أكد الأمين العام للمركزية النقابية في تونس نورالدين الطبوبي أن منظمته وهي الأكبر في البلاد جاهزة للدفاع عن نفسها، وذلك إثر تظاهرة أمام مقرّ الاتحاد العام التونسي للشغل اتهمته بالفساد ودافع عنها الرئيس قيس سعيّد.
وقال الطبوبي "نرفض التصادم، ولكن من يأتي لدارنا نقول له مرحبا وجاهزون للدفاع عن المنظمة وعن قيمنا"، مضيفا "لسنا من الذين سيُحكم عليهم بتكميم الأفواه، صوتنا عال ومرتفع في إطار احترام القانون".
وتظاهرت الخميس الفائت مجموعة من الأشخاص أمام مقر المركزية النقابية ورفعت شعارات منتقدة لها تتهم قادتها بالفساد. وجاء ذلك غداة تصريحات لسعيّد عبر فيها عن غضبه من إضراب نفذته المنظمة لثلاثة أيام في قطاع النقل.
ووصفت قيادة المنظمة المتظاهرين بأنهم "أنصار سعيّد" وقالت إنهم حاولوا اقتحام المقر. ورد الرئيس التونسي الجمعة بنبرة غاضبة قائلا إن "قوات الأمن قامت بحماية مقر الاتحاد ومنعت أي التحام ولم تكن في نية المحتجين لا الاقتحام ولا الاعتداء كما تروج لذلك ألسنة السوء".
وأضاف "هناك ملفات يجب أن تفتح لأن الشعب يطالب بالمحاسبة...حتى تعود إليه أمواله. لن تكون هناك حصانة لأي كان إذا تجاوز القانون والقانون يطبق على الجميع ولن نترك أي أحد يتطاول على الشعب التونسي".
ورد الطبوبي اليوم الاثنين قائلا إن هنا "سيفا مسلّطا على النقابيين باتهامهم بالفساد"، مضيفا "من له ملف مهما كان، ما عليه إلا ان يلجأ للقضاء ولسنا فوق المحاسبة"، متابعا "ليس للاتحاد العام التونسي للشغل أن يستباح ويُحدد له مربع".
ونددت العديد من النقابات والمنظمات بينها نقابة الصحافيين ورابطة حقوق الإنسان بما حصل وعبرت عن دعمها للاتحاد.
ومنذ تأسيس المركزية النقابية العام 1946، خاض قادة الاتحاد صدامات متواصلة سواء مع المستعمر الفرنسي أو خلال فترة حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي وصولا الى ثورة 2011. وكان له دور ريادي في حل أزمة 2013 السياسية بعد أن كانت البلاد في حالة استقطاب شديدة ونال إثرها جائزة نوبل للسلام بمشاركة ثلاث منظمات أخرى.
وتشهد العلاقة بين الاتحاد والسلطة السياسية القائمة توترًا متصاعدًا وصراعًا على النفوذ، فيما رفض سعيد الرضوخ للضغوط التي مارستها المنظمة من أجل إشراكها في عملية صنع القرار السياسي.
ورغم أن الاتحاد دعم في البداية قرار سعيد بتجميد البرلمان، إلا أنه سرعان ما عارض سياساته اللاحقة التي وصفها بأنها "محاولة لترسيخ الحكم الفردي".
وترى المنظمة الشغيلة أن الرئيس يسعى لتهميش أي قوى معارضة أو أجسام وسيطة، بما في ذلك المنظمات النقابية، والحد من دورها السياسي والاجتماعي. وقد رفض سعيد مبادرات الحوار الوطني التي اقترحها الاتحاد، مفضلاً مسارات خاصة به مثل الاستشارة الإلكترونية.
ويشهد الاتحاد صراعات داخلية وخلافات في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع السلطة الحالية، وحتى حول المسائل المتعلقة بالتسيير، مما يؤثر على تماسك المنظمة وقدرتها على اتخاذ مواقف موحدة وقوية.
ويرى بعض المراقبين أن مكانة المنظمة قد تراجعت لدى عامة الشعب والطبقة العاملة، وقد أدت الانتقادات الموجهة إليها والاتهامات بالتسييس إلى عزلته عن حاضنته الشعبية.
ويواجه الاتحاد تحديات داخلية كبيرة، لكنه لا يزال يمثل قوة لا يمكن تجاهلها في المشهد التونسي، ولا يزال قادرا على الضغط والتعبئة، وإن كان ذلك في ظل ظروف أكثر صعوبة وتعقيداً.
تعليقات الزوار
لا تعليقات