أخبار عاجلة

معارض موريتاني يتنبأ بسجن الرئيس الغزواني

تصاعد التوتر السياسي في موريتانيا حالياً، بعد تصريحات نارية أدلى بها الوزير السابق، سيدنا عالي ولد محمد خُونه رئيس حزب العهد الديمقراطي قيد التأسيس، هاجم فيها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، متوقعاً، بلهجة غير مسبوقة، أن يكون «مصيره بعد انتهاء المأمورية هو السجن»، وهي تصريحات اعتبرها الحزب الحاكم «غير مسؤولة» و»مضللة للرأي العام».
وجاءت تصريحات ولد محمد خونه خلال مؤتمر صحافي عقده في منزله في نواكشوط، بمناسبة إطلاق سراحه بعد سجن دام شهرين على ذمة الرقابة القضائية التي يخضع لها.
ولد محمد خونه، اتهم الرئيس الغزواني بارتكاب «أخطاء لا يمكن تصحيحها إلا بإعادة الأموال المنهوبة والمملوكة للموريتانيين»، مشيراً إلى «أن تقرير محكمة الحسابات الأخير كشف، حسب تعبيره، اختفاء مبلغ يناهز 400 مليار أوقية من خزينة الدولة».
واستعاد السياسي المعارض ظروف سجنه السابق، ووصف هذه الظروف بأنها «جائرة وتحكمية»، مؤكداً أنه «دفع ثمن مواقفه السياسية».
ولم يتأخر رد حزب «الإنصاف» الحاكم، الذي أصدر بياناً شديد اللهجة، أعلن فيه «أنه تابع بكل أسف تصريحات سياسية تفتقر للجدية وتتناقض مع الحقائق».
وأكد الحزب «أن رئيس الجمهورية أرسى لأول مرة سابقة مؤسسية في مكافحة الفساد، تمثلت في دعم إنشاء لجنة تحقيق برلمانية مستقلة وإحالة نتائجها للقضاء، ما أدى إلى أول محاكمة علنية لرئيس سابق في تاريخ البلاد». وأشار البيان إلى أن «من يتيح محاكمة رئيس سابق لا يمكن أن يخشى القانون»، مشدداً «على أن نهج الرئيس يقوم على مبدأ أن «الدولة فوق الأفراد، وأن القانون فوق الجميع».

وفنّد حزب «الإنصاف» في بيانه ما سماها «ادعاءات وجود 400 مليار أوقية مفقودة»، مؤكداً أنها «أرقام لا أساس لها»، مشيراً إلى «أن تقرير محكمة الحسابات الذي يستشهد به ولد محمد خونه نُشر بأمر مباشر من رئيس الجمهورية تعزيزاً لمبدأ الشفافية».
وأكد الحزب «أن محاربة الفساد خيار إستراتيجي ثابت منذ وصول الرئيس إلى السلطة، وأن المؤسسات الرقابية والقضائية تعمل بكامل استقلاليتها»، داعياً «الفاعلين السياسيين إلى الالتزام بخطاب مسؤول يحترم الدولة ومؤسساتها، ويتجنب الإثارة».
وتأتي هذه المواجهة الحادة لتعيد رسم مشهد سياسي محتقن، يعكس حجم الاستقطاب بين أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ومن أبرزهم ولد محمد خونه، وبين الحزب الحاكم، في لحظة تتزايد فيها التجاذبات حول ملفات الفساد والإصلاح والمؤسسات الرقابية.
ومع اتساع دائرة الردود، يترقب الرأي العام ما إذا كانت هذه السجالات ستبقى في إطار الخطاب السياسي، أم إنها تمهّد لمواجهة أشد احتداماً في المشهد الوطني خلال المرحلة المقبلة.
​وتظهر هذه التطورات أن الهجوم المباشر والحاد الذي شنّه سيدنا عالي ولد محمد خونه على الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ليس مجرد رد فعل سياسي عابر، بل يكشف عن تحوّل أعمق داخل المشهد السياسي الموريتاني. فالرجل الذي يقود حزب العهد الديمقراطي المحسوب على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، بات يتحرك بخطاب أكثر تصعيداً وجرأة، بما يشير إلى تموضع جديد قد يعيد رسم خريطة المعارضة في البلاد.
وتُعزز المؤشرات الميدانية هذا الاتجاه، إذ إن موجة التعاطف الواسعة التي حظي بها ولد محمد خونه عقب خروجه من السجن قبل يومين، تكشف عن اصطفافات جديدة تتشكل بهدوء، فقد زاره في منزله، قياديون من حزب «الرك» بزعامة بيرام الداه اعبيد، أحد أبرز وأشرس خصوم الرئيس الغزواني، كما زاره الجنرال المتقاعد مسقارو، الذي يُنظر إليه كأحد الطامحين إلى خوض غمار الانتخابات الرئاسية لعام 2029.
وتوحي هذه التحركات، إلى جانب اللهجة العالية التي اعتمدها ولد محمد خونه في هجومه الأخير، بأن حزب العهد الديمقراطي قد يتحول، إذا استمرت التجاذبات، إلى قطب معارض متشدد، قادر على استقطاب شخصيات وازنة من خارج دائرة الرئيس السابق.
ومن العوامل التي يرى محللون أنها قد تساعد في هذا التحول، المُتاركة السياسية بين الرئيس الغزواني والمعارضة التقليدية التي أحدثت فراغاً في الصف المعارض، ومنها كذلك ثروة الرئيس السابق التي يعتقد الكثيرون أنه لا بد أن يستخدمها يوماً ما، لبناء تشكيلة سياسية قوية.
وإذا ما تواصل هذا النسق من التصعيد، فإن موريتانيا قد تكون مقبلة على مرحلة سياسية أكثر استقطاباً، تتقاطع فيها طموحات الرئاسة مع إرث الماضي ومعارك مكافحة الفساد، في مشهد يزداد تعقيدًا كلما اقتربت الاستحقاقات المقبلة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات