أخبار عاجلة

المقرّر الأممي المعني بحقوق الإنسان يبرمج زيارة الى دولة جنرالات القمع والإهاب

يزور المقرّر الأممي المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، نيالتسوسي فول، الجزائر في الفترة 12 و22 سبتمبر المقبل، فيم وقع الاتفاق على زيارة السيدة ماري لولور المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في النصف الأول من العام المقبل، في سياق انفتاح السلطات الجزائرية على اليات الرقابة التي يتولاها مجلس حقوق الانسان الأممي في الدول الأعضاء فيه بعد سنوات من الممانعة.

وبحسب رزنامة المقررين الأمميين المستقلين، المعنيين بتقصي الحقائق في ميدان حقوق الإنسان المنشورة على موقع مجلس حقوق الانسان الأممي، اعطت الحكومة الجزائرية في الخامس ماي الماضي المجلس موافقتها على استقبال المقررة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الانسان، في تطور لافت في سياسة الحكومة الجزائرية تجاه فئة من الخبراء الأمميين الذين مافتئوا يوجهوا "نيران" النقد لسجل البلاد في هذه الحقوق.

وتأمل الحكومة الجزائرية في السياق ذاته، في دعوة المقررين المعنيين بالحقوق الثقافية والحق في الغذاء، من بيهم الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان والتضامن الدولي لزيارة للجزائر، لكنها لم ترد بالمقابل على طلبات الخبير المستقل المعني بإقامة نظام دولي ديمقراطي ومنصف والمقررين المعنيين بالتعذيب وحالات الاختفاء القسري رغم الطلبات المتكررة من الأمم المتحدة منذ عقدين من الزمن لزيارة الجزائر.

كانت الجزائر استقبلت في العشريتين الماضيتين مجموعة مقررين منهم المقررين والخبراء المعنيين بالعنف ضد المرأة (جولتين في2007 و2010) وحرية التعبير(2011) والحق في السكن (2011) والحق في التربية (2015) والصحة البدينة والعقلية(2017).

وتفتخر المؤسّسة الوطنية لحقوق الانسان بهذه التحول، حيث قال رئيسها عبد المجيد زعلاني في تصريحات صحفية له قبل فترة، إن الموافقة على زيارة المقرر الأممي المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات "يعبر عن شفافية السلطات الجزائرية أمام الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان".

وإلى جانب استقبال مقررين أمميين الجزائر معنية خلال العام الجاري بموعدين آخرين؛ الأول أمام لجنة حقوق الإنسان الأممية في دورتها الـ 136 المبرمجة للفترة 10 اكتوبر الى 4 نوفمبر المقبلين، والثاني في الفترة الممتدة بين 7 و18 نوفمبر المقبل أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ 41 لإجراء التقييم الدوري الشامل لحقوق الانسان.

ويعد الاستعراض الدوري الشامل فرصة لجميع الدول للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أحوال حقوق الإنسان في بلدانها والتغلب على التحديات التي تواجه التمتع بحقوق الإنسان ويمكن لأيّة دولة عضو في الأمم المتحدة أن تطرح خلال تلك المناقشات أسئلة وتعليقات وأن تقدم توصيات إلى الدولة قيد الاستعراض.

كما يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تقدم معلومات يمكن إضافتها إلى تقرير "أصحاب المصلحة الآخرين الذي يجري النظر فيه أثناء الاستعراض. ويمكن لأيّة دولة تشارك في المناقشات التفاعلية أن تشير إلى المعلومات التي تقدمها تلك المنظمات أثناء الاستعراض في اجتماع الفريق العامل، والشيء ذاته للمنظمات غير الحكومية التي يحقّ أن تحضر دورات الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل وتستطيع الإدلاء ببيانات في الدورات العادية لمجلس حقوق الإنسان عندما يجري النظر في نتائج استعراضات الدول.

وستعرض الحكومة الجزائرية في تقريرها السياسات والإجراءات التي اتخذتها ردًا على التوصيات التي صدرت في اخر تقييم في 2017.

ويأتي استقبال المقرر الأممي وبرمجة زيارة أخرى للعام المقبل في خضم مشاحنات بين المقررين والسلطات الجزائرية، مثلما تظهره المراسلات بين الجانبين والتي تضاعف عددها في الثلاثة أعوام الأخيرة، حيث أظهر فيها خبراء قلقًا متزايدًا حول وضعية حقوق الإنسان في البلاد.

وفي النصف الأول من العام الجاري استقبلت أربع مراسلات منها ثلاثة صادرة من مكتب المقررين الخاصين بالمدافعين عن حقوق الإنسان والحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير، تلوم فيها السلطات على ملاحقة وسجن ناشطين حقوقيين وإصدار قرارات وتشريعات مقيدة للحريات ولنشاط المنظمات الاهلية المستقلة منها جمعية "تجمع –عمل شبيبة" المعروفة بـ "راج". فيم خصت المراسلة الرابعة السياسات التي اعتمدتها خلال فترة انتشار جائحة "كوفيد - 19" في مجال توفير المياه الصالحة للشرب وممارسات قطع المياه عن العائلات العاجزة عن سداد الفواتير.

 وفي 2021 استقبلت الجزائر 15 مراسلة تعنى بحالات ناشطين منهم كريم طابو الذي تعرض للإيقاف والإدانة قبل الإفراج عنه.

و تتجاوب الحكومة مع المراسلات التي تصلها بالتفصيل الممل أحيانًا مثلما فعلت في تعقيبها على تحفظات ستة مقررين أممين على التعديلات الخاصة بقانون العقوبات وخصوصًا المادة 87 مكرر فيه، واستحداث قائمة وطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية حيث اعتبرت أن استحداث هذه القائمة "متطابق تمامًا مع القواعد الأوربية وقواعد مجلس الامن الدولي ذات الصلة"، وأنه "لا يتناقض مع التزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان، مؤكدة في تعقيبها أن التشريع الجزائري الخاص بمكافحة الإرهاب "لا يتناقض مع قرارات مجلس الامن حول الموضوع و"لا يتناقض مع التزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان".

ترقب وآمال

اعتبر عبد الوهاب فرساوي رئيس جمعية "تجمع –عمل شبيبة" المعروفة ب "راج" التي صدر قرار من السلطات بتجميد نشاطها في ماي 2021 ، وأيده القضاء الإداري في أكتوبر من العام ذاته، أن زيارة المقرر الخاص المعني بحرية التجمع والمقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان "في غاية الـهمية".

وأوضح في تصريح أنهما زيارتان تتيحان للخبيرين الأمميين "إمكانية الاطلاع عن قرب والتعامل بصفة موضوعية مع الوضع الفعلي للحريات وحقوق الإنسان في الجزائر ومدى احترام الجزائر لالتزاماتها في هذا المجال، عبر الاجتماع مع الجمعيات المستقلة والناشطين من حقوق الإنسان وضحايا التعسف"، ومن ثم مطالبة السلطات الجزائرية باحترام التزاماتها الدولية و" وضع حد لهذا النهج الأمني والاعتداءات المتكررة على الحريات الأساسية، والإفراج عن معتقلي الرأي وإعادة الاعتبار لهم ووقف جميع الإجراءات القانونية ضد النشطاء والجمعيات والأحزاب السياسية، وضمان ممارسة الجزائريين مواطنتهم الكاملة، وحرياتهم وحقوقهم على الأرض، وفق أحكام الاتفاقيات الدولية التي صدقت الجزائر عليها".

وأوضح فرساوي "تردت وضعية حقوق الانسان والحريات الديمقراطية بشكل مقلق في الجزائر في السنوات الثلاث الماضية وفي اتجاه معاكس للآمال التي حملها الحراك السلمي الذي فتح آفاقًا للجزائريين وأثار احترام وإعجاب العالم كله". وتابع "الأسوأ من ذلك اننا عدنا إلى ما قبل أكتوبر 1988 أي فترة الحزب الواحد، فالأحزاب المعارضة والجمعيات المستقلة والمستقلة تعاني من مضايقات والحظر أو حتى حلها بسبب أنشطتها وسائل الإعلام المملوكة للدولة والمستقلة التي يُفترض بها إعلام الجزائريين تتعرض للخنق والحصار فيم المواطنون من الجنسين ، والصحفيين والسياسيين والمحامين والطلاب يواجهون السجن لمجرد بسبب تعبيرهم عن آرائهم وتطلعاتهم لجزائر أفضل، و يُحاكمون بتهم باطلة مرتبطة بآرائهم وأنشطتهم المعبر عنها سلميًا والتي يكفلها الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر".

ويوجز الناشط مخاطر السياسات الحكومية في ملاحقة المعارضين فـ"السلطات تواجه إدانات في مختلف التقارير المختلفة التي تصدرها المنظمات غير حكومية دولية ذات المصداقية وفي مختلف آليات الأمم المتحدة، وتحتل آخر المراتب في التصنيفات العالمية المختلفة، لكنها تواصل للأسف إنكار رغم أن ذلك يزيد في سوداوية صورة البلد في الخارج ويضعف أكثر حضورها ومكانتها في المحافل الإقليمية والدولية".

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات