أفادت مجلة "جون أفريك" الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، أن سيدة الأعمال الجزائرية البارزة سعيدة نغزة، التي كانت ترأس سابقا الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية "CGEA"، حالة صحية "مقلقة" داخل سجن القليعة، حيث تقبع منذ 9 يوليوز الماضي بعد إدانتها بالسجن أربع سنوات نافذة في مرحلة الاستئناف :
ووفق المجلة ذاتها في تقرير خاص نشرته الجمعة، فإن نغزة، التي سبق أن ترشحت بشكل للانتخابات الرئاسية لسنة 2024، تمكث على كرسي متحرك منذ بداية الشهر، وتُعاني من اعتلال قلبي وورم في الدماغ، ولا تتغذى بشكل طبيعي، مشيرا إلى أن أسرتها وهيئة دفاعها أكدوا أن وضعها الصحي "مثير للقلق الشديد".
ولفتت المجلة الفرنسية إلى أنه خلال الأسابيع التي سبقت إيداعها السجن، كانت نغزة قد تعرضت لأزمتين قلبيتين، وخضعت لتدخل جراحي عاجل، في سياق ضغوط مرتبطة بالمتابعة القضائية التي استهدفتها منذ سنة كاملة، وفق التوضيحات التي أدلى بها محاموها.
وأدينت نغزة، حسب "جون أفريك" في 9 يوليوز الماضي بالسجن أربع سنوات نافذة بتهمة "الفساد الانتخابي"، كما صدر في حقها أمر بالإيداع من داخل قاعة محكمة الاستئناف، حيث نُقلت مباشرة بعد ذلك إلى المستشفى، إثر وعكة صحية مفاجئة، قبل أن تُرحّل فاقدة للوعي وتحت الحراسة إلى سجن القليعة الواقع بولاية تيبازة.
وتعود تفاصيل قضية نغزة إلى الرسالة الشهيرة التي وجهتها إلى الرئيس عبد المجيد تبون في شتنبر 2023، والتي انتقدت فيها بحدة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، واتهمت مؤسسات الدولة بممارسة ضغوط وقمع بحق المقاولين ورجال الأعمال، حيث اعتُبرت الرسالة آنذاك خطوة جريئة وضعتها في مواجهة مباشرة مع النظام.
وكان رد النظام الجزائري على رسالتها سريعا وعنيفا، إذ هاجمتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية ووصفتها بأنها "منفصلة عن الواقع"، معتبرة أن ما قامت به "ابتزاز سياسي" يعيد للأذهان ممارسات الأوليغارشية في عهد بوتفليقة، مما دفع بنغزة، حسب مصادر المعارضة، إلى مغادرة البلاد نحو فرنسا خشية الاعتقال.
لكن بعد أشهر، فاجأت نغزة الجميع بإعلان ترشحها للانتخابات الرئاسية، وقالت إنها تتقدم بدافع "إحداث تغيير حقيقي" والاستجابة "لتطلعات الشعب"، لتصبح واحدة من خصوم تبون الأبرز، إلى جانب أسماء بارزة مثل يوسف أوشيش وعبد العالي حساني، لكنها، كما حدث لآخرين، ووجهت بإقصاء سياسي وقانوني.
وفي غشت 2024، أعلنت النيابة العامة فتح تحقيق في قضية "شراء التزكيات"، واتهمت نغزة إلى جانب الوزير السابق بلقاسم ساحلي ورجل الأعمال عبد الحكيم حمادي، بتقديم رشاوى مالية لمجالس محلية للحصول على التوقيعات اللازمة للترشح، وهي تهم نفتها المتهمة ووصفتها بـ"الملفقة لأغراض سياسية".
ورغم أن محكمة الاستئناف خفضت الحكم من عشر سنوات في المرحلة الابتدائية إلى أربع سنوات، فإن الحكم تضمن إصدار أمر بالإيداع الفوري، ما أدى إلى نقل نغزة من المستشفى إلى السجن وهي في حالة غيبوبة، وسط تنديد من عائلتها ومحاميها بتدهور حالتها الصحية في ظل "ظروف احتجاز غير إنسانية".
ووصف مراقبون ما جرى لنغزة بأنه "انتقام سياسي ممنهج"، خاصة بعد فشل كل نداءاتها، ومنها رسالة مفتوحة إلى الرئيس تبون يوم 27 ماي 2025، دعت فيها إلى "النظر في ملفها بعين العدالة والرحمة"، وهو نداء تجاهلته السلطات، ما زاد من القناعة بوجود قرار سياسي بإسكاتها نهائيا.
ويؤكد مراقبون أن ما تعرضت له نغزة لا ينفصل عن واقع سياسي تغيب فيه ضمانات المنافسة النزيهة واستفحال القمع ضد كل من يعارض الرواية الرسمية للنظام، حيث يتم توظيف القضاء والإعلام الرسمي في تصفية الخصوم المحتملين.
وينضاف ملف سعيدة نغزة إلى عدد من الملفات التي أصبحت تثيرا انتقادات دولية ضد النظام الجزائري، مثل اعتقال وسجن الكاتب بوعلام صنصال والصحافي الفرنسي كريستوف غليز، بالإضافة إلى العديد من الأسماء السياسية والحقوقية المعارضة التي تقبع في سجون نظام تبون.
تعليقات الزوار
لا تعليقات