أخبار عاجلة

لماذا لا تعيدون اليهود لموطنهم الأصلي

بنى الصهاينة كيانهم المزعوم على معتقدات دينية تلمودية، واستغلوا الديانة اليهودية أسوء استغلال في هذا الجانب، رغم أن الحقائق التاريخية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن من أسسوا هذا الكيان المجرم كانوا في معظمهم ملاحدة، لا يؤمنون بأي دين، بل ويحتقرون اليهود المتدينين وينظرون إليهم على أنهم عالة على إسرائيل، كتيودور هرتزل وديفيد بن غوريون، أول  رئيس  وزراء لهذا الكيان الغاصب، بالإضافة لحاييم وايزمن، أول رئيس لإسرائيل، وذلك كما جاء في كتاب سي، توماس في كتابه “Me good Dilemma:To Believe or Not To Believe”،وينقل توماس عن رئيس الوزراء لويد جورج اشارته له بالملحد في مذكراته.

وبالتالي فإن هذا الكيان الذي يحتل فلسطين بقوة الحديد والنار وبدعم غربي كامل منذ سنة 1948م، رسّخ فكرة أن هذه الأرض هي إرث يهودي صرف ولا يحق لأحدهم غيرهم أن يرثها، و على هذا الأساس بنوا سياساتهم التوسعية الاستيطانية الهادفة لقتل كل شخص لا يدين باليهودية باعتبارها كياناً للشعب اليهودي فقط، فالفكرة السّياسية والايديولوجية النابعة من رحم الحركة الصهيونية، تم اضفاء الصبغة الدينية عليها من أجل جعلها مقبولة ومدعومة من طرف التيارات الدينية اليمينية المتطرفة، التي هي جزء لا يتجزأ من هذا المشروع السّياسي، فكل قادة هذا الكيان بما فيهم غولدا مائر كانوا يحاولون توظيف الدين اليهودي، وطوائفه المختلفة من أجل تحقيق الانسجام المجتمعي وتقوية الجبهة الداخلية، ودأب هؤلاء على اعطاء انطباع عام بأن إسرائيل هي كيان يؤمن شعبه بالله، فعندما سأل أحد الصحفيين ذات يوم غولدا، هل تؤمنين بالله أجابت بدهاء:” أنا أؤمن بالشعب اليهودي، والشعب اليهودي يؤمنون بالله”. كما ذكر موقع جريدة الأخبار، بتاريخ 28 جانفي/ يناير 2023م، في مقتل بعنوان ( عن الملحدين الصهاينة، الذين أسسوا دولة إسرائيل  التوراتية ).

فالكيان الصهيوني  كان هدفه الاستراتيجي هو أن يكون بمثابة خنجر مسموم يمنع التحام شمال أفريقيا مع دول الشرق الأوسط ومنع توحدها لتصبح قوة عظمى تنافس القوى الدولية، كأمريكا ودول حلف الناتو روسيا، إذ  يعتبره الكثير من اليهود المعارضين لفكرة انشاء كيان جامع لهم في أرض فلسطين، بديلاً غربياً عن وطنهم الأصلي الذي كان يضم مختلف يهود العالم، وكانوا يعيشون فيه وفق عاداتهم وتقاليدهم ويستعملون فيه لغتهم اليديشية بل ويتمتعون فيه بحكم ذاتي، ويمارسون فيه طقوس عبادتهم بحرية تامة في الحقبة السوفياتية، حيث كان النظام السوفياتي حريصاً على جلب اليهود للاستيطان فيه للاستفادة من خيراتهم الاقتصادية، ونفوذهم المالي الكبير، وذلك بمباركة ودعم كامل من الحركة الصهيونية العالمية، واللوبي اليهودي في أمريكا، وقد عرف وطنهم الأصلي أنذاك باسم “بيروبيجان”، الواقعة شرق روسيا، وقد بدأت اليهود في التوافد بكثافة لتلك المنطقة عام 1928م بغرض إقامة وطن قومي لهم، بدعم وحماية سوفياتية، وقد أصبحت بيروبيجان مركزاً ادارياً لمنطقة أوبلاست ذات الحكم اليهودي، بقرار جوزيف ستالين عام 1934م، وكانت تلك المنطقة وطناً مثالياً لليهود، ولكن الاجراءات العقيمة والتعسفية التي اتخذتها ضّدهم ستالين، ومنعهم من تدريس اللغة اليديشية في مدارسهم الدينية، وقيامه بغلقها جعلهم يفضلون الانتقال لوجهات أخرى كدول الغرب أو فلسطين التي كانت أنذاك ترزح تحت الحكم البريطاني، هذا غير محاولتهم الأولى لإقامة وطن قومي لهم في مدينة “أرارات”، بالقرب من مدينة بالفالو في ولاية نيويورك عام 1825م،  يضم الهنود الحمود  باعتبارهم  ينحدرون من أحد قبائل بنو إسرائيل، حسب زعم مودخاي مانويل نواه الذي يعتبر أول من طرح هذه الفكرة في التاريخ المعاصر، وقبل الصهيوني تيودور هرتزل. كما ذكر موقع BBC News، بتاريخ 19 أوت/ تموز 2019م، في مقال بعنوان ( قبل إسرائيل…… تعرف على محاولتين لإقامة وطن لليهود في أمريكا وروسيا).

فاليهود الذين استوطنوا في إحدى مقاطعات روسيا الاتحادية حالياً، وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي، لم نسمع أحداً منهم في ذلك الوقت يطالب بضرورة الانتقال للعيش في فلسطين المحتلة باعتبارها وطناً قومياً لهم، كما يدعي هؤلاء في اعلامهم، ففي ذلك الوقت باركت كل الدول بما فيها أمريكا انشاء وطن قومي لهم ذاتي السّيادة في روسيا، بل أن هناك جمعيات أمريكية يهودية انخرطت في ذلك المسعى، وتم تأسيس منظمات يهودية زراعية مشتركة عرفت باسم Agroimt

حددت هدفها، وهو تحويل أكبر عدد ممكن من يهود الاتحاد السوفياتي البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة للأعمال الانتاجية، اذا وافقت السلطات السوفياتية على تمويل المشروع مناصفة، وحسب البروفيسور سولو براون أستاذ الدراسات اليهودية في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية في كتابه “the Russian jew ، under Tsarsard Soiriets “فإن هيئة الرئاسة البريزديوم قررت في شهر أوت/تموز 1924م، بتشجيع من ستالين انشاء لجنة خاصة، سميت ” الكوميزيت”، وهي لجنة توطين اليهود في الأراضي الزراعية، ووظيفتها ارشاد اليهود ومساعدتهم على العودة للعمل في تلك الأراضي. كما ذكر موقع اضاءات، بتاريخ 29مارس/ أذار 2023م، في مقال بعنوان (بيروبيجان أول وطن قومي لليهود في روسيا).

فكل المؤسسات الدولية والاقليمية في تلك الحقبة التاريخية دعمت هذا المشروع وأيّدته، وحتى الوكالة اليهودية العالمية عملت على الترويج لذلك الوطن القومي في الصحف والمجلات الغربية، بل دفعت أمولاً طائلة من أجل اقناع اليهود في الدول الغربية وحتى العربية بضرورة الانتقال للعيش في كنف ورعاية الاتحاد السوفياتي، فالولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة، رغم عداءها السيّاسي والعسكري والأيديولوجي للسوفيات لم تبدي معارضة لتوطين اليهود في روسيا، بل اعتبرت ذلك ورقة ضغط على السوفيات باعتبار أن الشركات الرأسمالية الكبرى  في أمريكا والدول الغربية، التي يمتلكها ويديرها رجال أعمال يهود أو لهم علاقات شراكة اقتصادية مع عائلات روتشيلد وروكفيلر وجاكوب وغيرها تستطيع عن طريق يهود روسيا التغلغل تدريجياً في الاقتصاد الروسي، وتغيّر بنيته الاشتراكية اعتماداً على قوة ونفوذ اللوبي الصهيوني اليهودي الذي كان له نفوذ ملحوظ في صناعة القرارات السّياسية في عهد لينين وتروتسكي، فمعظم البلاشفة الذين قادوا الثورة الحمراء سنة 1917 م لإسقاط حكم عائلة رومانوف الامبراطورية كانوا من اليهود، وهذا ما حاولت المخابرات المركزية الأمريكية  الاستفادة منه عن طريق استعمال ورقة اليهود الملاحدة لتغيير سياسة السوفيات في القضايا الدولية الكبرى، وجعل السّياسة السوفياتية تتماهى مع السّياسة الأمريكية  في الكثير من الملفات، وخاصة ملف  تحجيم قوة ألمانيا الصاعدة أنذاك.

فالكيان الصهيوني الذي يدعي بأم فلسطين هي امتداد طبيعي وتاريخي للملكة يهوذا، لا يريد لهذه الحقائق التاريخية أن تعرف، لأن ذلك يضرب مصداقية الرواية التاريخية والأساطير التي حاول ترويجها في الإعلام الغربي المتصهين، فبدل تهجير الفلسطينيين لمصر أو الأردن وبدعم من واشنطن والدول الأوروبية، لماذا لا يعيدون اليهود لموطنهم الأصلي، وبالتالي يكون هذا هو الحل الأفضل والأمثل للقضية الفلسطينية، وتقام الدولة الفلسطينية على كل أراضيها التاريخية، فهذا الكيان السرطاني المدعوم غربياً يعلم قادته بأنه زائل بمجرد انتهاء دوره الوظيفي، لذلك عليهم البحث عن وطن أخر يأويهم، أو عليهم العودة للدول الأوروبية التي قدموا منها، والتي يحمل أغلبهم جنسياتها، وبالطبع لن تقبل بهم المجتمعات الغربية التي طردتهم في الماضي، وخاصة في القرون الوسطى بعد أن نكلت بهم ولم يجدوا أمامهم سوى أرض فلسطين التي قدموا إليها لاجئين قبل أن يستولوا عليها ويشردوا أهلها في أصقاع الأرض بدعم أمريكي بريطاني كامل.

عميرة أيسر

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات