أخبار عاجلة

تجدد الخلافات الليبية يُهدد بالعودة إلى نقطة الصفر

تتجه الأنظار في ليبيا مجددًا نحو العلاقة المتوترة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث تلوح في الأفق احتمالية تجدد الخلافات، لا سيما فيما يتعلق ببنود الترشح للرئاسة وتطورات خريطة الطريق الأممية، وهو ما ينذر بعودة العملية السياسية إلى «نقطة البداية» بحسب توقعات بعض أعضاء مجلس النواب.
وتوقع عضو مجلس النواب عمار الأبلق، تجدد الخلافات حول شروط الترشح للرئاسة، معتبرًا أن ترك الأمر للتنسيق بين لجنة (6+6) واللجنة الاستشارية الأممية كان ليكون أفضل من تركه للمجلسين مجددًا، ما يعكس حالة القلق من التنازع المؤسساتي المستمر.
ويشير عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي إلى أن العلاقة بين المجلسين تجاوزت كونها علاقة تنسيق مؤسساتي، لتتحول إلى «علاقة تنازع صلاحيات وانعدام ثقة»، متهماً مجلس الدولة بأنه أصبح «كيانًا سياسيًا» له تحالفات إقليمية ودولية تضمن بقاء حكومة الدبيبة، ومؤكداً أن صراع الحكومة والبرلمان سببه توجهات مجلس الدولة ومحاولاته «للإقصاء والمباغتة في الملفات السياسية». هذه التصريحات تبرز عمق الأزمة وغياب الثقة المتبادل الذي يشكل حجر عثرة أمام أي تقدم سياسي مستدام.
وفي المقابل، يبدو أن هناك تحركاً ملموساً في ملف المناصب السيادية، حيث أكد عضو مجلس النواب عدنان الشعّاب مضي البرلمان في تغيير شاغلي هذه المناصب، بدءاً بـ رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
وأوضح الشعّاب أن محضر الاتفاق بشأن المفوضية قد اعتُمد من قبل رئيسي المجلسين، مشيراً إلى أن مجلس الدولة أحال الرسائل المتعلقة بالمناصب السيادية إلى البرلمان وفق اتفاق بوزنيقة. ومن المقرر عقد جلسة في مجلس النواب لاختيار ثلاثة مرشحين من أصل سبعة لرئاسة المفوضية، تُحال أسماؤهم لاحقًا إلى مجلس الدولة لاختيار مرشح واحد يعود لاعتماده من قبل البرلمان، على أن يتلو ذلك مناقشة ملفي هيئة الرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد ثم منصب رئيس ديوان المحاسبة.
ورغم هذا التوافق الجزئي على خطوات المناصب السيادية، لا يزال الخلاف كامناً حول الآلية المعتمدة لتسمية مجلس إدارة المفوضية، حيث أكدت عضو مجلس الدولة أمينة المحجوب أن مجلس الدولة يسعى لتذليل الصعاب لتسمية مجلس الإدارة، بينما «يصر مجلس النواب على الالتزام باتفاق بوزنيقة».
وفي الوقت الذي أكد فيه الشعّاب أن مجلس النواب سيعلن قريباً موقفه من خارطة الطريق الأممية وتعديلات القوانين الانتخابية، باعتباره الجهة المخوّلة بإصدارها، يظل الموقف النهائي من الخارطة محل ترقب.
في سياق متصل، بحث رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة مع نائبة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني خوري، الملاحظات الواردة في تقرير اللجنة التابعة للمجلس المعنية بتقييم ودراسة خارطة الطريق الأممية، والذي تم إقراره يوم الإثنين الماضي.
وكان تكالة قد التقى سفير بريطانيا لدى ليبيا مارتن لونغدن، لمناقشة العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة و»أهمية دعم المجلس لضمان تقدم ليبيا نحو انتخابات حرّة ونزيهة». وتقوم خريطة الطريق الأممية، التي طرحتها الممثلة الخاصة للأمين العام رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هانا تيتيه في 21 آب/أغسطس الماضي، على ثلاث ركائز رئيسية: إعداد إطار انتخابي متماسك، وتشكيل حكومة جديدة موحدة، وآلية للحوار لمعالجة القضايا الخلافية، وتستهدف إعادة إطلاق العملية السياسية المتعثرة.
وفي حين صوت مجلس الدولة بـ 47 صوتاً مقابل 60 على خريطة الطريق بعد مناقشة تقرير اللجنة، اعتبر عضو المجلس سعد شرادة أن مقترح الخريطة «سيعيد العملية إلى نقطة الصفر»، لأنه ينص على تعديل القوانين الانتخابية بنظام 6+6، مؤكداً أن القوانين الحالية كانت جيدة وتوافقية. هذا التباين في المواقف داخل مجلس الدولة نفسه يضيف تعقيداً جديداً إلى المشهد.
ومع مرور أكثر من شهر ونصف على طرح الخارطة الأممية، لم تحدث خطوات حقيقية ملموسة تجاه أي ركيزة من ركائزها، ما يثير تساؤلات حول تعثر التحرك الأممي.
ووفق التقرير الصادر عن موقع «سكيورتي كونسيل ريبورت» المعني بتحليل عمل مجلس الأمن، فإن الجمود السياسي مستمر بشأن التشريع المقترح لإجراء انتخابات وطنية، وأن إحدى نقاط الخلاف الرئيسية تتمثل في تشكيل حكومة موقتة موحدة لتنظيم الانتخابات.
في الإطار الدولي، يستعد مجلس الأمن لعقد إحاطة للمبعوثة الأممية في 14 تشرين الأول/أكتوبر، تتناول آخر التطورات وسبب تعثر تنفيذ الخطة، كما يستعد لتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (يونسميل) التي تنتهي بنهاية الشهر.
ويُرجح أن يُبقي المجلس على المهام الأساسية للبعثة، مع إمكانية تحديث الولاية لتعكس السياقات الأمنية والسياسية الأخيرة، وطلب تحديثات دورية حول تنفيذ خارطة الطريق.
وصدر بيان من أعضاء مجلس الأمن في 3 أيلول/سبتمبر رحبوا فيه بإحاطة تيتيه وحثوا الأطراف الليبية على المشاركة الكاملة وتقديم التنازلات اللازمة. كما أجمع كل من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على دعم خارطة الطريق في اجتماعهم الثلاثي السادس.
ويبقى التحدي الرئيسي في قدرة المجلسين على تجاوز خلافاتهما المعهودة، خاصة في ملف شروط الترشح للرئاسة والقوانين الانتخابية، والانخراط بجدية في خارطة الطريق التي يدعمها المجتمع الدولي، لتجنب العودة إلى مربع الانسداد السياسي، في ظل استمرار انعدام الثقة وتنازع الصلاحيات.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات