أعلنت الجزائر تسريع مشروع استغلال منجم الحديد الضخم غار جبيلات، الذي تعوّل عليه لرفع معدلات التصنيع، بالتوازي مع قرار رفع عدد الولايات وترقية مقاطعات جديدة، وسط نقاش واسع يرافق مناقشة مشروع قانون المالية في البرلمان.
وفي مجلس الوزراء الأخير، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتحضير تدشين خط السكة الحديدية بين تندوف وبشار، خلال جانفي 2026، ليبدأ استغلاله رسميا، واعتبار هذا الإنجاز محطة وطنية كبرى تفتح مرحلة جديدة في تطوير البنى التحتية الاقتصادية داخل عمق الصحراء.
وفي ما يتعلق بمشروع غارا جبيلات، شدد الرئيس الجزائري على الشروع في الاستخدام المحلي لخام الحديد بداية من الثلاثي الأول لـ2026، باعتباره حدثا هو الأول من نوعه منذ الاستقلال، ورسالة على توجه اقتصادي جديد لتقليص التبعية للمحروقات. كما أصدر أوامر بمضاعفة الجهود لإتمام المشروع، والموافقة على إنشاء مصانع لمعالجة الخام في تندوف وبشار والنعامة. ووجّه بأن تصل أول شحنة من خام الحديد عبر السكة الحديدية إلى مركب توسيالي (بالشراكة مع الأتراك) في وهران ابتداء من 2026، في خطوة نحو تقليص واردات الحديد وتحقيق الاكتفاء المرحلي.
وكانت الجزائر قد شرعت رسميا في تموز/يوليو 2022 في استغلال منجم غارا جبيلات غرب الذي يتربع على مساحة إجمالية تقدر 15 ألف هكتار، حيث يتم في المرحلة الأولى استغلال 5 آلاف هكتار منه، باحتياطات مقدرة بـ1 مليار طن من الحديد الخام. وهذا المنجم الضخم مقسم إلى ثلاثة مناطق، وسط، شرق وغرب، بمساحة تقدر بـ40 ألف هكتار، مع سهولة في الاستغلال لتواجدها في فضاء مفتوح، مع احتياطات تقدر بـ 3.5 مليار طن.
وتوالت الاستثمارات بعد افتتاح المنجم، حيث وقعت المؤسسة الوطنية للحديد والصلب (فيرال) ومركب توسيالي (تركي) للحديد والصلب ببطيوة (وهران غربي البلاد)، بروتوكول اتفاق شراكة فيرال/توسيالي ينص على إنشاء وحدة لإنتاج مركزات خام الحديد بولاية بشار. كما تم الاتفاق مع شركات صينية على إنشاء مصانع مشتركة لتحويل خام المشروع.
من جانب آخر، وفي ملف التقسيم الإداري، وافق مجلس الوزراء على ترقية 11 مقاطعة إلى ولايات كاملة الصلاحيات، ويتعلق الأمر بآفلو، بريكة، قصر الشلالة، مسعد، عين وسارة، بوسعادة، الأبيض سيدي الشيخ، القنطرة، بئر العاتر، قصر البخاري والعريشة. ووجّه الرئيس تبون باستكمال الإجراءات الإدارية فورا بالتنسيق مع غرفتي البرلمان. وترافق ذلك مع تحضير مشروع رفع الحدّ الأدنى للأجور ومشروع آخر لرفع منحة البطالة، وفق بيان مجلس الوزراء.
وتأتي هذه الأخبار التي ينتظر أن تزيد في بند النفقات في الميزانية في وقت يتزايد الجدل السياسي والاقتصادي في الجزائر حول مشروع قانون المالية (الميزانية) لسنة 2026، عقب الانتقادات الحادة التي وجهتها بعض التشكيلات السياسية لمضامين المشروع وآليات مناقشته.
وفي سياق الجدل، أبدت حركة مجتمع السلم المحسوبة على المعارضة في البرلمان، قلقًا بالغًا مما وصفته بـ”افتقار مشروع قانون المالية لسنة 2026 إلى المهنية والجدية”، معتبرة أن معالجة الميزانية العامة تمت بمنهج تقليدي لا ينسجم مع منطق البرامج والأهداف.
وانتقدت الحركة استمرار اعتماد المالية العمومية على “فرضيات ريعية غير آمنة”، محذّرة من أن ذلك يرهن المستقبل لتقلبات سوق النفط. كما رأت أن غياب رؤية واضحة لتنويع مصادر الدخل يجعل المشروع أقرب إلى “وثيقة لتسيير العجز” بدل أن يكون أداة لبناء الثروة، معتبرة أن تحقيق توازنات مالية شكلية دون إصلاحات جوهرية سيزيد الأعباء على المواطنين ومختلف المؤسسات في ظل تراجع القدرة الشرائية وارتفاع التضخم.
وسجلت الحركة كذلك عدم التوافق بين أولويات المشروع واحتياجات المواطن، واعتبرت أن غياب أدوات دقيقة لقياس أثر التحويلات الاجتماعية وضعف التحول الرقمي يعمّقان الاختلالات، داعية إلى الإسراع في الإفراج عن قوانين الإصلاح السياسي وفتح الحوار مع مختلف الفاعلين.
ويرصد المشروع المعروض للنقاش نحو 135 مليار دولار للعام 2026، بزيادة قدرت بـ 5 مليارات دولار مقارنة بالعام 2025، مع تسجيل عجز يقدر ب46 مليار دولار في حدود 50 بالمائةـ حسب الأرقام المقدمة من الحكومة.

تعليقات الزوار
لا تعليقات