لم يتوقف في موريتانيا لحد الآن، الجدل الذي أثارته تصريحات النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد، التي أدلى أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، والتي اتهم فيها النظام الموريتاني بممارسة «القتل على الهوية».
وأثارت هذه التصريحات التي أكد النائب المعارض أنه لن يتراجع عنها، موجة تنديد واسعة وفتحت الباب أمام مطالب بمحاكمته، مقابل دفاعات خجولة من بعض الشخصيات المعارضة. وفي هذا السياق، أصدرت منظمة «العافية امونكه» (السلام أفضل) التي يقودها الحقوقي المعتدل أحمد ولد خطري، بيانًا شديد اللهجة اعتبرت فيه «أن بعض الشخصيات التي لا تربطها صلة بحركة «إيرا» آثرت الدفاع عن بيرام بدل إدانة تصريحاته الكاذبة والخطيرة».
وأكد البيان «أن ولد اعبيد أعاد لاحقًا تأكيد تصريحاته دون ندم، ولم يترك، بحسب المنظمة، سوى «باب المساومة مقابل المال والاعتراف الرسمي بحزبه»، واصفة أسلوبه بأنه «ابتزاز ومزايدة».
وأوضحت المنظمة «أن دعم هذا الخطاب لا يخرج عن إطار «استراتيجية سياسية بأربعة وجوه»: خطاب وطني معتدل، وخطاب راديكالي لأتباع «إيرا»، وخطاب جامع للجاليات في أمريكا، وخطاب عنصري لبعض الشبكات الراديكالية الأوروبية».
وأضاف البيان: «كيف يمكن لأطر ومثقفين لم ينزلقوا يومًا في الراديكالية أن يجدوا أعذارًا لشخص يصرّح بلا مواربة أن السود يُقتلون في موريتانيا، فقط لأنهم سود؟».
ورغم تهديدات وشتائم من بعض أنصار «إيرا»، أكدت المنظمة «أنها لا تفكر في رفع دعاوى قضائية ضدهم، مؤكدة «أن كثيرًا منهم «ضحايا خطاب شعبوي ديماغوجي»، داعية إياهم «للانخراط في مشروع وطني جامع يقوم على العدالة الاجتماعية والتنمية وفرص العمل، ضمن الأطر القانونية للجمهورية».
ومن جانبه، صعّد بيرام من لهجته في تسجيل صوتي جديد، مهاجمًا نظام الرئيس الغزواني وواصفًا سياساته بـ»الكذب على الشعب ونهب الثروات».
وتحدث ولد اعبيد عن «منح البحر للأتراك والذهب للكنديين»، متسائلًا عن مليارات برنامج «تآزر» وعن نتائج الحوارات السياسية السابقة، معتبرًا أن النظام يمارس «كذبة جديدة» بالتحضير لحوار قادم.
وجدّد النائب المعارض اتهامه للحكومة «بحرمانه من ترخيص حزبه حزب «الرك»، واصفًا ذلك بـ»الكذبة الكبرى» التي شكلت نقطة قطيعة نهائية مع النظام.
وفي المقابل، ردّت الحكومة بلسان وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة الحسين ولد مدو، الذي أكد أن «وحدة وأمن ولحمة المجتمع الموريتاني أقوى وأبقى من كل خطابات سياسية كاذبة أو أخبار زائفة يتم تسويقها داخليًا أو تعليقها خارجيًا».
وشدد ولد مدو على أن موريتانيا دولة قانون، ولا أحد فوق القانون، خصوصًا إذا تعلق الأمر بخطابات تمسّ بالوحدة الوطنية أو النسيج الاجتماعي.
وبين تصعيد بيرام من الخارج، وموقف الحكومة الحازم في الداخل، يزداد المشهد السياسي سخونة مع انقسام الآراء بين من يرى أن تصريحاته «خطيرة وتستوجب المحاكمة» ومن يعتقد أنها مجرد «تكتيك سياسي» في مواجهة السلطة.
لكن الثابت أن الأزمة الأخيرة عمّقت الشرخ القائم في الخطاب السياسي الموريتاني، ووضعت البلاد أمام تحدي الحفاظ على السلم الاجتماعي وسط استقطاب متصاعد.
دعوات لمحاكمة ولد اعبيد لاتهامه النظام بالقتل على الهوية

تعليقات الزوار
لا تعليقات