كاتب معارض ومعجب بألبير كامو وجورج أورويل، ومثير للجدل يحظى بتقدير الأحزاب اليمينية في فرنسا، الروائي بوعلام صنصال، الذي تم العفو عنه الأربعاء، بعد عام من الاحتجاز في وطنه الأم، أصبح وجهًا بارزًا للانقسام بين باريس والجزائر.
حياة هذا الموظف الجزائري السابق الثمانيني انقلبت في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، عندما تم توقيفه عند وصوله إلى مطار الجزائر قادمًا من باريس، قبل أن يُسجن.
وأثار مصيره التعاطف فورًا في فرنسا، حيث انطلقت حملة لدعم هذا الكاتب الفرنسي الجزائري، الملحد كما أعلن هو نفسه، والمعارض الشرس للجهاديين، والناقد اللاذع للسلطة في الجزائر.
رغم ما حظي به من دعم واسع، حُكم على بوعلام صنصال بالسجن خمس سنوات بتهمة “المساس بالوحدة الوطنية”، بعد تصريحات أدلى بها في تشرين الأول/أكتوبر 2024 لوسيلة إعلام فرنسية يمينية متطرفة (فرونتيير) قال فيها إن الجزائر ورثت خلال الاستعمار الفرنسي مناطق من غرب الجزائر مثل وهران ومعسكر، التي كانت تنتمي سابقًا- حسب قوله- إلى المغرب.
قالت ابنته صبيحة صنصال، في بداية تشرين الثاني/نوفمبر، لصحيفة “جورنال دو ديمانش” الفرنسية: “والدي رمز. والرموز غالبًا ما يحاولون إسكاتها، لكنها دائمًا تعود”.
سجنه ثم إدانته أمام القضاء زادا من التوتر بين فرنسا والجزائر، وأكّدا ما لحق بصورته من تشويه في وطنه الأم، الذي بدأ فعليًا منذ سنوات طويلة، ولا سيما منذ عام 1999 مع دخوله إلى عالم الأدب برواية “قسم البرابرة”، التي يروي من خلالها تأثير المتطرفين في الجزائر في مجتمع يسوده- حسبه- العنف والفساد.
في عام 2003، لم تلقَ مواقفه ضد السلطة الجزائرية وضد تعريب التعليم ترحيبًا في وطنه الأم، حيث لم يكن معروفًا للجمهور العام.
وحُظرت رواية أخرى له بعنوان “قرية الألماني” في الجزائر لأنها تُقيم مقارنة بين التوجه الإسلاموي والفكر النازي.
أما في فرنسا، فقد حصل على جائزة الرواية العربية في عام 2012، وجائزة الأكاديمية الفرنسية الكبرى للرواية في عام 2015 عن رواية 2084 المستوحاة من رائعة جورج أورويل “1984”، ويصف فيها صعود الفكر الإسلاموي في “أبستان”، بلد خيالي يجب على الناس فيه الصلاة تسع مرات في اليوم.
ومؤخرًا، حصل في فرنسا على جائزة رينودو لكتاب الجيب عن رواية العيش.
ومن مطالعاته المفضلة كتب ألبير كامو، الذي يشاركه جذورًا جزائرية. وقال بهذا الخصوص عام 2010 لصحيفة لومانيتي: “صدفة الحياة هي أنه عندما كنت طفلًا، كنت أعيش في حيّه… كنت أرى والدته. كان أول كاتب لي، الأول الذي قرأته”.
كان بوعلام صنصال يؤكد أنه وُلد عام 1949، لكن في الواقع خصم خمس سنوات من عمره بدافع الدلال، وفقًا لناشره أنطوان غاليمار.
دوائر السلطة
كان عمره 18 عامًا عندما أصبحت الجزائر مستقلة عام 1962، فدرس في المدرسة التقنية العليا في العاصمة الجزائرية، وحصل على دكتوراه في الاقتصاد، وشارك في بناء الدولة الشابة، وأصبح موظفًا ساميًا في وزارة الصناعة.
قال عنه “صديقه” الكاتب الجزائري الفرنسي كمال بن شيخ، الذي دعا عدة مرات إلى الإفراج عنه: “إنه رجل كان في الدوائر العليا للسلطة الجزائرية”.
كاتب آخر، كمال داود، الحائز على جائزة غونكور 2024، دافع عنه أيضًا، وقال: “بوعلام صنصال هو فرنسي جزائري، رابط حي بين البلدين. إذا تم سجنه، فهذا أيضًا لمعاقبة هذا الرابط”، كما صرّح في بداية تشرين الثاني/نوفمبر لإذاعة راديو كلاسيك.
في وطنه الأم، يتعرّض صنصال لانتقاد شديد في الأوساط الفكرية، ويُعتبر متماشيًا مع مواقف اليمين الفرنسي المتطرف بشأن الهجرة أو الإسلام، ومطالب المغرب- الخصم الإقليمي.
بوعلام صنصال لم يتردد أبدًا في تحدي السلطة الجزائرية التي، وفقًا لتصريحاته لصحيفة “لو فيغارو” عام 2019: “تملك كل الوسائل والإرادة القوية لإسقاط أي شخص يقترب من الخطوط الحمراء”.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2024، ذهب بوعلام صنصال أبعد من ذلك بتحديه جذريًا رؤية السلطة الجزائرية للتاريخ، فعندما سُئل عن المغرب، بلد أصل والده والذي تقاربت معه فرنسا مؤخرًا، أجاب: “فرنسا لم تستعمر المغرب، لماذا؟ لأنه دولة عظيمة. من السهل استعمار أشياء صغيرة ليس لها تاريخ”.

تعليقات الزوار
لا تعليقات