أخبار عاجلة

مركز تفكير إيطالي يتمسخر بغباء الجزائر بسبب إغلاق أنبوب الغاز المغاربي

قال مركز التفكير الإيطالي "ECCO"، إن قرار الجزائر بعدم تجديد عقد العبور عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي الذي يمر عبر المغرب سنة 2021، مثّل نكسة كبيرة في مسار التكامل الطاقي الإقليمي، وأضر بمرونة الصادرات الجزائرية نحو أوروبا، كما أضعف مكانة الجزائر كمصدر موثوق للطاقة.

وأضاف المركز في التقرير أن الخط لم يُغلق نتيجة خرق للعقد، بل بفعل رفض الجزائر تجديده لأسباب سياسية مرتبطة بتدهور العلاقات مع المغرب، مما أدى إلى تقليص قدرة الجزائر على تلبية الطلب الأوروبي بكفاءة، خاصة بعد أن فقدت السوق الإسبانية التي خفّضت وارداتها من الغاز الجزائري إلى النصف بحلول 2022 مقارنة بـ 2015.

وأوضح التقرير أن أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي كان شريانا رئيسيا لتزويد إسبانيا، وأدى إغلاقه إلى تقليص عائدات الجزائر من الغاز، فضلا عن ضرب مصداقيتها كشريك موثوق للطاقة في لحظة كان السوق الأوروبي يبحث فيها عن بدائل للغاز الروسي عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وأضاف المركز أن إيطاليا، رغم أنها بقيت الزبون الرئيسي للغاز الجزائري بنسبة تتراوح بين 35 إلى 45 بالمائة من الصادرات، إلا أن الكميات المستوردة منها بدأت تتراجع منذ 2022، تحت تأثير تقلبات السوق الأوروبية، والتوجه نحو خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وأشار التقرير إلى أن أزمة أنبوب الغاز ليست معزولة، بل تجسد خللا أعمق في رؤية الجزائر الاستراتيجية للطاقة، التي تتسم بالتردد، والافتقار لخارطة طريق واضحة تدمج التحول الطاقي مع الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي.

وفي هذا السياق، كشف المركز في تقريره أن الجزائر تواجه حاليا مفترق طرق حاسم في مسارها الطاقي والاقتصادي، محذرا من تداعيات خطيرة لتأخر التحول في ظل الاعتماد الكبير على المحروقات ومحدودية الإصلاحات البنيوية.

وحسب التقرير، فإن المحروقات لا تزال تشكل العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، إذ تمثل أكثر من 90 بالمائة من الصادرات وقرابة نصف الإيرادات العامة، ما يجعل الجزائر شديدة التعرض للصدمات الخارجية، مثل تقلبات أسعار الطاقة، والتحول العالمي نحو الطاقات النظيفة، وسياسات المناخ الأوروبية.

وأشار التقرير في هذا السياق إلى أن الجزائر، رغم امتلاكها عاشر أكبر احتياطي غاز في العالم واحتياطات نفطية مهمة، تعاني من ضعف بنيوي في قطاع الطاقة بسبب تقادم البنية التحتية، والقيود التنظيمية، وبيئة استثمارية لا تجذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة بعد انسحاب عدة شركات.

وفي المقابل، يضيف التقرير، يتزايد الضغط الداخلي على استهلاك الطاقة بوتيرة مقلقة، إذ ارتفع استهلاك الغاز إلى 60 مليار متر مكعب في 2023، والطلب الصناعي لا يزال في تصاعد، مما يضغط على الكميات المتاحة للتصدير ويقوض التوازن الطاقي للبلاد.

ووفق المصدر نفسه، يُفاقم اعتماد الجزائر شبه الكامل على الغاز في إنتاج الكهرباء بنسبة تفوق 97 بالمائة هشاشة المنظومة الطاقية، بينما لا تزال الطاقة المتجددة تمثل أقل من 3 بالمائة من القدرة الكهربائية المركبة، رغم توفر البلاد على موارد شمسية هائلة.

وأوضح المركز أن الإعانات الثقيلة على الوقود والكهرباء، والتي تستهلك نحو 6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، تؤدي إلى إفراط في الاستهلاك وتعيق التحول نحو نماذج طاقية مستدامة، مشيرا إلى أنه ورغم وجود أهداف طموحة في الطاقات النظيفة والهيدروجين، إلا أن العراقيل التنظيمية وغياب الشفافية أعاقت التقدم الفعلي.

وتحدث التقرير عن عواقب "جيوسياسية" محتملة لتأخر التحول، منها تراجع دور الجزائر كمورد موثوق، في ظل تنويع الزبائن الأوروبيين لمصادر الغاز وتفضيلهم لمصادر طاقة منخفضة الانبعاثات، وقد استشهد المركز بتقليص إسبانيا وارداتها من الغاز الجزائري إلى النصف، وتراجع صادرات الجزائر نحو إيطاليا من 44 بالمائة في 2022 إلى 36 بالمائة في 2024.

كما أبرز التقرير هشاشة العقود طويلة الأمد في غياب خارطة طريق جزائرية واضحة تدمج التحولات في أسواق التصدير مع أولويات التنمية الوطنية، وهو ما يُبقي البلاد عالقة في نموذج اقتصادي مهدد بالتقادم السريع.

ولم يغفل التقرير الإشارة إلى عجز الجزائر عن استثمار تحول سوق الطاقة لصالحها إقليميا، مسلطا الضوء على تداعيات إغلاق أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي في 2021، ما قلص من مرونة صادراتها وأضعف مكانتها كشريك موثوق في سوق الطاقة المتوسطية.

هذا ويتماشى ما جاء في تقرير المركز الإيطالي مع ما نشره صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في ختام مشاورات المادة الرابعة مع الجزائر منذ أسابيع، والذي أشار فيه إلى أن الاقتصاد الجزائري مهدد بصدمات خارجية، مع تفاقم عجز الميزانية إلى 13.9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024، نتيجة تراجع عائدات المحروقات وارتفاع الإنفاق العمومي.

وحذر صندوق النقد من أن استمرار هذه الاختلالات المالية سيُضعف قدرة الجزائر على مواجهة تقلبات الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن الحساب الجاري عاد إلى تسجيل عجز في 2024 بفعل انخفاض الإنتاج والأسعار، رغم حفاظ البلاد على احتياطيات نقدية كبيرة بلغت 67.8 مليار دولار.

وأكد التقرير أن الآفاق المتوسطة المدى للجزائر تبقى رهينة بتنفيذ إصلاحات هيكلية جدية تشمل تنويع الاقتصاد، وتحسين مناخ الاستثمار، ورفع كفاءة الإنفاق، بالإضافة إلى تعزيز مرونة سعر الصرف واستدامة المالية العامة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات