أخبار عاجلة

بن قرينة يدعو لاستعادة المراهقين السبعة الذين وصلوا لإسبانيا الى الجزائر الجديدة

دعا عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني الداعمة للرئيس في الجزائر، سلطات بلاده إلى التحرك الدبلوماسي العاجل من أجل استعادة المراهقين السبعة الذين غادروا البلاد في رحلة “حرقة” (هجرة غير نظامية) نحو السواحل الإسبانية.

وأوضح بن قرينة في منشور له عن الحادثة، على صفحته على فيسبوك أنّ المؤسسات المختصة مطالبة بمعالجة ظروفهم بما يغرس فيهم وفي أقرانهم الثقة بالنفس وبالوطن، على حد قوله. ويعد هذا أول تعليق من سياسي في الموالاة على هذه الحادثة التي فجرت جدلا واسعا في البلاد حول ظاهرة الهجرة غير النظامية.

وبحسب المرشح الرئاسي السابق، فإن الجزائر كانت قاب قوسين أو أدنى من مأساة وطنية حقيقية لولا لطف الله ورعايته، مشيراً إلى أنّ الأطفال القُصّر أقدموا على مغامرة خطيرة عبر قارب صغير في عرض البحر الهائج، وهو ما كان يمكن أن ينتهي بكارثة غرق جماعي كما حدث في حوادث سابقة راح ضحيتها شباب جزائريون وغير جزائريين. واعتبر أنّ هذه الحادثة يجب أن تكون جرس إنذار للمجتمع بأسره، لأن حياة هؤلاء القُصّر كانت على المحك، الأمر الذي يفرض استخلاص العبر والبحث عن حلول جذرية.

وهاجم رئيس حركة البناء الوطني بشدة ما وصفه بـ”التهليل والتزكية” التي أبدتها حسبه بعض الأصوات المحسوبة على المعارضة لهذه الحادثة، مبدياً استغرابه من مواقف قدّمت هؤلاء المراهقين كأنهم “أبطال معركة”، وهو ما اعتبره عملاً خطيراً يتنافى مع القيم الوطنية والأخلاقية. وأضاف أنّ هذا الخطاب يشجع أقرانهم على تقليدهم وتجريب مغامرات مماثلة، في حين أنّ الفعل في جوهره يمثل خطراً كبيراً على حياتهم ومستقبلهم.

وأشار بن قرينة إلى أنّ الحادثة كشفت عن ثغرات في منظومة التنشئة الاجتماعية والتربوية، مؤكداً أنّ هذه المنظومة بحاجة إلى إصلاح عميق يتناول الأسرة والمدرسة والمسجد وباقي المؤسسات المؤثرة. ودعا في هذا السياق إلى أن يكون إصلاح المنظومة التعليمية من الملفات الموضوعة على جدول الحوار الوطني الاستراتيجي الذي وعد به رئيس الجمهورية، معتبراً أن هذا الملف يشكّل أولوية لحماية الأجيال الصاعدة وضمان استقرار المجتمع والدولة.

وأبدى السياسي المعروف بتدخلاته المثيرة للجدل، أسفه واستنكاره لما شاهده على بعض منصات التواصل الاجتماعي من محاولات لإظهار الحادثة وكأنها “إنجاز بطولي” يستحق الثناء، معتبراً أنّ ذلك سلوك غير مسؤول يثير الشكوك حول نوايا مروجيه. وأضاف أنّ هذه الحملة الإعلامية غطت على مبادرات وطنية إيجابية كان المواطنون قد أطلقوها من خلال التبليغ عن شبكات تهريب البشر والجرائم الأخرى، في إطار وعي مجتمعي متنامٍ.

وفي السياق نفسه، تحدث بن قرينة عما أسماه “التوظيف الخبيث والممنهج” للقضية من قبل أطراف خارجية وذباب إلكتروني، تزامناً مع نجاح الجزائر في احتضان حدث اقتصادي إفريقي كبير. وقال إنّ هذه الأطراف، مدعومة من “أبواق داخلية باعت ضميرها”، سعت إلى استغلال الحادثة للتقليل من مكانة الجزائر، وتشويه صورتها، ودفع الشباب إلى البحث عن وطن بديل، في محاولة للنيل من الروح الوطنية وزعزعة استقرار المجتمع.

كما اعتبر أنّ بعض المنابر السياسية والإعلامية الأجنبية تتاجر منذ مدة بمعاناة الجزائريين عبر البحر الأبيض المتوسط، مستشهداً بما تشهده الضفة الشمالية من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متفاقمة، وصعود خطابات الكراهية والعنصرية التي تتبناها تيارات اليمين المتطرف ضد المهاجرين.

وشدد بن قرينة على أنّ الحادثة كشفت كذلك عن مخاطر الفضاء الأزرق في الجزائر، داعياً إلى الإسراع في وضع ميثاق أخلاقي لمواجهة سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح نقاش وطني واسع يشارك فيه الخبراء والباحثون والإعلاميون لمعالجة هذه الظاهرة التي أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً للمجتمع.

ويرى رئيس حركة البناء الوطني أنّ المسؤولية في مثل هذه الحوادث لا تقع على عاتق طرف واحد، بل هي مسؤولية جماعية تتوزع بين الأسرة والمدرسة والمسجد والمجتمع المدني والنخب المؤثرة. معتبرا أنّ من واجب الجميع البحث الجاد في ابتكار مناهج وبرامج تستوعب الشباب وتحميهم من مخاطر الهجرة غير النظامية.

وكانت حادثة وصول سبعة مراهقين إلى إسبانيا على متن قارب مسروق مع تصوير وتوثيق رحلتهم، قد أصابت الرأي العام الجزائري بالصدمة، ما فتح الباب أمام مطالب سياسية وحقوقية بضرورة معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية في بعدها العميق.

وفي هذا السياق، دعا النائب أحمد صادوق، نائب رئيس حركة مجتمع السلم (الحركة الإسلامية المحسوبة على الإخوان التي انشق منها بن قرينة)، إلى عقد جلسة برلمانية عامة مخصصة للتشريح العلني لظاهرة “الحرقة”، استنادا إلى المادة 116 من الدستور، معتبرا أن ما وقع يمثل “فشلا جماعيا” تتحمل مسؤوليته المنظومات الرسمية والمجتمعية، بدءا من الأسرة والمدرسة وصولا إلى الإعلام والمؤسسات الدينية والأحزاب. كما اقترح إطلاق دورات استثنائية للمجالس الولائية وتنظيم حملات تحسيسية، مع التركيز على الوسط المدرسي، خصوصا مرحلة التعليم المتوسط، إلى جانب إشراك الإعلام والأئمة والجمعيات والنماذج الشبابية الناجحة في جهود إعادة الثقة بالوطن. وقد لقي المقترح دعما من نواب آخرين، بينهم عبد الوهاب يعقوبي، الذي شدد على أن مواجهة الظاهرة تتطلب إرادة سياسية ورؤية استراتيجية تبني جسور الثقة مع الشباب وتعيد لهم الأمل.

في المقابل، تبنى عثمان معزوز، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، خطابا أكثر حدة، محملا السلطة مسؤولية مباشرة عن هذه المأساة، معتبرا أن هروب مراهقين عبر البحر ليس مجرد حالات فردية، بل نتيجة سياسات عمقت التهميش واليأس. ورأى أن “كل قارب يبحر في الخفاء هو بمثابة تصويت ضد النظام”، داعيا إلى إعادة تأسيس الجمهورية على أسس العدالة والحرية وفتح آفاق فعلية للأجيال الصاعدة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات