أخبار عاجلة

ترقب عام لقرار المحكمة العليا الخاص بقضية الرئيس الموريتاني السابق ولد عبد العزيز

تعيش موريتانيا حالة ترقّب سياسي وقضائي عام مع اقتراب المحكمة العليا من النطق بحكمها المنتظر يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر الجاري في قضية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، بينما يواصل الرأي العام الموريتاني تفاعله مع تقرير محكمة الحسابات الذي كشف الأسبوع عن بؤر واسعة للفساد في مؤسسات الدولة.
وأعاد هذا التزامن بين القضيتين إلى الواجهة سؤال العدالة والمساواة أمام القانون. ومن باب المقارنة، يرى مراقبون أن الحكم المنتظر ضد الرئيس السابق سيكون اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية الدولة في محاربة الفساد بلا انتقائية، خاصة بعد صدور التقرير الذي تحدث عن خروقات مالية وتجاوزات إدارية كبيرة خلال السنوات الأخيرة.
وفي خضم هذه الأجواء، قال منسق هيئة الدفاع المحامي محمدن ولد اشدو، إن السلطات منعت الهيئة من عقد ندوة إعلامية كانت مقررة في نواكشوط، يوم الأحد، واصفًا القرار بأنه «جائر ومخالف للدستور»، ومؤكدًا «أن فريق الدفاع يسعى إلى أن يكون الملف قانونيًا لا سياسيا».
وأضاف «أن المادة العاشرة من الدستور تضمن حرية التفكير والتعبير، ولا تمنع أي فندق من استقبال مجموعة من المحامين»، معتبرًا «أن المنع يدخل في إطار محاولات التضييق على الدفاع».
وألقى تقرير محكمة الحسابات، الذي نُشر قبل أيام فقط، هو الآخر بحجر كبير في المياه السياسية الراكدة، بعد أن تضمن تفاصيل دقيقة عن سوء تسيير في عدد من القطاعات العمومية خلال عامي 2022 و2023.
ورغم أن كثيرين رحبوا بالتقرير بوصفه خطوة جريئة نحو الشفافية والمساءلة، فإن البعض تساءل عما إذا كانت السلطات القضائية ستتخذ الإجراءات نفسها ضد المسؤولين المعنيين بالفساد الحالي، مثلما فعلت ضد الرئيس السابق بخصوص ما عُرف بـ»ملف العشرية».
ويرى محللون أن تزامن الحكم المنتظر في قضية ولد عبد العزيز مع الجدل الذي أثاره تقرير محكمة الحسابات قد يضع السلطة أمام تحدٍ مزدوج: تأكيد مصداقية القضاء من جهة، وإثبات أن محاربة الفساد ليست انتقائية ولا موجهة سياسياً من جهة أخرى.
وكان الرئيس السابق، الذي يقبع في السجن منذ نحو أربع سنوات ما بين الحبس الاحتياطي والتنفيذ الفعلي، قد أُدين من طرف محكمة الاستئناف بخمس سنوات نافذة ومصادرة ممتلكاته، بتهم تتعلق بتبييض الأموال واستغلال النفوذ.
لكنّ دفاعه يؤكد أن الملف سياسي بامتياز، وأن التحقيق شمل في بدايته أكثر من 320 شخصًا، بينهم مسؤولون كبار، قبل أن يُختزل في عدد محدود من المتهمين أبرزهم ولد عبد العزيز وصهره محمد ولد امصبوع، والمدير السابق لشركة الكهرباء «صوملك» محمد سالم ولد المرخي.
وفي المقابل، يؤكد الوزير الأول الأسبق يحيى ولد حدمين، الذي تمت تبرئته لاحقًا، أن الرئيس السابق «لم يصدر له يومًا أوامر تخالف القانون»، معتبرًا أن ما يتعرض له حاليًا «يخالف مبدأ العدالة المتوازنة».
وفجرت القضية التي استمرت مرافعاتها لأكثر من عام ونصف، نقاشًا واسعًا حول المادة 93 من الدستور المتعلقة بحصانة الرئيس أثناء ولايته، والتي طلب المجلس الدستوري تفسيرها دون أن يقدم جوابًا فاصلاً، ما ترك الباب مفتوحًا أمام قراءات متناقضة.
وبينما يترقب الموريتانيون ما ستقوله المحكمة العليا يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر، يبدو أن ملف الفساد بمختلف عناوينه، من «العشرية» إلى «تقرير الحسابات»، سيظل العنوان الأبرز في المشهد السياسي الموريتاني خلال الأسابيع المقبلة.
وبين اتهامات الدفاع، وصمت السلطات، وحالة الانتظار الشعبي، تتجه الأنظار إلى المحكمة العليا التي سيكون قرارها يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر محوريًا في رسم ملامح المرحلة السياسية والقضائية المقبلة في موريتانيا، سواء بتأكيد الحكم السابق أو بفتح الملف من جديد.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات