أخبار عاجلة

4 قتلى في اشتباكات الزاوية واتساع دائرة القلق الشعبي وسط توترات أمنية متصاعدة في ليبيا

تجددت الاضطرابات في مدينة الزاوية غرب البلاد، حيث أكدت مصادر طبية مقتل 4 عناصر وإصابة آخرين بينهم مدنيون، عقب اشتباكات مسلحة عنيفة اندلعت ليل أول أمس ، قبل أن تتوقف صباح الجمعة ، في عدة أحياء من المدينة.
وتأتي هذه الجولة الجديدة من العنف امتداداً لسلسلة من التوترات التي ظلت تشهدها الزاوية على مدار العام، وسبق أن تناولتها تقارير مختلفة حول الفوضى الأمنية وملفات تهريب الوقود وصدامات المجموعات المسلحة، إضافة إلى الحوادث المأساوية ، ومن أبرزها حادث مقتل خنساء المجاهد قبل أسابيع والتي شكلت مؤشراً صارخاً على تفاقم الانفلات وانتقال العنف إلى المدنيين.
وبرزت كذلك تقارير عن اشتباكات متكررة قرب الطريق الساحلي، وتوترات مرتبطة بملفات الاعتقال والتحشيدات الأمنية، ما جعل الزاوية إحدى أكثر المدن عرضة للانعكاسات المباشرة لصراع النفوذ المسلح.
وتفيد المعطيات الجديدة بأن الاشتباكات الأخيرة اندلعت نتيجة تبادل مكثّف لإطلاق النار بين مجموعات مسلحة داخل المدينة، وفق ما أوضحته مصادر طبية ومحلية، ما أدى إلى حالة من الهلع بين السكان الذين سمعوا أصوات الرصاص لساعات.
وبسبب هذه التطورات، أصدر جهاز الإسعاف والطوارئ تحذيراً عاجلاً لمستخدمي الطريق الساحلي بين الإشارة الضوئية أولاد صقر وبوابة الحرشة، قبل أن يتم الإعلان في وقت لاحق عن إعادة فتح الطريق بعد عودة الهدوء النسبي.
ورغم ذلك، دعا الجهاز المواطنين إلى توخي أقصى درجات الحذر، لافتاً إلى جاهزية فرقِه للتدخل الفوري في حال تجدد التوتر.
وتشير روايات سكان محليين إلى استمرار التحشيدات في عدد من المواقع داخل المدينة، وسط مخاوف واسعة من أن تتطور الاشتباكات مرة أخرى بما يهدد الحركة اليومية، خصوصاً المدارس والأعمال والمرافق العامة. وبحسب المصادر، فإن الاشتباكات التي اندلعت في منطقة الحرشة جاءت على خلفية تعرض نقطة تابعة لجهاز مكافحة التهديدات الأمنية لإطلاق نار من قبل مسلحين من كتيبة السلعة «103 مشاة»، ما أسفر عن مقتل اثنين من القوة المهاجمة، قبل أن تتوسع رقعة الاشتباك وتتحول إلى مواجهة مفتوحة بين المجموعات المتصارعة.
وهذه التطورات لا تأتي بمعزل عن السياق العام الذي رُصد في تقارير سابقة حول الزاوية، خاصة تلك المرتبطة بالصراع على النفوذ، وتفشي تجارة السلاح وملفات تهريب الوقود، وفشل محاولات إحكام سيطرة الدولة على المدينة رغم كثافة التشكيلات المسلحة فيها.
وكانت تقارير سابقة وثّقت كذلك سلسلة توترات أمنية مشابهة، تخللتها اعتقالات تعسفية، واشتباكات قرب الطريق الساحلي، وحوادث قَتل ،بعضها استهدف مدنيين، ما يجعل جولة العنف الأخيرة حلقة جديدة في سلسلة أطول من الاضطراب المزمن.
وفي خضم الاشتباكات، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن إصابة مواطن جراء سقوط مقذوف قربه في منطقة الساحل، لافتاً إلى أنه تلقى بلاغات عدة من المواطنين خلال ساعات ليل أول أمس التي شهدت ذروة الاشتباك.
ورغم إعلان الجهاز عودة الهدوء فجر الجمعة، فإن الجهات الرسمية لم تصدر (حتى إعداد هذا التقرير ) بياناً واضحاً حول سبب اندلاع الاشتباكات أو الأطراف المتورطة فيها، الأمر الذي عزز حالة الغموض التي تسيطر على المشهد الأمني في المدينة.
وتزامن ذلك مع تصريحات للصحافي والناشط المدني منصور الأحرش، الذي انتقد بشدة المشهد الأمني في المدينة، قائلاً إن «هطول الأمطار ليلة (أول)أمس رافقته زخات من الضرب العشوائي بالأسلحة المتوسطة بين تشكيلين تابعين لوزارتي الدفاع والداخلية».
وانتقد الأحرش الواقع المفارِق للجبهتين المتقاتلتين رغم تقاضيهما رواتب من الدولة، معتبراً أن ما يحدث يشكل انعكاساً واضحاً لحجم الفوضى داخل المؤسسات الأمنية.
وحاول جهاز دعم الاستقرار، عبر رئيسه حسن بوزريبة، التدخل للفصل بين الطرفين، فيما تحرك أعيان وحكماء المدينة لاحتواء الموقف خلال ساعات الليل، قبل أن تنتشر قوات تابعة لوزارة الداخلية في محيط الحرشة لفرض التهدئة التدريجية.
ويُذكر أن الزاوية، التي تربط العاصمة طرابلس بالطريق الساحلي ومعبر رأس جدير الحدودي مع تونس، باتت شبه خارجة عن السيطرة الفعلية للدولة، إذ تتمركز فيها مجموعات مسلحة نافذة يدور بينها تنافس مستمر على مناطق النفوذ والموارد. وفي هذا السياق، تأتي دعوة السياسي حمد عزالدين الخراز للمدينة إلى «استعادة دورها في مشروع بناء الدولة»، محذراً من استمرار التراجع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه الزاوية، ومؤكداً أن مسؤوليتها التاريخية تحتم على أبنائها الانخراط في مشروع استعادة الدولة.
وتتزامن هذه التطورات مع حالة عامة من القلق بعد سلسلة حوادث عنف أخرى شهدتها البلاد، أبرزها مقتل زوجة عضو ملتقى الحوار السياسي معاذ المنفوخ قبل أسبوعين أثناء مطاردتها من قبل مسلحين في منطقة السراج في طرابلس. هذه الحوادث المتتالية، وفق مراقبين، تكشف مدى اتساع رقعة الفلتان وغياب القدرة على ضبط السلاح، ما يجعل أي اشتباك محلي قادراً على التحول في لحظات إلى أزمة أوسع.
ومع استمرار العجز عن فرض مظلة أمنية موحدة، تبقى الزاوية مرشحة لمزيد من الانفلات، ما لم يتم احتواء الصراعات المتكررة عبر ترتيبات أمنية حقيقية وإعادة هيكلة المجموعات المسلحة تحت سلطة الدولة، في ظل مطالبات شعبية متزايدة بإعادة الاعتبار للمؤسسات الرسمية وتحصين المدينة من الانزلاق نحو موجات جديدة من العنف.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات