رصدت الحكومة الجزائرية أكبر موازنة في تاريخ البلاد بلغت 131 مليار دولار للعام 2026، مع مخصصات مالية غير مسبوقة لقطاع الدفاع، رغم الدعوات لتركيز الجهود على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وإيجاد حلول عاجلة لتدهور الخدمات الأساسية.
ويرى متابعون للشأن الجزائري أنه كان يفترض توجيه هذه الموارد المالية الضخمة لمعالجة المشاكل الملحة مثل ارتفاع مستويات التضخم وتأثيره على الأسعار وقدرة المواطنين الشرائية والحاجة إلى تحسين البنية التحتية بهدف استقطاب استثمارات أجنبية تخفف نسبة البطالة المتفشية في صفوف الشباب والتي دفعت الآلاف منهم إلى الهجرة.
ويعتبر البعض أن الإنفاق العسكري يمثل عبئاً كبيراً على اقتصاديات الدول النامية، وفي الحالة الجزائرية، يشكل استنزافاً لموارد النفط والغاز في "معارك وهمية" أو "سباق تسلح" إقليمي، بدلاً من استثماره في تنويع الاقتصاد وتحقيق تنمية مستدامة في بلد لا يزال يعاني أزمات في التزويد بالمياه أدت إلى اندلاع احتجاجات في العديد من المدن على غرار تيارت العام الماضي، في مظاهرات عارمة وصفها منتقدون بـ"انتفاضة العطش".
وينتقد بعض المحللين استخدام "الخطاب الحربي" أو تضخيم التهديدات الإقليمية (مثل عدم الاستقرار في منطقة الساحل) كوسيلة لتحويل أنظار الشعب عن الإحباط الاقتصادي وتبرير الاستمرار في هذا الإنفاق الضخم.
ورغم وجود توجه جزائري نحو الصناعة العسكرية، إلا أنه لا يزال الجزء الأكبر من الإنفاق يذهب لشراء الأسلحة، مما يحافظ على التبعية للموردين الخارجيين، فيما يحذر بعض المنتقدين من أن الأسلحة المشتراة قد تتقادم وتخرج عن الخدمة دون أن تستخدم، ما يعني تبديدا للمال العام.
وتؤكد السلطات الجزائرية أن هذا الإنفاق هو إستراتيجي ومبرر بالدرجة الأولى لاعتبارات الأمن القومي في ظل الظروف الجيوسياسية المتقلبة، خصوصاً على الحدود مع دول الساحل، وتزايد التهديدات الإرهابية، بالإضافة إلى التوجه نحو بناء قاعدة صناعية عسكرية لتحقيق الاستقلالية والاكتفاء الذاتي.
وتتوقع الموازنة للعام المقبل مستوى إنفاق تاريخي بزيادة قدرت بـ5 مليارات دولار مقارنة بالعام 2025، فيما تقدر مخصصات الدفاع الوطني بـ27.17 مليار دولار، بزيادة تقارب ملياري دولار عن العام الماضي، وفق لوثيقة مشروع قانون المالية.
وبحسب المصدر نفسه فإن الإيرادات الإجمالية ستبلغ نحو 62 مليار دولار، فيما تصل قيمة التحويلات الاجتماعية (مخصصات الدعم) إلى44.6 مليار دولار، منها 3.3 مليارات دولار موجهة لمكافحة البطالة.
ولا يتضمن مشروع القانون أي ضرائب جديدة، لكنه يقترح إجراءات صارمة لمحاربة التهرب الضريبي، الذي يمثل المصدر الرئيسي للاقتصاد الموازي، والمقدر بين 50 و60 مليار دولار.
وتشمل هذه الإجراءات رفع الغرامات على المخالفات الجبائية، وتشديد الرقابة على المعاملات المالية. كما يتضمن المشروع إجراءات جديدة لمكافحة تهريب العملة وغسيل الأموال، منها توحيد سقف التصريح بالعملة عند دخول البلاد أو مغادرتها، إضافة إلى تشديد الرقابة على تجارة المعادن الثمينة وفرض تراخيص مسبقة على المتعاملين في هذا المجال.
ويعاني اقتصاد الجزائر تبعية مفرطة لإيرادات النفط والغاز، إذا تمثل نحو 90 بالمئة من مدخول البلاد من النقد الأجنبي. وفي 2024 سجل أرقاما إيجابية، أبرزها احتلال المرتبة الثالثة في إفريقيا، بعد جنوب إفريقيا ومصر.
تعليقات الزوار
من احرار الجزائر
كلما زاد الإنفاق على الدفاع كلما كانت هناك نية فساد من الجنرالات لاقتسام الكعكعة بينهم سيما في هذه الظرفية خوفا من ثورة الشعب فيريدون تضخيم حساباتهم في الخارج و استثمارها هناك في اقتناء الفنادق و المطاعم و الشقق. و هكذا يدعون انفاقها في الدفاع لكي لا أحد يعارض لأنهم نجحوا في استحمار الشعب بأن الجزائر مستهدفة من الخارج و الحقيقة أنها كانت و لا تزال مستهدفة من الجنرالات الاقوياء على رأسهم شنقريحة.