تشهد موريتانيا تنافسًا محتدمًا بين شركتين عملاقتين في مجال الطاقة، “أكوا أفريكا” المغربية، التابعة لعائلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، و”سوناطراك” الجزائرية، المملوكة للدولة. وتدور المعركة حول حجز موطئ قدم في سوق توزيع الوقود، في سياق تتداخل فيه المصالح الاقتصادية مع رهانات النفوذ الإقليمي في غرب إفريقيا.
وخلال زيارة إلى نواكشوط نهاية يونيو الماضي، وقّعت “سوناطراك” اتفاق شراكة مع الشركة الموريتانية للمحروقات (SMH) لإنشاء شركة مشتركة تُعنى بتوزيع المنتجات البترولية المكررة داخل موريتانيا. ورغم عدم الكشف عن الجدول الزمني للمشروع أو حجم الاستثمارات المتوقعة، فإن هذه الخطوة تعكس تحركًا استراتيجيًا للجزائر في منطقة تُعدّ تقليديًا ضمن دائرة الحضور المغربي، وفق ما أوردته مجلة جون أفريك.
في المقابل، رسخت “أكوا أفريكا” موقعها في السوق الموريتانية منذ عام 2022، بعد استحواذها على أنشطة شركة “توتال موريتانيا” مقابل نحو 185 مليون دولار. ومنذ ذلك الحين، أصبحت فاعلًا رئيسيًا في توزيع المحروقات عبر علامتي “Mauricab” و”Maurigaz”، مستفيدة من شبكة توزيع واسعة وخدمات موثوقة وأسعار منافسة، خصوصًا في نواكشوط ونواذيبو.
وتحظى الشركة المغربية بثقة واسعة في السوق، نتيجة دمجها البُعد الاجتماعي والتنموي في مشاريعها، وهو ما يمنحها أفضليّة على المبادرة الجزائرية، التي تسعى، بدورها، إلى كسب ثقة الفاعلين المحليين عبر تقديم حوافز وتمويلات مغرية.
وترى تقارير أن تحرك “سوناطراك” في موريتانيا يتجاوز الأبعاد التجارية، ليشكل امتدادًا للتنافس الجيوسياسي التقليدي بين الرباط والجزائر داخل القارة الإفريقية، كما يندرج ضمن مساعي الجزائر لتوسيع حضورها في أسواق غرب إفريقيا، خصوصًا في قطاع الطاقة والغاز.
وتطمح الشركة الجزائرية إلى بناء شبكة توزيع داخل موريتانيا، مع إمكانية توسيع الشراكة لتشمل الاستكشاف والإنتاج، لا سيما في ظل الاكتشافات الغازية على السواحل الموريتانية. كما تحدثت مصادر عن اتفاق بين الطرفين الموريتاني والجزائري على تبادل الخبرات الفنية في مجال الحفر وتطوير البنى التحتية.
في المقابل، تواصل “أكوا أفريكا” تعزيز موقعها داخل السوق، مع توسع استثماراتها في مجالات التوزيع، والنقل، والتخزين، وسط ترقّب لمواقف رسمية من السلطات الموريتانية بشأن طبيعة العلاقة مع الشريك الجزائري الجديد.
وبينما يظل مستقبل التوازن داخل سوق المحروقات الموريتانية مفتوحًا على أكثر من سيناريو، تبقى شبكات التوزيع إحدى ساحات التنافس الأكثر حساسية بين الرباط والجزائر، في منطقة تشهد إعادة تشكيل أولوياتها الاقتصادية والاستراتيجية، وتحول قطاع الطاقة إلى أداة تأثير جيوسياسي في يد الفاعلين الإقليميين.
وفي هذا السياق، يظهر تذمر واضح وشكاوى من بعض المستثمرين وأصحاب المشاريع الصغيرة من ارتفاع أسعار الطاقة، ما يعكس واقعًا اقتصاديًا دقيقًا في موريتانيا، حيث لا يزال قطاع المحروقات يشكّل أحد أبرز التحديات الاجتماعية والمالية في البلاد. ففي ظل اعتماد البلاد شبه الكامل على الاستيراد لتلبية حاجياتها من المشتقات النفطية، تستنزف فاتورة الطاقة حصة كبيرة من الميزانية العامة وتؤثر على تنافسية قطاعات الإنتاج والخدمات.
وتُظهر البيانات أن المحروقات تشكل نحو 30% من إجمالي واردات البلاد، ما يجعلها في قلب التأثيرات الخارجية، سواء بسبب تقلبات أسعار النفط العالمية أو الاضطرابات الجيوسياسية كالحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في رفع أسعار البنزين والسولار بنسبة 30% دفعة واحدة سنة 2022، في واحدة من أكبر الزيادات خلال العقود الأخيرة.
وبينما لا تزال أسعار لتر البنزين والمازوت تتجاوز 1.3 دولار، وتُعتبر من الأعلى في المنطقة، تواجه الحكومة ضغطًا مزدوجًا من جهة الحفاظ على التوازنات المالية وتقليص فاتورة الدعم، ومن جهة أخرى تجنيب المواطنين وقطاع الأعمال صدمات اقتصادية تؤثر على استقرار السوق.
ورغم ما توفّره آلية الدعم الحكومي (التي تقدّر بـ138 مليار أوقية قديمة سنويًا)، فإن محدودية التأثير الإيجابي على حياة المواطنين ظلت مثار جدل، خصوصًا في ظل بطء إصلاحات الطاقة. إذ لا يزال الدعم موجهاً بدرجة كبيرة نحو تثبيت أسعار الوقود وغاز البوتان، دون أن ينعكس ذلك بشكل مباشر في تحسين نوعية الخدمات أو البنية التحتية.
ومع بدء استخراج الغاز من حقل السلحفاة “آحميم”، يُعوّل على هذه الثروة الجديدة لإحداث تحوّل نوعي، ليس فقط في خفض كلفة الطاقة، بل في إعادة هيكلة قطاع الطاقة برمّته، وربطه بنموذج تنموي أكثر استدامة. فالمشاريع الحكومية المرتقبة لتوليد الكهرباء بالغاز، بطاقة تتجاوز 600 ميغاوات، قد تمثل بداية خروج موريتانيا من الاعتماد الكامل على الطاقة المستوردة، ومن ثم تحرير جزء من ميزانية الدولة لتوجيهها إلى القطاعات الاجتماعية.
تعليقات الزوار
رجل اعمال ينافس دولة
هل استوعبتم المقال سوف اشرح لاصحاب النيف الكبير يعني السيد اخنوش المغربي ينافس دولة بحجم الجزائر بغازها وثرواتها الباطنية والخارجية وليس كرئيس وزراء بل كرجل اعمال هنا الفرق تخيل ياعزيزي بونيف لو كان هذا الشخص دخل المنافسة باسم الدولة ليس كرجل اعمال الجواب لك يا بونيف لن نذكر الملك هنا لانه لامجال للمقارنة وسطر على كلمة المغرب بدون غاز يعني رجل عادي ينتمي الى دولة بدون غاز ولا بترول يتحدى دولة بغازها وبترولها وجيشها ودولاراتها ومساحتها وحتى ان لم يفز بالصفقة بالنسبتي لي هذه الدولة بون هية كما قالها امامكم وزيز خارجية روسيا العضمى خلاصة القول الذل بلحمه وشحمه