أخبار عاجلة

الحقائب الدبلوماسية تزيد توتر العلاقات بين باريس والجزائر

قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن الجزائر وباريس اختارتا مراقبة بعضهما البعض لمعرفة من سيقوم بالخطوة التالية باتجاه الآخر. لكن ما حدث في النهاية كان تبادلًا جديدًا للاتهامات والتوترات. فقد بدأت الأمور يوم 24 يوليو/ تموز الجاري، عندما استدعت وزارة الخارجية الجزائرية القائم بأعمال السفارة الفرنسية (السفير الفرنسي قد استُدعي إلى باريس منذ أبريل/ نيسان وما يزال غائبًا) لتبدي له “دهشتها” بعد أن تم منع موظفي السفارة الجزائرية من الوصول إلى المناطق المحجوزة في المطارات الباريسية لاستلام الحقائب الدبلوماسية. وباسم “مبدأ المعاملة بالمثل”، قررت السلطات الجزائرية يوم السبت 26 يوليو/ تموز الجاري سحب الامتيازات الممنوحة لسفارة فرنسا في ما يخص الوصول إلى الموانئ والمطارات الجزائرية من أجل تسلم أو إرسال الحقائب الدبلوماسية.

وأوضحت “لوفيغارو” أن هذه الصلاحية تُعدّ جزءًا من المهام الدبلوماسية المحمية بموجب اتفاقية فيينا، وبالتالي فهي غير قابلة للانتهاك: فلا يحق لأي دولة فتح الحقيبة أو مصادرتها. ويكون هناك موظف معتمد يحمل بطاقة خاصة لاستلام الحقيبة على مدرج المطار، على سبيل المثال. وفي الواقع، يمكن أن تكون الحقيبة إما حقيبة بريدية تُنقل في عنبر الشحن، أو حقيبة جلدية تُنقل في مقصورة الركاب بحضور موظف تابع لوزارة الخارجية. ويتم ختم الحقيبة قبل الإرسال وفتحها في مقر السفارة عند الوصول، ولا تمر عبر أجهزة التفتيش بالأشعة.

وفي بيان لها، أوضحت وزارة الخارجية الجزائرية أن هذه العراقيل، التي كانت تقتصر سابقًا على سفارة الجزائر في فرنسا، امتدت الآن إلى القنصليات الجزائرية، رغم التزام وزارة الخارجية الفرنسية بإعادة النظر في هذا الإجراء. وقبل ذلك بيومين، أعربت الجزائر أيضًا عن استيائها من تطبيق هذا الإجراء من قِبل وزارة الداخلية الفرنسية، دون علم وزارة الخارجية، وبطريقة تتسم بالغموض ودون أي إشعار رسمي، خلافًا للقواعد الأساسية في التعاملات الدبلوماسية، تُشير “لوفيغارو”.

وهي معلومةٌ تقول “لوفيغارو” إن عدة مصادر دبلوماسية من وزارة الخارجية الفرنسية أكّدتها لها، موضّحة أن القرار اتُخذ “بشكل أحادي” من قبل وزارة الداخلية، رغم أن دخول “المنطقة الدولية” في المطارات، من أجل الوصول إلى الحقيبة الدبلوماسية أو استقبال وفود رسمية، هو اختصاص مشترك بين وزارتي الداخلية والخارجية. ووفقًا للمصادر نفسها، فإن “بروتوكول وزارة الخارجية لم يُبلَّغ بالأمر، وتلقت الوزارة الخبر من الجزائر”.

أما وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، تضيف “لوفيغارو”، فلم يُخف نواياه في التشدد تجاه الجزائر، إذ قال في مقابلة حديثة مع “لوفيغارو” إنه يعتزم عرقلة تحركات “أعضاء النخبة الحاكمة” في الجزائر المسؤولين عن “تشويه صورة فرنسا”، مُتّهمًا السلطات الجزائرية بمنح جوازات سفر لـ“مهاجرين غير نظاميين”، وبرفض استقبال 120 مواطنًا جزائريًا صدر بحقهم قرار بمغادرة التراب الفرنسي (OQTF).

وفي الجزائر، يرى مقربون من دوائر الحكم أن ما يحدث يصعب فهمه: “نحن لا نفهم ما الذي يفعله إيمانويل ماكرون مع وزير داخليته. ما هو مؤكد أن كل ما يقرره برونو روتايو هو يضر أكثر ما ينفع، ويأتي بنتائج عكسية”.

يُفهم من ذلك بين السطور: “أولًا، أن الضغط على الجزائر لن يسرّع إطلاق سراح بوعلام صنصال، الذي يعد مفتاحًا لفك الجمود في العلاقات الثنائية بين البلدين. وثانيًا، لن يؤدي البحث عن صراعات مع الجزائر إلى استئناف عمليات ترحيل أصحاب OQTF، بل العكس تمامًا. ويعلم وزير الداخلية الفرنسي ذلك جيدًا”، تنقل “لوفيغارو” عن صحافي جزائري.

وفي تعليق لها يوم الأحد، كتبت صحيفة الشروق الجزائرية: “في انتظار اتخاذ قرار بشأن مصير وزير الداخلية داخل الحكومة الفرنسية، تبقى المواقف الفرنسية تجاه الجزائر ممزقة بين صراعات نفوذ بين المؤسسات، وذلك بسبب عجز الرئاسة الفرنسية عن فرض صلاحياتها، وهي الآن مرهونة بإدارة توازنات ائتلاف حكومي أصبح عبئًا على الدولة الفرنسية”.

ومن نتائج هذه التطورات الأخيرة أن الملصقات الخاصة بالتأشيرات، وجوازات السفر، وبطاقات الهوية، وجميع الوثائق الرسمية التي تُنقل عبر الحقائب الدبلوماسية، سيتأثر بها بشكل مباشر عمل السفارة والقنصليات، وبالتالي سيتأثر أيضًا تنقّل المواطنين الفرنسيين والجزائريين، ومزدوجي الجنسية، تقول “لوفيغارو”، مضيفة أنه من المرجّح أن تتفاقم الأزمة أكثر مع بداية الموسم الجديد، حيث إن الطاقم القنصلي الذي كان من المقرر استبداله لن يتم تعويضه، لأن منح التأشيرات الدبلوماسية معلق من كلا الطرفين.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات