أخبار عاجلة

مطالب بتحقيق دولي في اعتداءات خفر السواحل الليبي على سفن الإغاثة والمهاجرين

تزايدت بشكل مقلق مطالبات المنظمات غير الحكومية والهيئات الدولية بضرورة إجراء تحقيق فوري وشامل في التجاوزات والاعتداءات المتكررة المنسوبة إلى عناصر من خفر السواحل الليبي، لا سيما في المياه الدولية، حيث تشير التقارير إلى ارتفاع حاد في حوادث العنف ضد سفن الإغاثة والمهاجرين أنفسهم، ما يضع الشراكة الأوروبية مع طرابلس في ملف الهجرة تحت مجهر التساؤل والتدقيق، ويجدد المطالب بوقف الدعم المالي واللوجستي المقدم للأجهزة الأمنية الليبية، فالحوادث المتصاعدة لا تقتصر على محاولات اعتراض المهاجرين فحسب، بل وصلت إلى حد إطلاق النار المباشر والمقصود على سفن الإنقاذ، ما يمثل تهديداً خطيراً لحياة الطواقم والمهاجرين على حدٍ سواء، ويثير شبهات حول انتهاكات ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وفي إطار هذه الاعتداءات الصارخة، أفادت منظمة «ألارم فون» غير الحكومية بوقوع حادثة مأساوية في منطقة البحث والإنقاذ المالطية، حيث تعرض قارب يقل قرابة مائة مهاجر، بينهم نساء وأطفال، لإطلاق نار من قبل خفر السواحل الليبي ظهر يوم أحد، ما أدى إلى وفاة مهاجر وإصابة ثلاثة آخرين، وقد كانت المنظمة على تواصل مباشر بالقارب لرصد الحادثة وتحديث أوضاعهم، وطالبت على الفور سلطات الاتحاد الأوروبي بالتدخل لضمان وصول الإنقاذ إلى مكان آمن، وشددت على ضرورة إنهاء التعاون مع خفر السواحل الليبي، وتأتي هذه الحادثة لتضاف إلى سلسلة من الانتهاكات الموثقة التي تستدعي تحركاً دولياً عاجلاً، خاصة أنها وقعت في منطقة تقع ضمن مسؤولية البحث والإنقاذ التابعة لمالطا، ما يزيد من تعقيد الوضع القانوني والإنساني.
من جهتها، رفعت منظمة «إس أو إس ميديتيراني» دعوى قضائية ضد خفر السواحل الليبي بعد تعرّض سفينتها لإطلاق نار وعلى متنها 121 شخصاً بين مهاجر وطاقم، ما يبرز أن الاعتداءات ليست مجرد حوادث فردية، بل نمط متكرر وممنهج. وفي هذا السياق، كشف تقرير حديث لمنظمة «سي ووتش» الألمانية للإغاثة عن «حوادث عنيفة تنفذها تشكيلات مسلحة ليبية وعناصر من حرس السواحل» بحق سفن وموظفي منظمات الإغاثة الدولية في البحر المتوسط خلال السنوات الأخيرة، وأوردت جريدة «بوليتيكو» أن المنظمة سجلت ستين حادثة عنف منذ العام 2016، نفذتها تشكيلات مسلحة وعناصر من خفر السواحل الليبي. اللافت أن أربعاً وخمسين حادثة من هذه الاعتداءات وقعت في المياه الدولية داخل منطقة البحث والإنقاذ التابعة لمالطا ولليبيا، ما يؤكد أن الاعتداءات تتجاوز الحدود الإقليمية وتستهدف السفن الإنسانية في المياه المفتوحة.
وأشارت «سي ووتش» إلى قفزة حادة في وقائع الاعتداء على سفن الإغاثة الدولية، إذ ارتفعت من ثلاث حوادث مسجلة في العام 2016 إلى إحدى عشرة حادثة اعتداء مسجلة في عامي 2023 و2024 على التوالي، وتسع حوادث مسجلة في الأشهر الأولى من العام 2025، ما يدل على تصاعد مقلق في مستوى العنف والعدوانية الموجهة ضد العاملين في مجال الإنقاذ، وقد وثقت المنظمة اتهامات صريحة لحرس السواحل الليبي بإطلاق النار على إحدى سفنها في البحر المتوسط، كما تتهم منظمة إغاثة أوروبية أخرى حرس السواحل بإطلاق النار على المهاجرين. وفي سياق أوسع، أكدت «سي ووتش» أنه منذ العام 2016 جرى اعتراض أكثر من 170 ألف مهاجر في البحر المتوسط، وإعادتهم قسراً إلى ليبيا، بينما وثقت تقارير الأمم المتحدة حالات احتجاز وإساءة معاملة وتعذيب ممنهجة، مؤكدة أن «كل عملية اعتراض انتهاك للحقوق الأساسية، وهي جزء لا يتجزأ من نظام يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية».
هذه البيانات المقلقة تثير تساؤلات متجددة، بحسب «بوليتيكو»، بشأن التعاون والتمويل اللذين تقدمهما المفوضية الأوروبية إلى السلطات الليبية لإدارة تدفقات الهجرة، ويأتي ذلك قبيل اجتماعات مرتقبة بين مسؤولي المفوضية والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل «فرونتكس» مع ممثلين من شرق ليبيا وغربها لمناقشة ملف الهجرة، وقد حث عدد من واضعي القوانين الأوروبيين، في خطاب مشترك إلى مفوض الهجرة، المفوضية الأوروبية على قطع التعاملات مع طرابلس، وتحدث الخطاب عما وصفه بـ «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تشمل الاتجار في البشر والعمل القسري والتجويع العنف الجنسي والتعذيب من قِبل السلطات في ليبيا»، وجاء به أن «الدعم الذي تقدمه أوروبا مكن حرس السواحل الليبي من ارتكاب انتهاكات إضافية»، مطالباً بوقف فوري للتمويل الأوروبي وإعادة توجيه الدعم صوب منظمات المجتمع المدني وممثلي الأمم المتحدة، غير أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي دافعوا عن طبيعة التعاون، ورفضت المفوضية الأوروبية دعوات إنهاء التعاون، موضحة أنها ستحقق بشكل مستقل في الاعتداءات المتكررة على سفن الإغاثة الدولية في البحر المتوسط.
وفي حادثة أخرى أثارت غضباً واسعاً، طالبت وزارة الخارجية النرويجية بإجراء تحقيق في واقعة إطلاق عناصر من حرس السواحل الليبي النار على سفينة «أوشن فاينكينغ» الفرنسية للإغاثة التابعة لمنظمة «إس أو إس مديتيراني»، مضيفة أن الواقعة عرضت السفينة وطاقمها وآخرين إلى الخطر، وجاء في بيان الخارجية النرويجية: «طلبت وزارة الشؤون الخارجية التحقيق في واقعة إطلاق النار على سفينة الإغاثة، لتحديد ما حدث بدقة»، كما طالبت السلطات الليبية بتنفيذ تدابير صارمة لمنع تكرار أي حوادث مماثلة في المستقبل، وقد أعلنت المنظمة الفرنسية غير الحكومية تعرض السفينة لإطلاق نار من قِبل عناصر تابعة لحرس السواحل الليبي دون وقوع إصابات بشرية، ونشرت صوراً للرصاصات والضرر الذي أصاب هيكل السفينة.
وقالت في بيان إن «حرس السواحل الليبي أطلق قرابة مائة رصاصة في المياه الدولية»، ودانت ما اعتبرته «هجوماً متعمداً وعنفاً ضد السفن العاملة في إنقاذ المهاجرين»، موضحة أن دورية ليبية اقتربت من السفينة في المياه الدولية، وطالبتها بشكل غير قانوني بمغادرة المنطقة، ودون أي إنذار أو تحذير، «فتح رجلان على متن زورق الدورية النار على سفينة الإنقاذ على مدى عشرين دقيقة متواصلة من إطلاق النار المباشر»، ويؤكد هذا الاعتداء المتصاعد على ضرورة تدخل دولي لوقف هذه التجاوزات وضمان سلامة الملاحة الدولية وحياة المهاجرين والعاملين في الإغاثة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات