دخلت الجزائر المراحل الأخيرة من المفاوضات مع شركتي "إكسون موبيل" و"شيفرون" الأمريكيتين، بهدف إبرام اتفاق غير مسبوق لاستغلال احتياطات الغاز الهائلة في البلاد، بما في ذلك الغاز الصخري، وذلك للمرة الأولى في تاريخ قطاع الطاقة الجزائري.
وحسب ما أوردته مجلة "بلومبيرغ" الأمريكية المتخصصة في الاقتصاد، فإن سمير بختي، رئيس هيئة تنظيم الطاقة "النفط"، قال في تصريح خاص لها، إن الجوانب التقنية للاتفاق تم التوصل إليها "إلى حد كبير"، بينما لا تزال التفاصيل التجارية قيد التفاوض، متوقعا أن يتم حسمها قريبا.
وأضاف المسؤول الجزائري حسب "بلومبيرغ" أن استقطاب شركتين أمريكيتين بهذا الحجم "يبعث برسالة قوية"، في وقت تراهن فيه الجزائر على قطاع الغاز الصخري لتعزيز إيرادات الدولة، التي تعتمد بشكل شبه كامل على المحروقات، إذ تمثل أكثر من ثلاثة أرباع صادراتها.
وتأتي هذه الخطوة في سياق سياسي لافت، إذ تتزامن مع مساع بدأتها الجزائر للتقارب مع واشنطن منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خاصة بعد المخاوف الكبيرة التي كانت تنتاب الجزائر من احتمالية تعرضها لعقوبات أمريكيا جراء تقاربها مع روسيا.
وكانت تلك المخاوفتعود إلى مواقف ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي الحالي، الذي كان قد دعا عندما كان سيناتورا إلى فرض عقوبات على الجزائر بسبب صفقاتها العسكرية مع موسكو، وهو ما أثار حينها قلقا واسعا في دوائر صنع القرار بالجزائر.
وبعد فترة قصيرة من عودة ترامب إلى الحكم، خرج السفير الجزائري في واشنطن، صبري بوقادوم، بتصريحات إعلامية أعلن فيها استعداد الجزائر للتعاون مع الولايات المتحدة وفتح أبوابها للاستثمارات الأمريكية، مؤكدًا أن هذا الاستعداد "حدوده السماء".
ويبدو أن صفقة الغاز المرتقبة مع "إكسون" و"شيفرون" تمثل أحد أوضح تجليات هذه الرغبة الجزائرية في إرسال إشارات إيجابية لواشنطن، خاصة أن الجزائر تدرك حاجة أوروبا الماسة لمصادر بديلة للغاز الروسي، وهو ما يمنحها ورقة ضغط استراتيجية.
وحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تمتلك الجزائر ثالث أكبر احتياطي مؤكد من الغاز الصخري في العالم، بعد الصين والأرجنتين، ومتقدمة على الولايات المتحدة نفسها، ما يجعلها لاعبا محتملا في سوق الطاقة العالمية إذا ما تمكنت من استغلال هذه الموارد.
وقالت "بلومبيرغ" إن الجزائر تسعى لتكرار تجربة النجاح الأمريكي في ثورة الغاز الصخري، والتي حولت الولايات المتحدة من مستورد صاف للطاقة إلى أحد أكبر المصدّرين في العالم، حيث قال بختي إن الولايات المتحدة احتاجت إلى 15 سنة لتحقيق ذلك، لكن الجزائر قد تحتاج إلى وقت أقل بفضل بنيتها التحتية القائمة.
وكانت شركة "سوناطراك" الجزائرية قد وقعت العام الماضي اتفاقات مبدئية مع "إكسون" و"شيفرون" لتطوير موارد الطاقة في أحواض "آهنت" و"بركين"، وهي مناطق غنية بالغاز الصخري شهدت أول بئر تجريبية سنة 2014
تعليقات الزوار
لا تعليقات