أخبار عاجلة

ارتفاع قياسي لليورو مقابل الدينار في السوق الموازية بالجزائر

وصل سعر صرف اليورو في السوق السوداء الجزائرية إلى مستوى قياسي جديد، متجاوزاً حاجز 280 ديناراً خلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، في مؤشر على تصاعد الضغوط على العملة المحلية، في وقت سجّل معدل التضخم السنوي وفق الأرقام الرسمية معدل 2.2 بالمئة.

ووفق ما رصدته مواقع محلية تراقب سعر صرف العملة، فقد أصبح شراء 100 يورو يتطلب 28.300 دينار، محققا بذلك زيادة تفوق 18 ديناراً خلال أقل من سنة. وعلى نفس المنحى، شهد الدولار أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً، إذ وصل إلى 242 ديناراً مقابل 239 ديناراً قبل يومين، مقترباً من أعلى مستوى له عند 248 ديناراً المسجل في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

ويرجع هذا الارتفاع في السوق الموازي إلى خلل في التوازن بين العرض والطلب، إضافة إلى وجود فقاعة مضاربة حول العملة الأوروبية، حيث يمتنع العديد من أصحاب اليورو عن البيع في ظل تزايد الطلب. ويأتي الطلب الرئيسي من مشترين في قطاع السيارات، والتجار، والمستوردين الذين يعتمدون على العملة الصعبة لتسيير معاملاتهم مع الموردين الأجانب.

ورغم هذا الوضع في السوق السوداء، ظل السوق الرسمي مستقراً نسبياً مدعوما باحتياطي صرف يتراوح بين 60 و70 مليار دولار، حيث سجلت أسعار اليورو والدولار انخفاضات طفيفة أو ثباتاً، مع تسجيل اليورو عند 150,67 دينار مقابل 150,41 دينار سابقاً، والدولار عند 130,48 دينار مقابل 130,61 دينار. ويشير هذا الفارق الكبير بين السوق الرسمي والموازي إلى استمرار اختلال التوازن وعدم كفاية الإجراءات الرسمية للسيطرة على السوق الموازي.

ويأتي الارتفاع الحالي للعملات الأجنبية بعد فترة قصيرة من العطلة الصيفية التي تشهد في العادة وصول عشرات آلاف الجزائريين المهاجرين محملين بمبالغ كبيرة من النقد الأجنبي. كما أنه يتزامن مع رفع قيمة المنحة السياحية من 100 إلى 750 يورو بالنسبة للمسافرين الجزائريين للخارج. ورغم هذا الضخ للنقد الأجنبي، لم ينعكس ذلك بشكل ملموس في تهدئة السوق أو خفض الأسعار، ما يوضح محدودية أثر هذه المنحة على تلبية الطلب الحقيقي على العملة الصعبة.

ووفق المهتمين بالشأن الاقتصادي، يعود السبب الرئيسي لهذا الوضع إلى خلل بين العرض والطلب، إذ يبقى العرض محدوداً بسبب طبيعة السوق الموازي الذي بات المزود الرئيسي لحاجيات الجزائريين الراغبين في الدراسة أو العلاج بالخارج وكذلك بالنسبة لصغار التجار والمستوردين الذين يعتمدون عليه لتسديد جزء من معاملاتهم. وما زاد في استفحال الوضع، توجه الكثير من الجزائريين إلى استيراد سياراتهم بأنفسهم أو من خلال وسطاء من أسواق أوروبا والصين في ظل توقف الاستيراد داخليا لتشجيع التصنيع المحلي للسيارات، وهو ما زاد بشكل كبير من العبء على سوق العملة.

وفي ظل هذا الوضع، أعلنت وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات، في بيان لها أن استيراد السيارات السياحية التي يقل عمرها عن ثلاث سنوات، مخصّصة حصريًا للمواطنين المقيمين وبشكل فردي. كما أشارت إلى أن بيع هذه المركبات أو عرضها في فضاءات تجارية خارج الأطر القانونية يعدّ مخالفة صريحة للتنظيم المعمول به، مؤكدة أن الهدف من هذه القيود هو ضمان شفافية عمليات الاستيراد، ومنع التحايل وإعادة البيع غير المشروع.

ويستهدف هذا القرار في باطنه تقليل دور الشركات الوسيطة التي باتت تستنزف جزءا كبيرا من مخزون العملة الصعبة في السوق السوداء ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. لكن مثل هذا القرار، قد يكون له انعكاسات على سوق السيارات المستعملة التي تشهد لهيبا غير مسبوق للأسعار، في ظل الخلل الفادح بين العرض والطلب.

من جانب آخر، وفي مجال السياسة النقدية، بات خبراء يحذرون من التداعيات المحتملة للجوء إلى التمويل غير التقليدي أي طبع النقود وفق ما ورد في مشروع قانون المالية. وبحسب أستاذ الاقتصاد سليمان ناصر فإن التعديلات المقترحة على المادة 150 من قانون المالية لسنة 2026، ترفع سقف الاقتراض من البنك المركزي من 10% إلى 20% من الموارد الميزانياتية، وتضاعف مدة الاقتراض من 240 يوماً إلى سنة كاملة مع إمكانية التمديد، وهو ما قد يفتح الباب أمام تمويل غير تقليدي يهدد استقلالية البنك المركزي ويزيد من الدين الداخلي، الذي تجاوز 17 ألف مليار دينار نهاية 2024، أي أكثر من 48% من الناتج المحلي الإجمالي، ما قد يؤدي إلى تدهور إضافي في قيمة الدينار.

ويقول ناصر في تدوينة له إن التعديلات السريعة على القوانين النقدية بعد فترة قصيرة من صدورها تشكل سابقة خطيرة، إذ لم يشهد تاريخ الجزائر تغييرات مماثلة بهذه السرعة، مع مخاطر تكرار التجارب السابقة للاقتراض الداخلي غير التقليدي التي طبقت بين 2017 و2022 وما زالت آثارها مستمرة. ويحذر من أن هذا المسار قد يشجع على مزيد من الاقتراض الداخلي مستقبلاً، مما يؤدي إلى زيادة المديونية والتأثير السلبي على استقرار العملة.

وعن انعكاس كل ذلك على القدرة الشرائية، لا تشير الأرقام الرسمية إلى وجود تأثر في الأسعار. فقد بلغ معدل التضخم السنوي في الجزائر 2,2% في نهاية سبتمبر 2025، حسب مؤشر الديوان الوطني للإحصائيات الذي يقيس تطور مؤشر أسعار الاستهلاك خلال الفترة من أكتوبر 2024 إلى سبتمبر 2025 مقارنة بنفس الفترة من السنة السابقة.

أما على المستوى السنوي، أي مقارنة أسعار الاستهلاك في سبتمبر 2025 مع سبتمبر 2024، فقد سجلت الأسعار انخفاضاً بنسبة 2%. وبالنسبة للزيادة الشهرية، أي مقارنة سبتمبر 2025 مع أغسطس 2025، فقد بلغ الانخفاض 0,7%، في حين كانت قد سجلت زيادة طفيفة 0,1% خلال نفس الفترة من سنة 2024.

وأشار الديوان إلى أن هذا التراجع يعزى بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية بنسبة 1,4%، وخصوصاً المنتجات الفلاحية الطازجة التي انخفضت بنسبة 2,1%، نتيجة تراجع أسعار الخضر (-19%) والبطاطا (-18,1 %)، في حين ارتفعت أسعار لحوم الدجاج (+19%) والفواكه (+21,6%). كما سجلت المواد الغذائية الصناعية تراجعاً بنسبة 0,7% بسبب انخفاض أسعار الخضر الجافة (-0,9%).

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات