أبدى حقوقيون وإعلاميون وباحثون مغاربة تضامنا قويا مع سفير الرباط في واشنطن، يوسف العمراني، وزوجته الكاتبة والباحثة الدكتورة أسماء المرابط، إثر اتهامهما بـ»معاداة السامية» من لدن شخص مغربي مقيم في العاصمة الأمريكية ويروّج للتطبيع بين إسرائيل والمغرب.
فقد نشر موقع إلكتروني مكرّس للسردية الصهيونية مقالاً باللغة الإنكليزية، بعنوان «هل تمثل عائلة معادية للسامية المغرب في واشنطن؟»، اعتبر فيه كاتبه المغربي الذي ينشط ضمن «لوبي» للتقارب المغربي الإسرائيلي، أنه «من المُقلق أن تختار الحكومة المغربية إرسال ممثلٍ مُعادٍ لإسرائيل ومعادٍ للسامية إلى الولايات المتحدة لتمثيل مصالحها في الخارج: السيد يوسف العمراني، فلم يحقق نتائج تذكر للدبلوماسية المغربية حتى الآن»، وربط ذلك بسياق «عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يتوقع الكثيرون ـ بحسبه ـ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عودة التعاون العربي الإسرائيلي إلى مستوى ما حصل خلال إبرام اتفاقيات إبراهيم».
وقال كاتب المقال «إن هذه اللحظة تمثل فرصةً فريدةً للمغرب لتعزيز علاقاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كما تُمثل فرصةً له للبناء على الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء، والدعوة إلى اتخاذ خطواتٍ أبعد من ذلك: إقناع الشركات الإسرائيلية والأمريكية بالاستثمار في المنطقة، وجعل الصحراء المغربية بوابةً إلى أفريقيا».
الكاتب المتحامل الذي يرأس جمعية للصداقة المغربية الإسرائيلية، أرجع اتهاماته للسفير يوسف العمراني، بكونه «يرفض التواصل مع قادة الجالية اليهودية المغربية والمنظمات التي تطالب بتعزيز العلاقات المغربية الإسرائيلية. وبالتالي، لم تعد السفارة المغربية في واشنطن تُحافظ على سياسة الباب المفتوح التي كانت تُطبقها سابقًا تجاه المنظمات والجماعات اليهودية التي تُروج للعلاقات بين المغرب وإسرائيل». وانتقل الكاتب إلى إلصاق التهمة الجاهزة نفسها بالباحثة أسماء المرابط، زوجة السفير يوسف العمراني، قائلا إنها تعبر عن آراء معادية لإسرائيل في مواقع التواصل الاجتماعي.
وخلّفت هذه الحملة على السفير المغربي في العاصمة الأمريكية وزوجته ردود فعل غاضبة في الأوساط المغربية، بغياب أي تعليق رسمي لحد الآن، فقد كتب الصحافي عمر لبشيريت المقيم في كندا، أنه «عندما يُبتز سفير المغرب بواشنطن وتُشنّ حملة تحريض ضده من طرف اللوبي الصهيوني – المغربي، فماذا يمكن أن يُنتظر من تعاملهم مع مواطن عادي أو فاعل مدني أو سياسي؟» واعتبر أن «اتهام ممثل الدولة المغربية وزوجته بـ(معاداة السامية) في دولة مثل الولايات المتحدة يُعد حكمًا بالإعدام السياسي والدبلوماسي، ودعوة صريحة للوبيات الصهيونية هناك للهجوم على الدبلوماسي المغربي».
ولاحظ الصحافي لبشريت أن المقال لا يكاد يتضمن ولو قرينة واحدة تبرر الاتهام. لكنه يسلّط الضوء على خطورة هذا اللوبي الذي يشتغل في المغرب كما لو كان (مكتب ارتباط) يمارس الابتزاز باسم (الوطنية)، ويرتدي شعارات زائفة». وأكد أن ما يحرك أصحاب شعار «كلّنا إسرائيليون» هو الابتزاز المالي والاقتصادي، والتبشير بمنافع الارتباط بالشرق الصهيوني بدلًا من الشرق العربي والإسلامي، مع تحقير كل فعل تضامني أو إنساني مع غزة في وجه الإبادة.
وذكر أن صاحب المقال، «كأقرانه، ينشط في مجال (الوساطة) لرجال الأعمال الإسرائيليين، و(الوساطة) لإحداث (نوادٍ للتعايش) داخل المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية العمومية في المغرب»، معربا عن أسفه كون هذا «البيزنيس» يُموَّل من المال العام، ومن مؤسسات عمومية مغربية، كما قال إننا «أمام نموذج متكامل للاختراق من طرف واحد، إذ لا يُعرف عن صاحبنا أي اهتمام بإحداث (نوادٍ للتعايش) في الطرف الآخر».
وشدد عمر لبشيريت على أن تهديد السفير يوسف العمراني وزوجته وابتزازهما هو في العمق تهديد للدولة واصطفاف ضدها. ولا يمكن للمغرب أن يقبل الابتزاز، ولا أن يظل رهينة له، سواء تحت شعار «مغرب التعايش» أو عبر أسطوانة «معاداة السامية».
في سياق متصل، تساءل الصحافي مولاي التهامي بهطاط: «هل أصبح مبشّرو (كلّنا إسرائيليون) بمثابة قضاة في محاكم التفتيش في واشنطن؟»، وأفاد أن مقالة الكاتب المغربي المنضوي تحت لواء اللوبي الصهيوني «تنطوي على نوايا الاغتيال المعنوي» إذ يتولى كاتبها دور كبار قضاة محكمة تفتيش جديدة تدين النوايا والأفكار والمنشورات وحتى العقائد التي لا تمجد ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة». وتساءل بهطاط في تدوينته قائلا: «هل تنبِئ مثل هذه الكتابات وغيرها من قبل فريق (كلّنا إسرائيليون) بأنّهم أصبحوا فوق الملك وفوق الدولة وفوق من يمثل المغرب رسميا في عواصم بعيدة؟»، وأضاف متسائلا «هل ينبغي التسليم بأن السياسة الخارجية المغربية لم تعد تملك إرادة الاختيار خارج ضوابط وتبعات التطبيع وفقهاء محاباة إسرائيل؟!».
كما دوّنت الناشطة الحقوقية لطيفة البوحسيني في حسابها على «الفيسبوك» موقفا أشارت فيه إلى أن «إخراج ورقة معاداة السامية في وجه سفير مغربي من طرف «صهيانتنا»، عدا كونه بلادة وكسلا فكريا عضالا، هو دليل وجود أعداء للمغرب من داخله».
ويرى الباحث الأكاديمي عمر الشرقاوي أنه «لا يمكن القبول باستهداف سفيرنا لأنه لا يمثل نفسه بل يمثل دولة بنت تاريخها ومجدها على التعايش واحترام الاديان والسلام والازدهار»، مؤكدا أن «استهدافه باتهامات معاداة السامية هو اتهام للدولة المغربية، والجميع يعرف أن علاقة المغرب باليهود علاقة تاريخية ودستورية».
وكتب الإعلامي يونس مسكين مقالاً لاحظ فيه أن «اتهام السفير وزوجته بمعاداة السامية، في بيئة أميركية، ليس تفصيلا بسيطا. بل هي تهمة لها مفعول السحر في إقصاء الأفراد وتحطيم المسارات المهنية. لكن حين تصدر من «مغربي» ضد دبلوماسي مغربي آخر، فالأمر يرقى إلى الابتزاز العلني لمؤسسات الدولة».
وذهب إلى القول إن «اتهامه للسفير وزوجته لا يعكس حرصا على مصالح المغرب، بقدر ما يعبّر عن خيبة شخصية أصابت البعض بعدم دعوتهم إلى حفل عيد العرش الذي نظّمته السفارة المغربية هذا العام».
عثمان مخون، الناشط في المجتمع المدني، كتب أن «الفيروس القاتل، فيروس التطبيع مع الصهيونازية الذي أصاب بلادنا، يريد أن ينال من خيرة الكفاءات العلمية والدبلوماسية ببلادنا، يستهدفون هذه المرة الهرم الفكري الدكتورة اسماء لمرابط وزوجها الدبلوماسي والوطني السفير يوسف العمراني».
كما اعتبر الصحافي والناشط الحقوقي رشيد البلغيثي أن «الأمر لا يتعلق بحرية التعبير، بل بممارسة منظمة هدفها تكميم الأفواه الحرة، ودفع المغرب إلى تقديم تمثيل دبلوماسي خاضع بالكامل للرضا الإسرائيلي». وبعدما عبّر عن تضامنه مع السفير يوسف العمراني وزوجته أسماء المرابط، قال إن القضية تتجاوزهما لتصير «قضية كرامة وسيادة وتمثيل مستقل. المغرب، الذي تورط في التطبيع، مطالب بالانتباه الى الكلفة الثقيلة لهذا الحصان الإبراهيمي الذي تحول إلى حصان طروادة يأكل من يد «أبناء الوطن الكولابو» قبل اغتيال المصلحة الوطنية ليلا»!.
رئيس جمعية الصداقة المغربية الإسرائيلية يتهم سفير الرباط في واشنطن بـ«معاداة السامية»

تعليقات الزوار
لا تعليقات