وسع جيش الاحتلال الغارات الدامية التي يشنها ضد قطاع غزة، بعد إعلانه البدء بعملية عسكرية برية ضد حي الزيتون شرق مدينة غزة، وذلك على وقع استمرار الهجوم البري الأخر على مدينة رفح، التي يتخوف سكانها توسيع رقعة العمليات العسكري، الذي يخطط له جيش الاحتلال، بعد الغارات التي طالت وسط المدينة وغربها.
وبالتوازي مع العملية العسكرية التي بدأها جيش الاحتلال على مدينة رفح، أعلن أيضا عن بدء عملية عسكرية برية أخرى ضد حي الزيتون، والذي سبق وأن قام بالهجوم عليه قبل شهرين تقريبا.
واستهل جيش الاحتلال الهجوم البري الجديد، بشن عشرات الغارات الجوية على العديد من مناطق الحي الواقع جنوب شرق مدينة غزة، وقالت مصادر طبية إن عشرات الشهداء سقطوا جراء القصف المتواصل، فيما أصيب الكثير من المواطنين، لافتة إلى أنه يصعب على طواقم الإسعاف الوصول إلى الضحايا لإجلائهم، في ظل وجود الكثير منهم تحت الركام.
وحسب المعلومات الواردة من الحي، فإن الغارات تركزت على محيط مسجد علي بن أبي طالب، وعلى شارع 8، وكذلك محيط جامعة غزة حيث أدت الغارات والقصف المدفعي إلى اشتعال النيران في العديد من المباني.
وأجبر الهجوم البري الجديد على الحي، الكثير من السكان على النزوح القسري إلى المناطق الغربية والشمالية لمدينة غزة، في وقت كانت فيه الطائرات الحربية المروحية تطلق الرصاص من رشاشات ثقيلة تجاه أحياء تل الهوا والصبرة المجاورة، خلال عمليات النزوح ما أدى إلى سقوط عدد من المواطنين بين شهيد وجريح.
وفي السياق أيضا، استهدفت الزوارق الحربية، بالقذائف والنيران الرشاشة، منازل المواطنين في الشيخ عجلين، وتل الهوا، جنوب غرب المدينة.
كما استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية بأربعة غارات حي الصبرة جنوب مدينة غزة، أسفرت عن سقوط عدد من المواطنين بين شهداء وضحايا، وكان 13 مواطنا استشهدوا في غارة شنتها طائرة حربية مساء الثلاثاء، على حي الدرج شرق مدينة غزة.
إلى ذلك فقد استمرت هجمات جيش الاحتلال على المناطق القريبة من الممر الأمني الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ويقع وسط قطاع غزة، وطالت الغارات منطقة المغراقة، وأدت إلى تدمير منازل جديدة وأراضي زراعية، فيما باتت المنطقة خالية تماما من السكان، بسبب تلك الغارات التي أجبرت السكان على النزوح إلى مناطق أعمق في وسط القطاع.
واستشهدت أيضا امرأة ونجلها في قصف منزل العائلة في مدينة دير البلح وسط القطاع.
واستهدفت غارات أخرى مناطق عدة في مدينة خان يونس، التي طلب جيش الاحتلال من سكان رفح النزوح إليها، وأعلنت مصادر طبية أن تلك الغارات أدت إلى وقوع إصابات علاوة عن تدمير مناطق جديدة في المدينة، التي لا تزال تعاني من آثار الاجتياح البري الكبير الذي استمر لأربعة أشهر، كما استشهد صياد برصاص قوات الاحتلال أثناء تواجده على شاطئ بحر خان يونس.
مجازر في رفح
وفي مدينة رفح، استمر احتلال جيش الاحتلال لمعبر رفح الفاصل عن مصر، لليوم الثالث على التوالي، وهو ما منع وصول المساعدات الغذائية والطبية وكذلك خروج المرضى والمصابون بجراح خطرة للعلاج في المشافي الخارجية.
وعلى الصعيد الميداني، فقد استمرت الغارات الجوية على شكل “أحزمة نارية”، على العديد من أحياء المدينة الشرقية، التي هددها جيش الاحتلال بالإخلاء القسري، إلى جانب غارات ضربت مناطق في عمق المدينة.
وفي غارة جوية عنيفة استهدفت منزلا لعائلة عيد غرب المدينة، استشهد 8 مواطنين، بينهم 3 أطفال أحدهم رضيع.
وطالت الغارات الجديدة محيط معبر رفح، وبلدات الشوكة والجنينة شرق المدينة، التي باتت شبه خالية من السكان، الذين اضطروا لمغادرتها تحت القصف، وقالت مصادر من المدينة، أن الغارات الجوية دمرت محيط المعبر، وكذلك محيط المقبرة الشرقية للمدينة.
وفي السياق، تبنت فصائل فلسطينية مسلحة العديد من الهجمات التي تصدت للهجوم الإسرائيلي على رفح، وعرضت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مشاهد من عملية قصف جنود وآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتوغل شرق المدينة بقذاف الهاون.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن قيام قوات الاحتلال بارتكاب الكثير من المجازر خلال الساعات الـ34 الماضية، نجم عنها سقوط 60 شهيدا، و110 إصابات، وصلت للمشافي.
وأشارت إلى أنه بذلك ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى 34904 شهداء، وأكثر من 78514 مصابا، فيما لا يزال الآلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
هذا وقد استمرت عمليات نزوح السكان من المناطق الشرقية لمدينة رفح والقريبة منها، وأخرى من وسط وغرب المدينة، خشية من توسيع الهجوم البري، حيث يتجه هؤلاء إلى مدينة خانيونس وإلى مناطق أخرى تقع وسط قطاع غزة.
تحذيرات دولية
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حذرت من توسيع الهجوم على رفح، ودعت إلى حماية المدنيين، هناك، وعبرت عن أملها في إبرام اتفاق في ظل الإجلاء والعمليات العسكرية والمفاوضات، وقالت إن أي عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح “ستشكل خطرًا كارثيًا على السكان المدنيين، نظرًا لوجود ما يزيد عن مليون فلسطيني نازح متكدسين في جنوب قطاع غزة”، ودعت لبذل كل ما يمكن لـ”تجنب إزهاق أرواح المدنيين، وضمان حصولهم على الضروريات الأساسية للحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الطبية”.
وشددت على ضرورة ضمان استمرار الخطوات التي اتُّخذت في الأسابيع الأخيرة لزيادة تدفق المساعدات إلى غزة، كما أكدت على ضرورةَ حماية الخدمات الطبية، بما في ذلك المرافق وسيارات الإسعاف والأطباء وأطقم التمريض.
وقالت وهي تشير إلى مأساة النازحين، إن معظمهم لم يصلوا إلى رفح مباشرة، إنما نزحوا مرتين أو ثلاث بل ربما أربع مرات من قبل، وأضافت “إلى جانب التوتر والخوف الدائمين، ومع الأخذ في الاعتبار الإصابات والسن والإعاقات البدنية، فإن العديد من السكان يعانون من صنوف الضعف ومعرضون لخطر الوفاة بنسبة كبيرة بسبب الأمراض المعدية والشائعة”، وأشارت إلى أن تعليمات الإخلاء أثارت بالفعل مشاعر قلق وخوف عميقة، وقالت “رأينا طوابير طويلة من الناس تفر من رفح بالسيارات وبعربات تجرها الحمير أو سيرًا على الأقدام، حاملين أمتعتهم الشخصية على ظهورهم أو ظهور مركباتهم”.
جدير ذكره أن القيادي في حركة حماس عزت الرشق، قال إن إسرائيل غير جادة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مؤكدا أن حركته متمسكة بموقفها تجاه مقترح الهدنة وبموافقتها عليه، واتهم إسرائيل بأنها “تستخدم المفاوضات كغطاء لاجتياح رفح واحتلال المعبر”.
واستمرت سلطات الاحتلال في تجاهل النداءات الدولية المطالبة بفتح معابر رفح، وأبقت على احتلال معبر رفح الفاصل عن مصر، والمخصص لسفر المواطنين بمن فيهم المرضى والجرحى وكذلك لدخول المساعدات، ومعبر كرم أبو سالم، الذي يربطها بغزة، والمخصص لدخول المواد التموينية.
هذا وقد عمقت الغارات الجوية على مدينة رفح، والتي أوقعت عشرات الضحايا، الأزمة الصحية في المدينة التي تكتظ بالنازحين، في ظل قلة الإمكانيات المتاحة هناك، حيث لا يوجد في المدينة إلا مشفى حكومي واحد، هددت منطقة وجوده بالإخلاء، وهو أبو يوسف النجار، إضافة إلى المشفى الكويتي التخصصي، حيث لم يكن هذين المشفيين يكفيان لتقديم الخدمات الطبية للمصابين والمرضى قبل بدء الهجوم البري على المدينة، لصغر حجمهم وقلة إمكانياتهم، وفي المقدمة عدم وجود أسرة علاج تكفي لأعداد المرضى والمصابين.
وسبق وأن حذرت عدة منظمات أممية من هذا الوضع الخطير، والذي تضاعف مع استمرار سلطات الاحتلال في منع إدخال الوقود والدواء والغذاء للسكان، بسبب إغلاق المعابر.
أوضاع صحية خطيرة
وكان مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم غيبريسوس، قال إن كمية الوقود في مستشفيات جنوب قطاع غزة، لا تكفي إلا لثلاثة أيام فقط، ما يعني أن عملها قد يتوقف قريبا، وأكد أن مستشفى النجار، بات خارج الخدمة بسبب العملية العسكرية في رفح، محذرا من أن إغلاق المعبر الحدودي ما زال يمنع الأمم المتحدة من إدخال الوقود، الذي من دونه ستتوقف كل العمليات الإنسانية، كما يعيق أيضا إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكدت وزارة الصحة في غزة، أن سيطرة الاحتلال على معبر رفح، أدت إلى منع الجرحى والمرضى ومرافقيهم من السفر لتلقي العلاج خارج غزة، لافتة إلى أن وضع المرضى والجرحى في مستشفيات قطاع غزة صعب جداً منذ بداية الحرب، لفقدان أدنى مقومات العلاج والأجهزة والمعدات والمستلزمات الطبية وانهيار تام للمنظومة الصحية.
وأعلنت عن وجود قوائم سفر للجرحى والمرضى بآلاف الحالات، حيث جرى منعهم بسبب إغلاق المعبر، وطالبت الدول التي تعهدت وطلبت قوائم المرضى والجرحى لعلاجهم، بـ”الإيفاء والالتزام بتعهداتها والعمل العاجل لسفرهم”، وأكدت في ذات الوقت أن إغلاق معبر رفح “منع دخول شاحنات الأدوية والمعدات الطبية ودخول الوقود اللازم للمستشفيات ومنع خروج آلاف الجرحى والمرضى الذين ينتظرون السفر”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات