكرر لمنع حلول، خاصة في الشرق الأوسط.

وحول خلاصة تجربته في الوساطة الدولية، أبرز الإبراهيمي أن “كل أزمة مختلفة وتتطلب مقاربة جديدة، مع ضرورة التكيّف المستمر مع تغيّر الوقائع”، قبل أن يذكّر بمبدأ أساسي: “الشعوب هي التي تحل مشكلاتها، ودورنا هو المساعدة وليس اتخاذ القرار نيابة عنها”.

وعرف الأخضر الإبراهيمي بمسار دولي طويل في مجال الوساطة وحل النزاعات تحت راية الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى. بدأ مشواره في العمل السياسي ممثلًا لجبهة التحرير الوطني خلال الثورة الجزائرية، ثم شغل مناصب دبلوماسية متعددة بعد الاستقلال منها منصب سفير في مصر والسودان والمملكة المتحدة، كما كان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ومبعوثها الخاص لليمن ولبنان، حيث ساهم في التوصل إلى اتفاق الطائف لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية أواخر ثمانينيات القرن الماضي. كما شغل حقيبة وزير الخارجية الجزائرية في بداية تسعينيات القرن الماضي قبل انتقاله إلى العمل الأممي.

وفي الأمم المتحدة، برز الإبراهيمي كأحد أبرز المفاوضين الدوليين، فقاد بعثات خاصة في جنوب إفريقيا خلال انتخابات 1994 التي نتج عنها انتخاب نيلسون مانديلا، وفي هايتي وأفغانستان. كما عمل مبعوثًا خاصًا للعراق بعد حرب 2003 وسوريا خلال الحرب بين 2012 و2014.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات