زعم تقرير برلماني فرنسي خسائر فرنسا من تطبيق اتفاقية 1968 الموقعة مع الجزائر في مجال الهجرة، بنحو ملياري يورو، بسبب ما وصفها بالامتيازات الخاصة التي يتمتع بها الجزائريون في مجالات الإقامة والعمل والحماية الاجتماعية، وهي الحجة التي اعتمدها معدو التقرير في المطالبة بإلغاء الاتفاق.
ودعا التقرير، الذي قُدم الأربعاء 15 تشرين الأول/أكتوبر الجاري أمام لجنة المالية بالجمعية الوطنية من طرف النائب شارل رودويل (عن حزب “معا من أجل الجمهورية” الموالي للرئيس ماكرون)، إلى مراجعة أو إنهاء العمل بالاتفاقية التي وصفها بأنها “تخلق تمييزًا قانونيًا” بين الأجانب المقيمين في فرنسا، و”تُثقل كاهل المالية العامة” بسبب تكاليف المعالجة الإدارية والمساعدات الاجتماعية.
وأشار معدّا التقرير، شارل رودويل وماتيو لوفيفر (الذي يشغل حاليًا منصب وزير منتدب للانتقال البيئي)، إلى أن فرنسا وحدها تواصل تطبيق الاتفاق، معتبرين أن هذا الوضع “أصبح غير قابل للاستمرار وغير مقبول، سواء من منظور أمن الفرنسيين أو ظروف عيش الجزائريين في فرنسا”.
وكان الاتفاق، الذي تم توقيعه عام 1968 أي بعد ست سنوات من استقلال الجزائر، قد منح الجزائريين وضعًا خاصًا في ما يتعلق بحق الإقامة والعمل ولمّ الشمل العائلي، إذ يتيح لهم الحصول على بطاقة إقامة لمدة عشر سنوات وفق إجراءات مبسطة، كما يمنح أفراد أسرهم الحق في بطاقة مماثلة فور وصولهم إلى فرنسا.
ويرى معدّا التقرير أن هذه الامتيازات “تُحدث خللاً قانونيًا”، لأنها تميز بين الأجانب من جنسيات مختلفة، مشيرين إلى أن “مواطنًا سنغاليًا ينتظر 18 شهرًا للحصول على لمّ الشمل، مقابل 12 شهرًا فقط للجزائري”. كما أكدا أن الاتفاق “لا يتضمن أي بند للمعاملة بالمثل ولا يفرض التزامات على الجانب الجزائري”، ما يجعله “أقرب إلى إعلان أحادي الجانب من فرنسا”.
ودعا التقرير إلى إمكانية إنهاء الاتفاق دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الجزائر، مبرزًا أن “إلغاء العمل به يمكن أن يتم تدريجيًا وبطريقة لا تضر بالعلاقات الثنائية”.
لكن التقرير أثار انتقادات داخل البرلمان الفرنسي، إذ وصفه النائب الاشتراكي فيليب برون بأنه “عمل سياسي موجّه”، معتبراً أن الحديث عن ملياري يورو من الخسائر “رقم غير موثّق ولا تدعمه جداول مالية واضحة”، مضيفًا أن إعداد التقرير يبدو “كأنه تكليف سياسي هدفه صنع عناوين إعلامية لقنوات مثل سي نيوز”، في إشارة إلى اليمين المتطرف.
ومن الجانب الجزائري، سبق للرئيس عبد المجيد تبون أن وصف اتفاق 1968 بالقوقعة الفارغة، في إشارة إلى أنه يستعمل من قبل اليمين لأغراض انتخابية. وكانت فرنسا في فترات الستينات والسبعينات بحاجة ماسة للعمالة الجزائرية التي ساهمت في تنشيط الاقتصاد الفرنسي الذي عرف نسب نمو قياسية في ذلك الوقت.
وبحسب الأرقام الرسمية، يُعد الجزائريون أكبر جالية أجنبية في فرنسا، حيث بلغ عددهم 649,991 شخصًا في عام 2024، كما يمثلون النسبة الأعلى في حالات الإقامة غير النظامية بـ33,754 شخصًا في السنة نفسها.
ومن الامتيازات الواردة في اتفاقية 1968 التي تثير امتعاض الساسة الفرنسيين، حصول الجزائريين على شهادة إقامة لمدة 10 سنوات بعد 3 سنوات من الإقامة مقابل 5 سنوات للآخرين، وحق الجزائري المتزوج من فرنسية في الحصول على شهادة إقامة لمدة 10 سنوات بعد عام واحد من الزواج والتسهيلات الخاصة بممارسة مهنة حرة والحصول على إقامة لمدة 10 سنوات بموجب ذلك. كما يمكن للجزائري بعد 10 سنوات من إثبات الوجود في فرنسا، أن يسوي وضعيته والحصول على كامل حقوقه حتى وإن دخل فرنسا بطريقة غير شرعية.
ويأتي هذا النقاش في ظل توتر دبلوماسي متزايد بين باريس والجزائر منذ صيف 2024. وفي سياق ذلك، كانت الجزائر مؤخرا عن أعلنت تعليق العمل باتفاق الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات المهمة الفرنسيين، وذلك ردًا على “قرار باريس أحادي الجانب تعليق الاتفاق”، على خلفية الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس الوزراء الأسبق يعلمه فيها باتخاذ إجراءات حازمة ضد الجزائر.
تعليقات الزوار
لا تعليقات