أخبار عاجلة

فرنسا تستهدف 80 شخصية جزائرية نافذة بقرار من روتايو

تتجه العلاقات الجزائرية- الفرنسية إلى فصل جديد من التوتر بعد قرار السلطات الفرنسية استهداف 44 شخصية جزائرية بمنعها من السفر والإقامة في فرنسا، فيما يبدو أنه تصعيد متعمد من باريس للضغط على الجزائر بشأن ملف الهجرة غير النظامية وقضية الكاتب المسجون بوعلام صنصال.

وكشفت مجلة باري ماتش الفرنسية، في تقرير لها أن وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو شرع في تنفيذ ما وصفته بـ”إجراءات صارمة” تستهدف شخصيات رفيعة من النخبة الجزائرية، في إطار سياسة “رد تدريجي” تهدف إلى إرغام الجزائر على قبول استعادة مواطنيها الذين تعتبرهم باريس “خطرين” ويتواجدون على الأراضي الفرنسية بشكل غير قانوني.

وتشمل هذه الإجراءات، بحسب التقرير، إلغاء الامتيازات الدبلوماسية التي كانت تسمح لـ”النخبة” الجزائرية، من سياسيين وعسكريين واقتصاديين، بالتنقل أو الإقامة أو حتى العلاج في فرنسا. وبلغ عدد الشخصيات المستهدفة بالمرحلة الأولى من هذه القيود 44 شخصية جزائرية، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 80 مع نهاية اليوم ذاته، وفقا لمصادر المجلة.

وينتظر وفق ما كشف عنه إذاعة “أوروبا 1” الفرنسية أن يقدم وزير الداخلية برونو ريتايو حزمة من المقترحات الصارمة للرئيس إيمانويل ماكرون خلال لقائهما المرتقب يوم الخميس في قصر الإليزيه، وذلك في إطار تصاعد التوترات الدبلوماسية مع الجزائر.

وحسب التقرير، فإن روتايو، الذي يقود جناحاً متشدداً داخل الحكومة الفرنسية، يريد إعادة تبني سياسة “الحزم” في التعامل مع السلطات الجزائرية، متخلياً عمّا يسميه بـ”دبلوماسية المشاعر الطيبة”، التي يرى أنها فشلت في تحقيق أي نتائج ملموسة.

وأكد أحد المقربين من الوزير أن روتايو سيتقدم بجملة من الاقتراحات تشمل: تجميد الأصول الجزائرية في فرنسا، وإعادة النظر في سياسة منح التأشيرات للمواطنين الجزائريين، واتخاذ تدابير انتقامية ضد شركات الطيران الجزائرية، مع المطالبة بالعودة إلى الموقف الذي تبناه فرانسوا بايرو في شباط/ فبراير الماضي، بعيد الهجوم بالسكين الذي نفذه مهاجر جزائري خاضع لأمر ترحيل.

وأبرزت الإذاعة الفرنسية أن روتايو يحظى بدعم واسع داخل التيار اليميني، حيث أشار أحد أنصاره إلى وجود “إجماع داخل الكتلة المحافظة” على ضرورة مراجعة اتفاقيات 1968 بين الجزائر وفرنسا المتعلقة بالإقامة والتنقل. وقال المصدر ذاته: “هذا هو الملف الوحيد الذي يحظى بإجماع كامل”.

وتأتي هذه الخطوة في سياق تجاذبات حادة بين أجنحة الحكومة الفرنسية بشأن السياسة الواجب اعتمادها تجاه الجزائر، خاصة بعد سلسلة من الأحداث الأمنية والدبلوماسية التي عمّقت الشرخ بين البلدين، وأبرزت تباينًا متزايدًا بين الرئيس ماكرون ووزير داخليته.

وكان روتايو قد دعا قبل أيام لصحيفة لوفيغارو، إلى “تغيير النبرة” مع الجزائر، معتبرا أن السلطات الجزائرية هي من فرضت هذا “منطق القوة”. ونقل تقرير باري ماتش عن أحد مقربي الوزير قوله: “لقد دخلنا في المرحلة الجدية”.

كما ألمح التقرير إلى أن الخطوة القادمة قد تكون إعادة النظر في اتفاقيات 1968 بين البلدين، التي تمنح الجزائريين وضعا خاصا في ما يتعلق بالإقامة ولمّ الشمل والحصول على بعض المزايا الاجتماعية، وهي الاتفاقيات التي طالما نددت بها أطراف يمينية فرنسية واعتبرتها “امتيازا غير مبرر”.

وفي سياق التوتر المستمر بين البلدين، أكد تقرير آخر نشرته صحيفة لوفيغارو أن السلطات الجزائرية رفضت خلال الأيام الأخيرة استقبال أربعة جزائريين تم ترحيلهم من فرنسا، بحجة عدم توفر “تصاريح مرور قنصلية”، ما أدى إلى إعادتهم على الفور إلى الأراضي الفرنسية.

وضربت الصحيفة مثالا بحالة المدعو “صبري م.”، الذي أقلع من مطار شارل ديغول في 17 حزيران الماضي نحو الجزائر، إلا أن السلطات الجزائرية رفضت دخوله، ليُعاد إلى فرنسا في المساء نفسه ويوضع في مركز الاحتجاز الإداري بـ”ميسنيل أملو”.

كما أوردت الصحيفة حالة “مختار. و.”، البالغ من العمر 35 سنة، والموضوع تحت إجراء الترحيل، والذي تمت إعادته هو الآخر إلى فرنسا بعد رفض الجزائر استقباله في منتصف تموز/ يوليو.

وفي نفس الموضوع، كان مصدر مسؤول بوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية قد أكد قبل أيام، أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بشأن رفض الاعتراف بجوازات السفر الجزائرية المسلمة للمهاجرين غير النظاميين تتسم بالتعسف وتمثل انتهاكاً للحقوق الفردية، وإخلالاً بالالتزامات الثنائية بين الجزائر وفرنسا.

وجاء هذا الرد بعد التصريح الذي أدلى به الوزير الفرنسي لصحيفة لوفيغارو، والذي أعلن فيه عزمه على توجيه تعليمات إلى المحافظات الفرنسية “بعدم الاعتداد بجوازات السفر التي تصدرها القنصليات الجزائرية للمواطنين الجزائريين لغرض الحصول على تصاريح الإقامة”.

وشدد المصدر على أن منح جوازات السفر يعد حقاً للمواطنين الجزائريين، واستصدارها هو واجب تتحمله الدولة الجزائرية بصفتها دولة سيدة، مضيفاً أن الاعتراف بهذه الجوازات يفرض نفسه على الدولة الفرنسية، ولا ينبغي التشكيك فيه أو تعطيله بقرارات أحادية الجانب.

ورأى المصدر أن تصريح الوزير الفرنسي يتصف بطابع تعسفي وتمييزي، ويُعد إساءة لاستعمال السلطة، لا سيما أنه يتعارض صراحة مع التشريع الفرنسي نفسه، ما يجعل الموقف غير مؤسس قانونياً ولا يستند إلى أي قاعدة من القانون الفرنسي.

وفي السياق ذاته، أوضح المصدر أن جوازات السفر الجزائرية المعنية تُسلَّم في الواقع بناءً على طلب من المحافظات الفرنسية نفسها، التي تعتبرها وثائق مرجعية لا غنى عنها في ملفات طلب تصاريح الإقامة، وهو ما يفضح التناقض في التصريح ويؤكد طابعه السياسي الواضح.

واعتبر المصدر أن عدم الاعتراف بهذه الجوازات، على النحو الذي جاء في تصريح وزير الداخلية الفرنسي، يشكل مساساً مباشراً بحقوق المواطنين، ويعكس انزلاقاً خطيراً نحو ممارسات تمييزية، لا تخدم العلاقات الثنائية ولا تراعي الالتزامات القانونية والإدارية القائمة بين البلدين.

وكان وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، قد صعّد لهجته تجاه السلطات الجزائرية، متهمًا القنصلية الجزائرية في مدينة تولوز بـ”تسليم مئات جوازات السفر لمهاجرين غير شرعيين”، واعتبر هذا السلوك “خرقًا صريحًا لمبدأ المعاملة بالمثل” بين البلدين، في ظل رفض الجزائر استعادة رعاياها الصادرة بحقهم أوامر ترحيل من الأراضي الفرنسية (OQTF).

ولم تترك الجزائر خلال أشهر الأزمة الأخيرة، أي إجراء فرنسي دون رد، وهو ما ظهر في قرارات طرد دبلوماسيين فرنسيين عقب اعتقال موظف قنصلي بفرنسا إلى جانب استدعاء القائم بالأعمال في السفارة الفرنسية والتلويح بورقة العقارات المشغولة من قبل المصالح الفرنسية في الجزائر، ناهيك عن تخفيض التبادل التجاري مع فرنسا إلى أدنى مستوياته، وهو ما تسبب في أضرار معتبرة لعدة شركات فرنسية كانت الجزائر تمثل أبرز أسواقها.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات