دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى التحسب لكل المحاولات "الإجرامية" لضرب الاستقرار داخل البلاد قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر المقبل.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، الجمعة إن "رئيس الجمهورية قيس سعيد استعرض لدى استقباله، الجمعة، بقصر قرطاج، خالد النوري وزير الداخلية، وسفيان بالصادق كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني، الوضع العام الأمني في البلاد".
وأضافت أن "رئيس الدولة دعا، خلال اللقاء، إلى التحسّب والاستشراف لكلّ المحاولات الإجرامية بشتى أنواعها التي يُرتّب لها من يريد ضرب الاستقرار داخل البلاد (لم يحدد الأطراف) خاصة في أفق تنظيم الانتخابات الرئاسية".
وحسب البيان، شدّد سعيد على "ضرورة مضاعفة الجهود من أجل التصدي لكل مظاهر الجريمة وتأمين المواطنين في كل مكان".
وفي السياق، أكد الرئيس التونسي على "ضرورة تفكيك الشبكات الإجرامية التي تتاجر بالمخدرات والتي هي مرتبطة بشبكات في الخارج وتسعى إلى ضرب أمن المجتمع كما يسعى آخرون إلى ضرب أمن الدولة".
وتعتبر وزارة الداخلية ركيزة الحكم في تونس وقد أقال سعيد في مايو الماضي الوزير السابق كمال الفقي الذي يعتبر من أبرز المقربين إليه.
وتقول أوساط سياسية إنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، من الطبيعي جدا أن يتصاعد منسوب المخاطر الأمنية والسياسية والاجتماعية، التي قد تؤثر على الوضع العام في البلاد.
فمنذ الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في الخامس والعشرين من يوليو 2021، يكرّر الرئيس التونسي دعواته إلى ضرورة الاهتمام بالجانب الأمني ومزيد اليقظة ضدّ المخاطر المهدّدة للأمن والاستقرار في البلاد، ويعتبر أن شبكات المخدرات لا تقل خطرا عمّن يستهدفون أمن الدولة.
ويكرر قيس سعيد أن هناك لوبيات تعمل على التنكيل بالتونسيين عبر افتعال الأزمات في علاقة بالمواد الغذائية مثل الحليب بهدف تأجيج الأوضاع الاجتماعية.
كما يؤكد دائما أن الدولة ستتصدى بقوة القانون لكل من يسعى إلى تجويع التونسيين عبر افتعال الأزمات التي طالت العديد من المواد كالأدوية والحليب والقهوة والسكر والأرز.
وبعد اتخاذ الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو 2021 قام الرئيس التونسي بإقالة العديد من القيادات الأمنية الموالية لحركة النهضة قبل أن يتم إيقافهم وهو ما سمح بالكشف عن العديد من الملفات التي تشمل قضايا الإرهاب والتسفير والاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد إضافة إلى ملفات فساد لرجال أعمال على علاقة بالسلطة قبل الثورة وبعدها.
ومثل ملف الغرفة السوداء في الوزارة من بين أبرز الملفات التي أثارت جدلا واسعا خلال السنوات الماضية فبعد فترة من النفي كشفت تقارير رسمية وجودها، في ما أكد الرئيس التونسي على سعيه لمواجه المؤامرات في الغرف المظلمة وإيقاف كل من يسعى للتعاون مع الجهات الخارجية.
ويؤكد مراقبون أن هنالك تحالفا بين لوبيات فساد وبعض الأحزاب والقيادات السياسية لإرباك الوضع العام بذريعة المصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.
ومنذ 11 فبراير 2023، بدأت في تونس حملة توقيفات شملت سياسيين وإعلاميين وناشطين وقضاة ورجال أعمال بتهم عديدة منها التآمر على أمن الدولة وتمجيد الإرهاب والفساد.
وينفي الرئيس التونسي أن تكون "اعتقالات سياسية"، ويتهم بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار"، لكن المعارضة تتهمه في المقابل باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين للإجراءات الاستثنائية.
والثلاثاء، قطع الرئيس سعيد الطريق على الانتقادات التي كانت توجه إليه بشأن ضبابية موعد الانتخابات الرئاسية، وحدد لها موعدا يوم السادس من أكتوبر 2024.
وخلال الآونة الأخيرة، أبدت أطراف معارضة انزعاجها من غموض موعد الاستحقاق لأعلى منصب في الدولة ما يتبعه من جدولة تفصيلية للمواعيد (تقديم الترشيحات، الحملة الانتخابية، الدور الأول، والدور الثاني وإعلان النتائج)، كما يحصل عادة في أيّ انتخابات قبل أشهر من إجرائها.
وقالت حركة النهضة الإسلامية في بيان لها نهاية الشهر الماضي إن هناك "غموضا متعمدا من السلطة في كل ما يتعلق بتاريخ الانتخابات الرئاسية ورزنامتها"، وأن "الحد الأدنى من الشروط التي تجعل الانتخابات شفافة وديمقراطية غير متوفر إلى حد الآن".
ولم يعلن الرئيس سعيد الذي انتخب في 13 أكتوبر 2019 لعهدة من 5 سنوات، وفاز بأغلبية واسعة من الأصوات فاقت 70 في المئة ضد منافسه نبيل القروي في الدور الثاني، عن ترشحه لولاية ثانية ولكن من المرجح على نطاق واسع ان يحسم ترشحه في وقت لاحق، حيث توحي تصريحاته بذلك، وخاصة ما أعلنه في مدينة المنستير حول ضرورة استكمال مسار 25 يوليو الذي بدأه في 2021 وأنه لن يسلم البلاد إلا للصادقين.
وإلى حد الآن عبّرت بعض الشخصيات عن رغبتها في الترشح. لكن البعض من هؤلاء ملاحقون في قضايا مختلفة ويتم استدعاؤهم للبحث والتقصي، والبعض الآخر موقوف على ذمة قضايا فساد أو تآمر، وهو ما قد ينعكس سلبا على التنافس الذي كان معهودا في المناسبات الماضية.
وفي أبريل الماضي، أعلنت جبهة الخلاص التي يرأسها أحمد نجيب الشابي وتضم بداخلها حركة النهضة ومجموعات حزبية صغيرة، عدم مشاركتها بالانتخابات، بداعي "غياب شروط التنافس".
وقاطعت قوى المعارضة، ولاسيما جبهة الخلاص، انتخابات المجالس المحلية، بعدما قاطعت كافة المحطات الانتخابية التي جاءت بها خارطة الطريق التي أقرّها الرئيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، كما ترفض الاعتراف بالدستور الجديد للبلاد الذي تم اعتماده إثر استفتاء صيف 2022، بينما انخرطت فيها أحزاب أخرى، ومنها حركة "الشعب" وحركة "تونس إلى الأمام" و"التيار الشعبي".
تعليقات الزوار
لا تعليقات